دفعت بلدة الطفيل اللبنانية، التي تشكل جيبًا داخل الأراضي السورية، ثمن موقعها الجغرافي، فباتت محاصرة وشبه معزولة بعد سقوط منطقة القلمون السورية في أيدي قوات النظام السوري.


بيروت: أرسلت السلطات اللبنانية الثلاثاء قافلة مساعدات إلى الطفيل، التي تبدو على الخريطة على شكل اصبع داخل الاراضي السورية ولا توجد طريق سيارات تربطها بلبنان، من اجل تقديم العون لآلاف المحاصرين داخلها منذ اسابيع.

لبنانية في سوريا

الطفيل بلدة لبنانية ذات غالبية سنية، تبلغ مساحتها حوالى خمسين كيلومترًا مربعًا، وتقع في اقصى سلسلة جبال لبنان الشرقية الحدودية مع سوريا.

منذ استقلال لبنان في العام 1943، يرتبط سكان الطفيل في كل تفاصيل حياتهم اليومية بسوريا. ففي سوريا يعملون، ومن سوريا يشترون حاجاتهم، وفي سوريا يتعالجون من امراضهم، وإلى سوريا يرسلون أولادهم لتلقي العلم وفق البرنامج التربوي السوري، ويحصلون على شهادات علمية رسمية سورية. لكنهم يقترعون لنوابهم ومسؤوليهم في لبنان.

للوصول إلى الطفيل من داخل الاراضي اللبنانية، لا بد من اجتياز الحدود عند نقطة المصنع، والسير داخل منطقة القلمون السورية، وصولًا إليها. تحدها من الناحية السورية ثلاث بلدات هي حوش عرب من الشرق، وعسال الورد من الشمال، وسهول رنكوس من الجنوب، بينما تحدها جرود بلدة بريتال ذات الغالبية الشيعية من الجهة اللبنانية.

ومنذ سقوط القلمون في ايدي قوات النظام، اقفلت الطريق على سكان الطفيل، لا سيما بعد أن اتهمهم موالون للنظام بأنهم متعاطفون مع مقاتلي المعارضة، الذين فر عدد منهم بحسب روايات عدة من القلمون إلى الطفيل.

حزب الله موجود

واعلن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق الاثنين، بعد مراجعات عديدة تلقاها من سكان الطفيل، أن السلطات ستتحرك لمساعدة الاهالي والنازحين السوريين الذين لجأوا إلى البلدة. كما أعلن أنه اجرى اتصالات مع حزب الله، حليف دمشق الذي يقاتل إلى جانب قواتها في سوريا، بهدف تسهيل مرور القافلة التي سلكت طريقًا وعرًا من بريتال، وصولًا إلى الطفيل، لم تكن صالحة للاستخدام، واجريت عليها بعض الاشغال خلال الساعات الاخيرة لفتحها امام السيارات.

وافادت وكالة الصحافة الفرنسية أن قطع مسافة حوالى 15 كيلومترًا من الطريق استغرق أكثر من ثلاث ساعات، نظرًا لصعوبة الارض الترابية الوعرة. ولدى الوصول إلى بلدة رأس الحرف، كان بالامكان مشاهدة مواقع عسكرية لحزب الله رفعت عليها اعلام الحزب، ونصبت خيم إلى جانبها، ورفعت حولها سواتر ترابية. وكان عناصر من الحزب موجودين داخلها من دون سلاح ظاهر.

قافلة مساعدات

تألفت القافلة من سيارات للصليب الاحمر وصهريجي بنزين وسيارات رباعية الدفع وشاحنات صغيرة محملة بألف حصة غذائية وخيم، وثلاثة آلاف بطانية ومستوصف نقال، بحسب ما اعلن العميد محمد خير، رئيس الهيئة العليا للاغاثة التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، الذي رافق القافلة حتى رأس الحرف. وواكب القافلة عناصر من الأمن العام وقوة من الجيش وقوى الأمن ومسؤولون في دار الفتوى وفي جمعيات خيرية.

وكان عدد سكان بلدة الطفيل قبل الاحداث الاخيرة في منطقة القلمون يصل إلى خمسة آلاف، بحسب السلطات اللبنانية، لكن عددًا كبيرًا منهم نزحوا خوفًا من وصول اعمال العنف إلى بلدتهم، ومن الحصار الذي بات امرًا واقعًا بعد سقوط القلمون. وأضاف العميد خير أن الموجودين حاليا في الطفيل هم ألف لبناني وثلاثة آلاف سوري.

لمن نتركها؟

وقال مختار الطفيل علي الشوم لوكالة الصحافة الفرنسية أن بين السوريين المتواجدين في البلدة من كان يسكنها قبل الاحداث، والقسم الآخر من المهجرين. وتابع: quot;قبل الاحداث، لم نكن نفرق بين لبنانيين وسوريين، نصطحب نساءنا إلى مشافي صيدنايا ويبرود والنبك ليلدن، ونشتري المواد الغذائية من سوريا، ونتعامل بالليرة السورية، ونصرف مواسمنا الزراعية فيهاquot;.

ونفى الشوم وجود مقاتلين سوريين في الطفيل، داعيًا الصحافيين إلى التحقق من ذلك بأنفسهم.

وداخل الطفيل، تجمع مئات السكان لاستقبال قافلة الفرج، فاطلقوا الزغاريد ورشوا الزهور على الوافدين. وقال احدهم: quot;نحتاج إلى من ينقذنا، لكننا لا نريد مغادرة ارضنا، فانا مزارع اعمل في الارض، لمن اتركها؟ فبعد خمسة عشر يومًا يبدأ الموسم الزراعي، من يشتريه منا؟quot;، مضيفًا أن لا ماء ولا كهرباء ولا مشفى في البلدة، ومطالبًا بانتشار الجيش اللبناني في البلدة.