يعيش سكان بلدة الطفيل اللبنانية المحاصرة في أجواء من الترقب، متوقعين انقضاض قوات النظام السوري ومقاتلي حزب الله على بلدتهم الوادعة، دون مكان يلوذون به بعد أن أغلق حزب الله الطريق الوحيد المؤدي إلى خارج البلدة.
ويُقدر أن 5000 لاجئ سوري وعددًا من مقاتلي المعارضة هربوا إلى الطفيل من منطقة القلمون المتاخمة، بعد أن انتزعت قوات النظام السوري السيطرة عليها من المعارضة. وينتظر سكان البلدة ذات الأغلبية السنية ما يخبئه الغد لبلدتهم، التي تحيطها الأراضي السورية من الشمال والشرق والجنوب وتحدها من الغرب جبال يسيطر عليها مقاتلو حزب الله اللبناني المتحالف مع نظام بشار الأسد.
وأغلق حزب الله جميع الطرق المؤدية إلى الطفيل منذ العام الماضي، فيما قصفتها قوات النظام قبل أيام، وأسفر القصف عن إصابة عدة أشخاص بجروح والحق اضرارًا مادية بعدد من المنازل.
عزلة تامة
وقال السوري باسل السيد من سكان الطفيل، إن quot;لا شيء في البلدة، لا ماء ولا إسعافات طبية ولا شرطة ولا جيش ولا كهرباء، والقليل من المواد الغذائية. فنحن معزولون ولا نستطيع الذهاب إلى أي مكانquot;.
وتقع الطفيل في نهاية إصبع من الأرض اللبنانية شمالي دمشق مباشرة. ويسكنها خليط من نحو 3000 لبناني وسوري يتسوقون ويعملون في البلدات السورية المجاورة. ويتطلب السفر إلى اقرب قرية لبنانية رحلة طويلة على طريق ترابي يمتد نحو 20 كلم عبر جبال وعرة وجرداء.
واقام الجيبش اللبناني يوم الثلاثاء الماضي معبرًا حدوديًا موقتًا في ممر رام المرجوحة، لتمكين الصليب الأحمر من إيصال قافلة من سيارات الاسعاف وشاحنات محملة بالمواد الغذائية ووقود الديزل والأفرشة بعد اتفاق مع القيادي الأمني في حزب الله وفيق صفا، بوساطة نهاد المشنوق وزير الداخلية اللبناني.
تواجد حزب الله
ويسيطر حزب الله على الجبال القريبة من الطفيل، واقام في بعض الوديان المتاخمة معسكرات تدريب، وتمركز مقاتلوه مؤخرًا في مواقع جبلية تطل على الطفيل من جهة الغرب، لرصد حركة مقاتلي المعارضة. وكان الامتعاض بادياً على مقاتلي حزب الله من وجود الجيش اللبناني ومسعفي الصليب الأحمر وصحافيين في منطقة يعتبرها الحزب ملكًا صرفاً له. واعترض احد عناصر الحزب طريق مصور صحافي صارخًا quot;من دون صور، من دون صورquot;.
ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن رجل الدين السني في الطفيل الشيخ حسين غالي قوله quot;إن وجود قوى الأمن اللبنانية هنا اليوم كان السبيل الوحيد لدخول القافلةquot;.
قافلة اغاثة
ولاقت قافلة الإغاثة ترحيبًا حارًا من سكان الطفيل، فيما أعلن مسؤولون في حكومة بيروت أن بامكان المواطنين اللبنانيين أن يغادروا البلدة مع بقاء المواطنين السوريين، بمن فيهم اللاجئون. وعلى الضد من كل التوقعات، بسبب حالة الحصار التي تعيشها الطفيل، فإن جميع سكانها اللبنانيين تقريبًا اختاروا البقاء.
لن يرحلوا
وقال وائل دقو، وهو لبناني من سكان الطفيل، يعيش في بيروت إن أهالي البلدة قلقون من مجيء الجيش النظامي السوري ولكنهم مع ذلك لا يريدون الرحيل. واوضح دقو الذي عاد إلى بلدته مع قافلة الصليب الأحمر قائلاً quot;إذا غادروا فإنهم قد يفقدون ممتلكاتهم وحيواناتهم. نحن شعرنا بأننا نريد البقاء أيضاً ولكننا نأمل العودة في وقت قريبquot;.
وغادرت سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر حاملة معها تسعة جرحى، ثمانية منهم سوريون أُصيبوا في القتال.
ولكن بلدة الطفيل تبقى في وضع حرج. ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن مصادر قريبة من حزب الله أن الحزب يستعد لقتل أي مقاتلين سوريين ما زالوا في المنطقة أو القبض عليهم، فيما أكد مواطنون من سكان المنطقة أن اشتباكات تقع أحيانًا بين مقاتلي حزب الله ومقاتلي المعارضة السورية في الجبال القريبة.
ولا يُعرف ما إذا كان حزب الله سيعطي موافقته على إيصال قوافل اغاثة أخرى إلى الطفيل.ولكن إذا بقي الطريق المؤدي إلى البلدة مغلقاً بحواجز الحزب فإن سكانها قد يجدون أنفسهم قريبًا محاصرين في ساحة حرب بلا منفذ للرحيل إلى أي مكان.