أطلق لواء ليبي له نفوذ كبير، عملية عسكرية في مدينة بنغازي أطلق عليها اسم "كرامة ليبيا"، لتطهيرها من الكتائب المسلّحة التابعة لتنظيم أنصار الشريعة، لكن الجيش الليبي الرسمي تحفظ على العملية.


بنغازي: أطلق قائد القوات البرية السابق في ليبيا، اللواء خليفة حفتر، عملية عسكرية في المدينة أطلق عليها اسم "كرامة ليبيا"، لتطهيرها من الكتائب المسلحة التابعة لتنظيم أنصار الشريعة وميليشيات أخرى. وهو ما رفضته رئاسة الأركان التابعة للجيش. المزيد

وفي وضع تسوده الفوضى، دخلت قوات عسكرية تابعة للجيش الوطني الليبي وكتيبة الأهداف الحيوية التابعة لقوات جيش برقة، المؤيدة لحفتر، إلى مدينة بنغازي، واشتبكت مع عدد من الكتائب التابعة لتنظيم أنصار الشريعة، واستولت على أحد مقارها. كما حاصرت مقار أخرى في منطقة سيدي فرج قرب المدينة.

وقال قائد كتيبة سرايا شهداء ليبيا، محمد رمضان، لصحيفة "العربي الجديد" إن "قوات من الجيش (المشاركة إلى جانب حفتر) قصفت بالطيران الحربي العمودي مقر الكتيبة المتمركزة في مصنع الأسمنت ما أسفر عن وقوع جرحى".

وقالت وكالة (فرانس برس) إن قوات من سلاح الجو انضمت إلى مجموعة حفتر، وقصفت ثكنة تحتلها "كتيبة 17 فبراير" وهي ميليشيا إسلامية. وقالت المصادر نفسها إن هذه الميليشيا كانت ترد بنيران المدفعية المضادة للطيران.

كما إندلعت اشتباكات وسط المدينة، بجوار الميناء بين كل من كتيبة المشاة البحرية التابعه للجيش الليبي وقوات تابعة للدرع رقم 1، المنضوية ضمن غرفة ثوار ليبيا بقيادة وسام بن حميد.

وقالت تقارير صحافية إن مطار بنينة الدولي في المدينة تم إغلاقه لوجود اشتباكات مسلحة بالقرب منه بين قوات من الجيش الليبي وكتائب مسلحة، فيما أكد شهود عيان سيطرة قوات الجيش على مداخل بنغازي لمنع أي إمدادات للكتائب في الداخل.

وقال المتحدث باسم قوات حفتر، لقناة "ليبيا أولاً" إن المجموعة تسمي نفسها "الجيش الوطني"، وتؤكد أنها "تقوم بعملية واسعة لتطهير بنغازي من الجماعات الإرهابية".

وتسعى عملية "كرامة ليبيا" إلى طرد الكتائب المسلحة التابعة لتنظيم "أنصار الشريعة" وميليشيات رفضت الانضمام للجيش والشرطة. وكان حفتر قد دعا المنتسبين إلى الجيش الوطني وقدامى العسكريين للانضمام لمعسكر الرجمة شرق المدينة، للبدء بالعملية التي قام بالإعداد لها منذ شهر تقريباً.

والقوات التي يقودها اللواء حفتر تابعة لوزارة الدفاع وقدامى العسكريين، الذين لا يزالون على علاقة قوية بالجيش الليبي.

من جهتها، أصدرت رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي أوامرها لقطاع الدفاع الجوي في بنغازي بمنع أي قوات عسكرية أو غير عسكرية لا تتبع له بالوجود في مقار القطاع. وحمّل رئيس الأركان، اللواء عبد السلام جاد الله العبيدي، قادة القطاع مسؤولية أي تحركات تخرج من مقر القطاع للقيام بأي عمل خارج الشرعية.

وكانت رئاسة الأركان العامة قد حملت في التاسع من شهر مايو (أيار) الجاري، المسلحين المؤيدين لحفتر والموجودين في مقر الدفاع الجوي في منطقة الرجمة، مسؤولية أي أضرار قد تحدث للمواطنين ومواشيهم والتلوث البيئي الذي قد يحدث جراء بعض التصرفات التي وصفتها بالعبثية.

وقالت الرئاسة، في بيان لها، إن المسلحين الموجودين في مقر الدفاع الجوي بهذه المنطقة قد قاموا، ليلة الأربعاء الماضي، بإلقاء قذيفة "أر بي جي" على مستودع صواريخ الدفاع الجوي بالمعسكر المذكور. ودعت رئاسة الأركان العامة المسلحين المحسوبين على حفتر إلى ضرورة ترك أسلحتهم والانضمام إلى الجيش الشرعي الليبي والمساهمة في بناء الدولة الليبية.

وطالبت رئاسة الأركان العامة من رئاسة أركان الدفاع الجوي بضرورة التحقيق والتوضيح الكامل لكل ملابسات دخول هؤلاء المسلحين للمعسكر والبقاء فيه، وكل تصرف قد قاموا به. وكانت أنباء قد تحدثت عن وجود صراع خفي بين وزارة الدفاع التي تضم عناصر الجيش الليبي وفرقه القديمة، وبين رئاسة الأركان التي تسيطر عليها شخصيات في المؤتمر الوطني، بحسب "العربي الجديد".

وتواترت الأنباء عن تأزم الصراع بين الطرفين، بعد رفض كثير من الميليشيات المسلحة والكتائب والدروع الانضمام إلى الجيش الليبي، ما دفع رئاسة الأركان إلى شرعنة تلك الكتائب ومنحها صلاحيات تأمين المدن وحماية الثورة.

وتشهد بنغازي ودرنة، شرق ليبيا، التي انطلقت منها شرارة الثورة، اغتيالات وتفجيرات ضد عسكريين وشرطيين وقضاة، قامت بها ميليشيات متشددة تتبع تنظيم "أنصار الشريعة".

من هو اللواء حفتر؟

حفتر هو ضابط سابق في الجيش الليبي، وكان من القادة العسكريين الذين ساهموا مع معمر القذافي في الانقلاب العسكري الذي أوصله إلى سدة الحكم عام1969. لكنه اختلف معه وغادر ليبيا إلى المهجر قبل أن يعود بعد اندلاع ثورة 17 فبراير (شباط) 2011 لينضم إلى "جيش التحرير الوطني".

كان عضوا في "مجلس قيادة الثورة" الذي انبثق من الانقلاب الذي قاده القذافي. وكان يُعرف بميوله الناصرية العلمانية مثل أغلب مجموعة الضباط الوحدويين الأحرار التي شكلها القذافي عام 1964، والتي وضعت حدا للحكم السنوسي في ليبيا في الأول من سبتمبر (أيلول) 1969.

قاد حفتر الحرب التي دارات في ثمانينات القرن العشرين بين ليبيا وتشاد بسبب الصراع على إقليم أوزو الحدودي بين البلدين، وكان ضمن مئات الضباط الليبيين الذين أسروا خلال إحدى المعارك العسكرية نهاية مارس/ آذار 1987.

وداخل سجنه، بدأ حفتر يأخذ مسافة من نظام القذافي، وقاد مساعي مع مئات من رفقائه العسكريين داخل سجون تشاد، وتوجت تلك المساعي عام 1987 بالانخراط في الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المعارضة للنظام الليبي، ثم تأسيس وقيادة الجيش الوطني الليبي الذي مثل جناحها العسكري.

لم يعمر الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر طويلا، فبعد وصول إدريس ديبي للسلطة في تشاد, تم تفكيك هذا الجيش, وتولت طائرات أميركية نقل مجموعة كبيرة من عناصره إلى الكونغو الديمقراطية ثم إلى الولايات المتحدة, من ضمن هؤلاء قائد الجيش خليفة حفتر.

بقي حفتر داخل الولايات المتحدة، واستمر معارضا لنظام القذافي. وبعد اندلاع الثورة عاد إلى ليبيا وتحديدا إلى بنغازي منتصف مارس (آذار) الماضي للمشاركة في الجهود العسكرية والسياسية الهادفة إلى إسقاط النظام.

وفي فبراير من العام الجاري، أطلق حفتر دعوة من أجل تجميد عمل المؤتمر الوطني (البرلمان) والحكومة الليبية، وفهمت دعوته تلك على أنها إنقلاب، لكنها لم تجد صدى لها في أوساط المسلحين والثوار.