فيما تتعثر عمليات تشكيل حكومة اقليم كردستان العراق الجديدة منذ 6 أشهر، تشهد أحزاب الاقليم هذه الايام عمليات انشقاقات طالت حزبين كبيرين. فبعد انشقاق حوالي 50 عضوًا من حزب طالباني وانضمامهم الى حزب بارزاني الاسبوع الماضي، فقد اعلنت اليوم مجموعة من اعضاء حركة التغيير انشقاقها وانضمامها الى حزب طالباني وسط اتهامات متبادلة .

أعلن مسؤول مقر حركة التغيير وعدد من أعضاء الحركة في منطقة أطراف أربيل خلال الساعات الاخيرة انضمامهم إلى صفوف الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني. وقال نبز حسن مسؤول مقر الحركة في المنطقة إن خطوته ورفاقه هذه تأتي بعدما تبين لهم بأن قيادة حركة التغيير والمتمثلة بشخص المنسق العام لها نوشيروان مصطفى تتخذ قراراتها بصورة فردية وبعيدة عن الشعارات التي تطلقها وهدفها الأساسي هو معاداة الإتحاد الوطني . وأوضح في تصريح صحافي نقله مكتب اعلام الاتحاد أن سبب استقالته هو الاتفاق الذي وقع بين حكومة التغيير والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني الاسبوع الماضي لتقاسم وزارات الحكومة الجديدة، وقال إن الاتفاق يجسد الديكتاتورية والانفراد بالقرار من قبل المنسق العام لحركة التغيير، ما يعتبر تهديداً لعملية الاصلاح في اقليم كردستان.
كما اعلن عثمان بانيماراني العضو البارز في حركة التغيير استقالته من الحركة وانضمامه لصفوف الاتحاد الوطني، موضحاً خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى المكتب السياسي للاتحاد الوطني أن القوة الوحيدة التي تمتلك القدرة على التغيير والاصلاح في هذه المرحلة هو الاتحاد، مؤكداً أن الاتفاق الذي وقع بين حركة التغيير والحزب الديمقراطي مخالف تماماً لنهج حركة التغيير. واضاف أن حركة التغيير لم تتمكن من تنفيذ البرنامج الذي اعلنته وسقف الاصلاحات فيها وصل الى طريق مسدود. وقال إن مشاركة حركة التغيير في الحكومة وتوقيعها اتفاقاً مع الحزب الديمقراطي مخالف تماماً لبرنامج الحركة.
يذكر أن القيادي السابق في الاتحاد الوطني الكردستاني نوشيروان مصطفى كان قد انشق عن الاتحاد عام 2009 وشكل حركة التغيير التي ظلت في صفوف المعارضة الى أن شاركت في انتخابات برلمان اقليم كردستان في ايلول (سبتمبر) الماضي، وحلت ثانية في عدد الاصوات التي حصلت عليها بعد حزب بارزاني ومتقدمة على حزب طالباني.
وجاءت عملية انشقاق اعضاء حركة التغيير هؤلاء بعد ثلاثة ايام من اعلان العشرات من اعضاء وقيادات حزب طالباني وانضمامهم الى حزب بارزاني احتجاجًا على ما قالوا إنه احتكار لقرار الحزب في القيادة. وجاءت هذه الاستقالات في وقت حرج ،حيث سيشهد الاقليم بعد 14 يومًا انتخابات مجالس المحافظات يأمل الاتحاد الوطني تحقيق تقدم فيها للتعويض عن خسارته للانتخابات البرلمانية للاقليم التي جرت في أيلول (سبتمبر) عام 2013 وحل فيها ثالثًا.
وكان حزب الاتحاد الوطني مني بهزيمة كبرى في الانتخابات البرلمانية التي شهدتها محافظات اقليم كردستان الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك التي جرت في أيلول الماضي حيث حل ثالثًا بعد الحزب الديمقراطي وحركة التغيير المعارضة المنشقة عنه. ومنذ ذلك الوقت يواجه الاتحاد مصاعب كبيرة وخلافات بين نواب طالباني في قيادته، ورفض برهم صالح قيادة الحملة الانتخابية للاتحاد في الانتخابات المقبلة . وبرغم مرور حوالي ستة اشهر على تلك الانتخابات فلم يتمكن اقليم كردستان من تشكيل حكومته الجديدة المكلف برئاستها نجيرفان بارزاني، رئيس الحكومة الحالي، نائب رئيس الحزب الديمقراطي، بسبب اصرار الاتحاد على الحصول على وزارات معينة.
وسبقت هذه الاستقالات من قبل قياديين في حزب طالباني اشتباكات دامية بين مسلحي الحزبين في التاسع من الشهر الحالي جراء التنافس الدعائي خلال الحملة الانتخابية الجارية الآن. فقد اندلعت مواجهات دامية بين انصار حزبي الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني في محافظة كركوك على خلفية التنافس الانتخابي بين الحزبين، حيث استخدمت فيها أسلحة متنوعة ما اسفر عن سقوط 19 جريحاً .
والإتحاد الوطني الكردستاني يعتبر أحد الأحزاب السياسية الكردية الرئيسية في العراق تأسس في الاول من حزيران (يونيو) عام 1975 ورفع شعار حق تقرير المصير والديمقراطية وحقوق الإنسان للشعب الكردي في العراق، وأحرز في أول انتخاب لبرلمان إقليم كردستان في عام 1992 على نصف مقاعد البرلمان البالغة 111 مقعدًا، إلا أن حجم نفوذه شهد تراجعًا عقب انشقاق القيادي نوشيروان مصطفى من صفوفه وتأسيسه حركة التغيير الكردية المعارضة، فضلاً عن أن غياب زعيم الحزب جلال طالباني عن الساحة إثر تعرضه لجلطة دماغية منذ اواخر عام 2012 ونقله الى العلاج في إحدى مستشفيات ألمانيا التي مازال يعالج فيها، قد ترك أثراً على الوضع الداخلي للإتحاد الوطني الكردستاني.