باريس: الايهام بالاعدام والجوع والظلمة ورقعة الشطرنج المصنوعة من علبة جبنة فارغة وتذكر الاحداث الكبرى في تاريخ فرنسا لتمضية الوقت او التراشق بكرات الثلج مع الخاطفين، تلك كانت حياة الصحافيين الفرنسيين الاربعة المفرج عنهم في سوريا.
فبعد يومين من الافراج عنهم بعد احتجازهم 10 اشهر على ايدي جهاديين في سوريا، روى الصحافيون الفرنسيون الاربعة بالتفصيل يومياتهم الصعبة لكنهم حرصوا في المقابل على عدم البوح بمعلومات قد تعرض صحافيين غربيين لا يزالون محتجزين في هذا البلد للخطر خصوصا الاميركيان اوستن تايس الذي فقد في اب/اغسطس 2012 وجيمس فولي الذي تعاون مع وكالة فرانس برس وفقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2012.
وخطف الصحافيان في اذاعة اوروبا 1 ديدييه فرنسوا (53 عاما) والمصور ادوار الياس (23 عاما) في السادس من حزيران/يونيو 2013 بعد ان عبرا الحدود التركية السورية.
وروى ديدييه فرنسوا للاذاعة quot;قال لنا رجال ملثمون لا تقلقوا قد نتمكن من معالجة الامور خلال ساعة (...) الا اننا وجدنا انفسنا بعد قليل من دون احزمة او احذية لكي لا نهرب وطبعا من دون هواتف نقالةquot;.
واضاف منذ الايام الاولى كان quot;الضغط كبيراquot; وبقيا اربعة ايام من دون طعام او شراب quot;وتم تكبيلنا بجهاز تدفئةquot;، موضحا ان الهدف من الضرب كان quot;القضاء على اي مقاومة لديناquot;.
وبعد اسبوعين في 22 حزيران/يونيو خطف نيكولا اينان (37 عاما) والصحافي لمجلة لو بوان الفرنسية بيار توريس المصور المستقل الذي خطف في الرقة شرقا.
وفي اليوم الثالث نجح اينان في الفرار وركض مسافة 10 كيلومترات quot;في الارياف السورية قبل ان يحتجز مجدداquot;. ولم يحاول ديدييه فرنسوا وادوار الياس الفرار. وقال ديدييه فرنسوا quot;بقينا دون احذية ل10 اشهرquot;. ثم quot;ارغمنا على ارتداء ملابس ذات الوان قوية وزاهية. فمن غير الممكن الا يراك احدquot;.
وبعد استجواب كل واحد على انفراد تم تجميع الصحافيين الاربعة وظلوا معا معظم الاوقات في quot;قبو بابه حديدي وضعت قضبان على كل فتحاتهquot;. وكبل الصحافيون الاربعة لشهر ونصف ولم يروا النور الا لاسبوعين او ثلاثة عندما كانوا في منزل.
وقال اينان انه تم نقلهم من مكان الى اخر 10 مرات واحيانا قرب خط الجبهة. وعانوا من البرد وقلة الطعام وكانوا يعرفون الساعة من اوقات الصلاة اليومية. وكان الصحافيون منقطعين تماما عن العالم الخارجي لكنهم علموا بوفاة نيلسون مانديلا التي ابلغهم الخاطفون بها.
ولتمضية الوقت صنع ادوار الياس مع ديدييه فرنسوا رقعة شطرنج من علبة جبنة فارغة. وبدأ الاثنان يستذكران الاحداث المهمة في تاريخ فرنسا ويعلم الواحد الاخر فن التصوير او الغطس.
ورفض الصحافيون التحدث عن العنف الجسدي. وذكر اينان ان quot;سوريا كانت على الدوام مركزا عالميا كبيرا للتعذيبquot;. واشار ديدييه فرنسوا الى quot;الضربquot; والايهام بالاعدام quot;بوضع المسدس على الجبينquot;.
ومع الخاطفين الذين كانوا يتحدثون الفرنسية بطلاقة، كانت المعاملة quot;قاسية احياناquot; وquot;هادئة احياناquot;. ويستذكر ديدييه فرنسوا quot;المشهد السرياليquot; عندما دخل الخاطفون الى الغرفة التي كنا مجتجزين فيها واعتقدنا انهم يدخلون الينا الطعام وبدلا من ذلك quot;ادخلوا كميات من الثلج وبدأوا يرشقوننا بهاquot;.