أكد السيسي خلال لقائه بوفد من الإعلاميين في مصر على أنه لم يكن راغبًا في الترشح للرئاسة إلا أن استدعاء الشعب إياه جعل الأمر واجب التنفيذ، وطالبهم بالابتعاد عن الخطابات الدينية المتطرفة المنتشرة مفتخرًا بأنه ترعرع في حي فيه المسيحي والمسلم.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يواصل المرشح الرئاسي الأوفر حظًا، عبد الفتاح السيسي، استقباله ممثلين عن مختلف فئات الشعب المصري. وفي ما وصفه مراقبون بأنه تأييد إعلامي كاسح للسيسي، توجّه وفد يضم مجموعة من رموز الإعلام في مصر إلى مقر حملته الرسمية، وعقد معه لقاء، بينما لم يلتق الوفد نفسه بالمرشح المنافس حمدين صباحي، ما يثير مخاوف المراقبين من غياب محتمل للحياد الإعلامي بشأن المنافسة الرئاسية.

ضم الوفد الإعلاميين: وائل الإبراشي، مقدم برنامج "العاشرة مساء" على قناة دريم، وخيري رمضان، مقدم برنامج "ممكن" على فضائية "سي بي سي"، ونائلة عمارة، وأسامة كمال، من قناة "القاهرة والناس"، ويوسف الحسيني، من فضائية "أون تي في"، ورولا خرسا، من فضائية "صدى البلد"، وعادل حمودة، رئيس تحرير جريدة الفجر الأسبوعية، ومقدم برنامج "معكم" على قناة النهار، وآخرين.

خطر الخطاب الديني
ووفقًا لتقرير لحملة السيسي حول اللقاء، فإن السيسي قال: "الإعلام يساهم في تشكيل الرأي العام بنسب كبيرة إلى جانب مؤسسات الأسرة والتعليم ودور العبادة"، لافتًا إلى أن "الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي يشكلون الجزء الأكبر من وعي الجماهير في الوقت الراهن".

وكشف السيسي أن بداية المشكلة في مصر كانت عندما ظهرت قيادات دينية بخلفيات متطرفة، وحاولت أن تحكم البلاد، مؤكدًا أن هذه القيادات نظرت إلى الواقع من دون أن تتحمل مسؤولياته، ولم تكن لديها خلفية علمية أو استراتيجية لبناء الدولة، قائلًا: "الخطاب الديني المنعزل عن الواقع خلق مشكلة في نسيج المجتمع المصري، وأنا عشت وترعرعت في حي ليست فيه أية مشكلة بين المسلم والمسيحي، ولم يكن أحد يسأل عن دين الآخر، ولكن وجدنا أنفسنا نتحرك في اتجاه مختلف، حتى بين المسلمين أنفسهم، نتيجة الخطاب المتطرف الذي أتحدث عنه".

أضاف: "أنا كنت داخل الجيش في أفضل وأنسب وضع يمكن لأحد أن يتصوره، من المكانة والمحبة والاحترام، ولكن حب البلد هو ما دفعني إلى الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، والحب لا يمكن أبدًا أن يكون بالكلام"، مشيرًا إلى أن "فقدان التواصل بين الإعلام وأجهزة الدولة مشكلة حقيقية، وإذا لم يأخذ الإعلام تدفقًا مناسبًا من الأخبار والمعلومات ستحدث مشكلة حقيقية، نظرًًا إلى أن الإعلام في هذه اللحظة سوف يتصرف طبقًا لما هو متاح لديه من معلومات، قد تكون غير دقيقة في غالب الأحيان".

مدخل إلى الوعي
وحذر السيسي من أن "الوطن لو سقط مرة فلن يعود ثانية، والمشكلة التي يعانيها البعض هي أنهم غير مدركين لما قد يحدث في المجتمع حال استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه"، موضحًا أن هذا لن يكون أبدًا في مصلحة الوطن، والإعلام هو المسؤول عن تشكيل وعي المواطنين، وهذا يحتاج دائمًا معلومات ودقة في الطرح والتناول، قائلًا: "الإعلام يهز وجدان المصريين، ويؤثر في معنوياتهم من دون أن يشعروا بذلك".

وفي رده على سؤال حول أحداث 30 يونيو (حزيران)، والفترة التي سبقتها، أكد السيسي أنه أخبر الرئيس السابق قبل 30 يونيو أن البلاد سوف تدخل في نفق مظلم حال استمرار الخلاف السياسي، قائلًا: "تعاملنا بمنتهى الشرف والأمانة مع الأحداث في مصر خلال فترة حكم الرئيس السابق، وأخبرته أن جماعته سوف تحوّل الخلاف السياسي إلى خلاف ديني وحرب مقدسة".

لدى سؤاله عن الأوضاع الأمنية خلال الفترة المقبلة والواقع الأمني الحالي، قال السيسي إن الأمن يواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن، ومستوى تعامل أجهزة وزارة الداخلية مع القضايا الأمنية المختلفة حاليًا جيد جدًا، إذا ما قورن بحجم التحديات الموجودة داخل المجتمع، مؤكدًا أن هناك تيار يرى أنه فقد فرصة العودة إلى المجتمع، بعدما تشكل رأي عام غير قابل لدعمه مرة أخرى.

وأشار المرشح الرئاسي إلى أن "العالم اليوم متعدد المصالح والعلاقات، ونحن لا نتخاصم مع الآخرين أو نعارض مصالحهم، طالما أن الآخرين يحترموننا، ولا يعتدون على حدودنا أو أرضنا"، مؤكدًا أن "مصر تواجه تحديات كبيرة في الوقت الراهن في الكثير من الاتجاهات الاستراتيجية، وليس على اتجاه واحد فقط".

الإرادة السحرية
وقال السيسي: "لا بد أن تكون هناك حلول مناسبة لمشكلات المصريين خلال المرحلة المقبلة، وأنا أمتلك عصا سحرية، وهى إرادة المصريين، القادرة على صناعة المستحيل". وتابع: "المصري الحقيقي هو من يعرف مشاكل بلده جيدًا، ولو استطعنا خلق حالة فهم حقيقية، فسوف نغير مستقبل مصر إلى الأفضل".

حول رموز الأنظمة السابقة وكيفية التعامل معها خلال الفترة المقبلة، رأى السيسي أن "كل من نطلق عليهم مجموعات مصالح هم في النهاية مصريون، ويجب أن نستدعي قوى الخير الموجودة لديهم بدلًا من استدعاء قوى الشر، والبلد كلها تحتاج تكاتفًا وتعاونًا، من دون إقصاء لأحد، فليس المطلوب أن نتخاصم مع الناس، ولو لم نحل مشكلات هذا البلد، لن تكون لنا أو لغيرنا".

وأشار المرشح الرئاسي إلى أنه سيعمل وفقًا لاستراتيجية تعتمد على محاور متوازية، نظرًا إلى أن الأوضاع في مصر وصلت إلى طريق لا يمكن خلاله أن نحلّ كل مشكلة على حدة، خاصة مع تراكم مشكلات لأكثر من 40 عام مضت.

بخصوص غيابه في الفترة الماضية عن وسائل الإعلام، فأكد السيسي أن التزامه بالقانون كان سببًا أساسيًا في ابتعاده عن وسائل الإعلام خلال تلك الفترة، داعيًا كل مواطن إلى ضرورة أن تكون لديه ثقافة احترام القانون.

كلنا منتصرون
وأوضح المرشح الرئاسي أن المصريين مروا بثورتين عظيمتين خلال السنوات الثلاث الماضية، من أجل حاجتهم إلى التغيير والطموح إلى الأفضل، ونحتاج خلال الوقت الراهن الحديث عن نقاط الاتفاق بين المصريين، وليس نقاط الخلاف والمناطق الشائكة قائلًا: "نحتاج الرفق ببعضنا البعض، وغلق الملفات القديمة، والتحرك إلى الأمام برؤية مختلفة، والقضية، التى نحن في صددها، ليس فيها مهزوم ومنتصر، فنحن نتكلم عن شعب ووطن".

وأضاف المشير : "الشعب استدعاني لمهمة صعبة، وهذا أمر واجب التنفيذ، على الرغم من أنني لم أكن راغبًا في هذا الأمر، وأنا بتلك العبارات لا أغازل أحدًا بأي شكل، فأنا لديّ قيم ومبادئ ثابتة، والوطن المصري يتسع للجميع".

ختامًا، شدد السيسي على أن "القوات المسلحة هي الركيزة والدعامة الحقيقية للدولة المصرية، وهي الضمير الوطني للمصريين، وليست ملكًا لأحد، بل ملك لكل المصريين، وهي لا ترى سوى مصر فقط، لا يسار أو يمين، أو أي توجه آخر".

&