مع توجه الناخبين العراقيين الأربعاء إلى صناديق الاقتراع، وتوقعات بعودة نوري المالكي لولاية ثالثة، تساءل تقرير صحفي بريطاني عمّا إذا كان العراق سيتمكن من النجاة كدولة واحدة.

نصر المجالي: كما هو حال الوضع الأمني المتوتر في ولاية المالكي الأولى العام 2006 ، فإن التقرير يقول إنه يواجه الآن فترة صعبة ولا شك في أنه يتوقع وقتًا عصيبًا في الانتخابات بعد الشكوى العامة من الفساد المتنامي وانقلاب الرموز الدينية عليه، لكن الحملة العسكرية التي شنّها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، قد تلعب دورها في إنقاذه.

ورأت صحيفة (إنديبندانت) البريطانية في تقرير تحت عنوان (العصيان السني المسلح قد ينقذ رئيس الوزراء العراقي المهووس بالأمن) أن المالكي (64 عاماً) من الممكن أن يواصل تواجده في منصب رئاسة الحكومة بعد الإنتخابات البرلمانية التي تجري الأربعاء، لكن السؤال الاصعب بعد هذه الانتخابات حسب الجريدة هو هل يتمكن العراق من النجاة كدولة موحدة؟.

وتشكك الصحيفة البريطانية في إمكانية حدوث ذلك لأسباب عدة منها أنه بعد 8 سنوات من ولاية المالكي، اصبحت القاعدة والمقاتلون المسلحون المتعاطفون معها على أبواب العاصمة بغداد، وعلى وجه الدقة على بعد 26 كيلومترًا من قلب العاصمة.

تقلص السيطرة

وتضيف أن كل يوم خلال العام الماضي كانت الحكومة العراقية تراقب تقلص سيطرتها على المحافظات السنية وتزايد حدة الهجمات والتفجيرات. ويشار الى أن الوضع الأمني كان سيئًافي بداية ولاية المالكي الأولى، حيث بدأت عمليات الخطف والتهجير والقتل الطائفي. فما كان من المالكي إلا أن أطلق في عام 2007 خطة لفرض القانون.

وكانت من بين أعمال هذه الخطة عملية صولة الفرسان على ميليشيا جيش المهدي في البصرة والناصرية وبغداد وبعض المحافظات التي كانت شبه خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة، وعمليات أم الربيعين في الموصل، وذلك لتفكيك تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى عدة عمليات عسكرية في المناطق الساخنة.

وتعتبر (الإنديبندانت) أن قمع الاحتجاجات السنية السلمية في نهاية عام 2012 قد تسبب في تحول الغضب السني إلى نوع آخر من الاحتجاج، وهو الانتفاضة المسلحة للسنة الذين خسروا السيطرة على البلاد بعد الإطاحة بصدام حسين لصالح التحالف الشيعي الكردي.

استعداء القبائل لداعش

وتوضح أن الحكومة العراقية نجحت في استعداء القبائل ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والجماعات المسلحة المتحالفة معها، والذين يسيطرون على محافظة الانبار ومساحات أخرى كبيرة.

لكن الصحيفة تشكك في إمكانية نجاح ذلك على غرار نجاح تجربة الصحوات التي دشنتها الولايات المتحدة للهدف نفسه عام 2006.

ويقول التقرير إن هذه السياسة لن تنجح في إيقاف الدولة الإسلامية من التوسع، حيث يتعاملون بحرص اكبر ويؤمنون مواقعهم بشكل كبير في محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين، كما أن لهم تواجداً قوياً جداً في محافظات ديالى وكركوك.

وتشير الصحيفة اللندنية إلى أن دولاً أخرى بالطبع ستلعب دوراً معتادًا في quot;تقرير مصير المالكي مثل الولايات المتحدة وإيران لكنّ أيًا منهما ليست متحمسة لبقائه في المنصب إلا أنها لا تجد بديلاً آخرquot;.

ويختم التقرير: quot;لا العراق ولا الولايات المتحدة ترغب في رؤية الحرب الاهلية في سوريا تثير القلاقل في العراق، رغم أنه يبدو أن الوقت قد أصبح متأخرًا على ذلكquot;.

منفى لربع قرن

يذكر أن المالكي كان عاد الى العراق من منفى امتد ربع قرن من الزمن في إيران وسوريا، بعد إسقاط نظام صدام حسين في 9 أبريل/ نيسان من عام 2003، واختير كعضو مناوب في مجلس الحكم العراقي الذي أسس من جانب سلطة الائتلاف الموقتة برئاسة السفير الأميركي بول بريمر.

كما شغل المالكي منصب نائب رئيس المجلس الوطني الموقت، وأسهم في تأسيس كتلة الائتلاف العراقي الموحد، والذي كان الناطق الرسمي باسمها، وهي التي رشحته لتولي مسؤولية رئاسة لجنة الأمن والدفاع في الجمعية الوطنية، وشارك في لجنة صياغة الدستور العراقي الذي كان عضوًا فيها.

وكان المالكي الحاصل على البكالوريوس في علوم الدين من جامعة بغداد والماجستير في اللغة العربية من جامعة صلاح الدين في اربيل، انضم إلى حزب الدعوة الإسلامية في العام 1970، وأصبح عضوًا في قيادة الحزب ومسؤولاً عن تنظيمات الداخل طيلة فترة تواجده في المنفى، وتولى مسؤولية الإشراف على صحيفة (الموقف) المعارضة، والتي كانت تصدر من دمشق.

وصدر للمالكي كتاب بعنوان (محمد حسن أبو المحاسن حياته وشعره)، وهذا الكتاب يروي حياة جد المالكي الذي كان احد عناصر ثورة العشرين، كما أنه كتب العديد من المقالات في المجالين السياسي والفكري.

وتولى نوري المالكي رئاسة (مكتب الجهاد) الذي كان مسؤولاً عن تنسيق الأنشطة داخل العراق، كما كان رئيسًا للهيئة المشرفة على مؤتمر المعارضة العراقية في بيروت عام 1990، وعضوًا فاعلًا في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية التي عقدت في شمال العراق وفي خارجه.