أثارت ملصقات انتخابية لأحد المرشحين لانتخابات مجلس النواب العراقي استغراب المواطنين، إذ كان فيها سنيًا في مناطق السنة، وشيعيًا في مناطق الشيعة، وعلمانيًا في مناطق أخرى بينما هو آشوري.



بغداد: لجأ الشيخ إياد الآشوري، المرشّح عن قائمة ائتلاف العراق، إلى اعتماد الخطاب الديني بصيغة غريبة لدى الجمهور المسلم في دعايته الانتخابية، عبر ابراز تحوله من المسيحية إلى الاسلام، فيما اعتبر نفسه حفيدًا لـ quot;جون العبدquot; و quot;وهب النصرانيquot; وهما الشخصيتان المسيحيتان اللتان قاتلتا مع الامام الحسين في معركة الطف.
وأكد عدد من اهالي مدينة الدورة في بغداد، التي يسكنها المرشح، انهم عرفوا مع انطلاق الحملات الدعائية للانتخابات في الاول من الشهر الحالي أن اياد جورج الآشوري أشهر إسلامه، وهم يعرفون عنه انه اطلق على نفسه لقب quot;شيخ الاشوريينquot;، وشاهدوا ذلك على الملصقات الدعائية الخاصة به التي ابرزت صورته واسمه (الشيخ أياد الآشوري) مرشحًا عن قائمة ائتلاف العراق، معلنًا فيها أنه (معتنق الإسلام على ولاية محمد وآل محمد، حفيد وهب وجون، فيما ظهرت ملصقات له بشكل اخر وهي تحمل شعار (الدين لله والوطن للجميع)، فيما حملت اخرى شعارا ثالثًا هو (معتنق الاسلام على دين محمد).
يهدد بمقاضاة مهاجميه
أكد المرشح اياد الاشوري لـ quot;ايلافquot; أنه ليس طائفيًا، ولم يخاطب الناس بحسب طوائفهم، لكنه رفض الاجابة عن لقب (الشيخ) التي يضعها امام اسمه، وقال: quot;انا شخصية معروفة وخادم للشعب، وقد اعلنت اسلامي قبل اكثر من 25 عامًا، وبالتحديد يوم 3 تموز (يوليو) 1988، وليس كما يشاع انني اشهرت اسلامي قبل الانتخابات هذه، وزوجتي علوية من عشيرة المكاصيص، وابني ضابط، ولست طائفيا، وما حصل اني كتبت في اللافتات الانتخابية التي وزعتها في بغداد عبارات تمجد الرسول (ص) وآل بيته والصحابة، وحتى حين كتبت اسم (جون ووهب) فما الضير في ذلك، فهؤلاء من اجدادنا واعتز بهما، واستشهدا مع الامام الحسين، واعتقد انها حرية شخصية ولا تخضع لاعتبارات طائفيةquot;.
أضاف: quot;أنا رجل مسلم، شيعي وسني، وأريد أن أوحد المسلمين تحت شعارات تمجد الرسول والصحابة، وحين كتبت (الدين لله والوطن للجميع) فهذا لأننا تعلمنا من الرسول الاعظم أن معنا في الوطن مسيحيين وصابئة وايزيدينquot;.
وتابع قائلًا: quot;سمعت الكثير من الكلام الذي يهاجم ترشيحي ولافتاتي، وسأقاضي قانونيًا وعشائريًا كل من يتهمني بالطائفيةquot;.
وتر حساس
اكد زيدون خضر، الموظف في وزارة البيئة، أن الدين صار الطريق الاسهل للبرلمان، quot;وصار وسيلة لمغازلة البسطاء واستدراجهم، فالمواطن العراقي بفعل العادات والتقاليد يرتبط بالدين ارتباطًا كبيرًا ويشعر بالرهبة والخوف من أي شيء له علاقة به، كما يؤمن بالغيبيات والرموز، لذلك سيطرت الاحزاب الدينية على البلد خلال دورتين انتخابيتين وسوف تسيطر في الانتخابات المقبلةquot;.
أضاف: quot;اراد الاشوري أن يعزف على وتر حساس عند الشيعة مثلًا، بانتمائه إلى شخصيتين يحترمهما الفكر الشيعي، وهما جون ووهب، لأنهما اشتركا في معركة كربلاء التي استشهد فيها الامام الحسين، ومن الجهة الاخرى اراد أن يستغل اسلامه مخاطبًا السنة، ويبدو انه ما اراد أن يخسر المسيحيين او غير المتدينين فأطلق صيحته الوسطية (الدين لله والوطن للجميع)، فماذا يفعل الرجل؟ يريد أن يصل إلى البرلمان بأي ثمنquot;.
ضحك على الذقون
اما بشار جميل، طالب جامعي، فأكد انه ضد الترويج للمرشيحين بالدين، وقال: quot;انا غير منزعج من كونه مسيحيًا وصار مسلمًا، فهو حر في اختياراته، لكن الذي يزعجني انه لبس عباءة الدين ونزل إلى الشارع يستعطف الاخرين عسى أن يمنحوه اصواتهم، وهذا الاستعطاف جاء غريبًا عجيبًا وصل حد الخديعة والضحك على الذقون او النفاق، حينما خاطب جميع الطوائف بشعارات انتخابية مختلفة، ولا اعرف سر ابقائه على لقبه (الاشوري) بينما هو يعلن انه اعتنق الاسلامquot;.
وأضاف: quot;اعتقد أن هذه الطريقة في اعلان المرشح اهانة للمسيحيين والمسلمين معًاquot;.
وقال الصحافي محمد ساهي البدري إن هذا هو حال كل المرشحين وقت الانتخابات، يعملون وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، quot;وهذا منتهى الانتهازية ويمكن أن اسميه الصيد في الماء العكر، فالمهم عند هذا المرشح الذي اشهر اسلامه قبل الانتخابات وملأ الشوارع باللافتات المتناقضة الشعارات ويخاطب بها مكونات مختلفة، وهو يريد الفوز بأية طريقةquot;.
من حضن إلى حضن
وقال الكاتب مكي السلطاني: quot;اشاهد في الكوفة، وتحديدًا في المدينة القديمة، اعلانات المرشحين للانتخابات، وعندما أتمعن بالاسماء أجد البعض يتقافز من حزب إلى آخر ومن كتلة إلى أخرى ومن حضن قائد ضرورة يدافع عنه حد الاستماتة إلى قائد ضرورة آخر، وتقرأ شعارات تتخذ من الدين وسيلة لاغراء الناس، ولذلك لا استغرب كثيرًا حين اجد الاخ المسيحي الاشوري يتخذ الطريق نفسه، ويحاول أن يستميل الناس اليه فالناس عاطفيون وينجذبون إلى مثل هذه الدعاياتquot;.
أضاف: quot;هذا دليل على عدم وجود موقف ولا ايمان بقضية، بل ركض خلف مصالح ذاتية ومنفعة وقتية، وليس مستغربًا أن تجد شخصًا متلون كالحرباء في الديانة والمذهب والموقف، فيتحول من المسيحية إلى الاسلام وينشر دعاياته حسب الوسط أن كان شيعيًا او سنيًا او ليبراليًا وعلمانيًا، وهذا هو الجهل والتخلف والامعان في تسطيح اراء واختيارات الجمهورquot;.