حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من التعامل مع إيران بصرف النظر عن قرار الولايات المتحدة تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية في اطار الاتفاق الموقت بشأن برنامج إيران النووي. ولكن إيران رغم هذا التحذير استقبلت زائرًا أميركيًا مهمًا على ما يبدو.


إعداد عبد الاله مجيد: هبطت في طهران يوم الثلاثاء الماضي طائرة مسجلة باسم مصرف يوتا التجاري الأميركي. وتوقفت الطائرة التي تحمل العلم الأميركي على ذيلها في مكان ظاهر من مطار مهر آباد في العاصمة الإيرانية.

وعدا هبوط الطائرة الأميركية وركنها في مكان مكشوف من المطار، فإن الغموض يكتنف سبب زيارتها وهويات ركابها. وأكد بريت كنغ المدير في مصرف يوتا قائلا quot;ليست لدينا فكرة عن سبب وجود الطائرة في ذلك المطارquot;. وأضاف كنغ أن مصرف يوتا يتعامل مع مستثمرين لديهم حصة في الطائرة وانه بدأ تحقيقًا في القضية.

شخصية مهمة

وقالت إدارة الطيران الفيدرالية إنها لا تملك معلومات عن المستثمرين في الطائرة أو الجهة التي تدير رحلاتها. واكتفى المسؤولون الذين كانوا ينتظرون الزوار على ارض مطار مهر آباد بالقول إن في الطائرة quot;شخصية مهمة جداquot; أو V.I.P.

ويُلاحظ أن مكتب الرقابة على الأرصدة الأجنبية في وزارة الخزانة، الذي يتولى متابعة تطبيق العقوبات ضد إيران، امتنع هو ايضًا عن التعليق. وبموجب القانون الأميركي، فإن أي طائرة أميركية تحتاج الى موافقة مسبقة من وزارة الخزانة للتوجه الى إيران.

كما امتنع المسؤولون الإيرانيون عن التعليق على الغرض من زيارة الطائرة أو هويات ركابها. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن المتحدث باسم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة حامد بابائي قوله quot;ليس لدينا أي معلومات في هذا الشأن وأُحيلكم الى المالكquot;.

رحلة تجارية quot;مشروعةquot;

وأصبح رصد الطائرات لعبة عالمية كما يتضح من آلاف الصور الفوتوغرافية التي ينشرها مصورون هواة لطائرات قادمة وأخرى مغادرة في محاولتهم اقتفاء مساراتها.

وفي حالة هذه الطائرة الأميركية مثلاً، رصدها مصور هاوٍ تغادر مطار زوريخ وقت انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري مطلع العام. ورصد مصور آخر مغادرة الطائرة من لندن الى غانا في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

ولكن رحلات هذه الطائرة تكتسب مغزى آخر حين يرصدها مراسل نيويورك تايمز تهبط في بلد مثل إيران ما زال مستبعدًا عن النظام المالي العالمي. واعترف حتى مسؤولون فيدراليون سابقون طلبوا عدم كشف اسمائهم بأن وجود طائرة تحمل العلم الأميركي على ارض مطار إيراني في وضح النار يعني أن رحلتها نالت موافقة بوصفها رحلة تجارية مشروعة.

والأكثر من ذلك، بحسب هؤلاء، فإن من المستبعد ان تكون الطائرة التي من السهل التعرف على هويتها، في مهمة دبلوماسية خاصة.

مهمة غامضة

ويزداد الغموض الذي يكتنف مهمة الطائرة تعقيدًا بأنظمة الطيران الفيدرالية التي تجعل من المتعذر عمليًا تحديد هوية المسؤول عنها. والمعروف أن ملكية الطائرات الخاصة تُسجل باسم صناديق لمساعدة رجال الأعمال الأجانب والشركات على الاستثمار في طائرات يمكن ان تحلق بحرية في اجواء الولايات المتحدة.

ولدى مصرف يوتا 1169 طائرة مسجلة باسمه، أكثر من أي مصرف أميركي آخر، كما تبيّن القاعدة البيانية لصحيفة نيويورك تايمز.

وقال المدير في البنك بريت كنغ انه ليس مسموحاً له أن يكشف هويات المستثمرين الذين سجلوا طائرتهم باسم البنك. وكان الدور المموَّه الذي تقوم به المصارف الأميركية في ملكية طائرات خاصة اتسع رغم الضوابط المالية لمراقبة أنشطة وول ستريت، وخاصة بعد الأزمة المالية عام 2008.

وتركز هذه الضوابط بصفة خاصة على مراقبة تعاملات المصارف مع إيران. وعلى سبيل المثال أن مصرف اتش اس بي سي توصل الى تسوية لا سابق لها كلفتها 1.92 مليار دولار مع السلطات الفيدرالية في عام 2012 بعد اتهامه بتحويل مليارات الدولارات لحساب إيران وتمكين عصابات مخدرات مكسيكية من مناقلة اموال غير مشروعة عبر فروعه في الولايات المتحدة.

وفي شأن الطائرة الغامضة التي حطت في طهران قال كنغ المدير في مصرف يوتا quot;إذا كان هناك أي مؤشر الى وجود نشاط غير قانوني، فإننا سنكتشفه وننظر في ما إذا كان علينا الغاء تسجيل الطائرة بإسمناquot;.
في هذه الأثناء يبقى لغز هبوط الطائرة الأميركية والتكتم على هويات ركابها موضع تكهنات ليس من المتوقع أن تتوقف قبل أن تنجلي قضيتها.