تتصاعد حدة الأزمة النفطية بين بغداد وأربيل، حيث هدد الأكراد بالانفصال اذا لم تستمع الحكومة المركزية لمطالبهم وطالبوا واشنطن بعدم التدخل في الصراع بين الطرفين، وقالوا إن من الافضل لها الصمت.


لندن: قال مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان فلاح مصطفى اليوم إن الأكراد إما أن يكونوا شركاء حقيقيين ضمن العراق الفيدرالي الاتحادي، وأن يتم التعامل معهم وفقاً لمبادئ الدستور الدائم للبلاد أو أنهم سيقررون بأنفسهم قراراتهم المتعلقة بمصلحة اقليم وشعب كردستان.

وأضاف في بيان صحافي نشرته رئاسة الاقليم رداً على اعلان السلطات العراقية اتخاذ إجراءات قانونية ضد تركيا إثر إعلان أربيل وأنقرة البدء بتصدير نفط إقليم كردستان إلى الأسواق العالمية، "ما عملناه في اقليم كردستان كان ضمن اطار مبادئ الدستور والقانون، ومنذ فترة يتم وضع العراقيل أمام ذلك لكننا لن نستطيع الانتظار أكثر،&فالعالم يفهم أن لاقليم كردستان هذا الحق".

وشدد على أن اقليم كردستان أصبح بإمكانه اليوم انتاج النفط وتصديره للموانئ العالمية، وأن يصبح مصدراً موثوقًا للطاقة في العالم. وقال: "نحن نعمل في مجال الطاقة منذ سنوات،&والعديد من الشركات درست الدستور العراقي، وجلبت خبراء للتباحث حول هذا الموضوع،&ثم توصلوا إلى قناعتهم الحالية بقانونية بيع الاقليم للنفط.

وأكد مصطفى التزام الاقليم بالدستور "ويؤمن بأننا إما أن نكون شريكاً حقيقيًا في العراق أو لا نكون، لذا يتوجب على السلطات في بغداد أن تشعر بأن الأكراد يجب أن يكونوا شريكاً حقيقياً ضمن اطار الدستور وأن يُمنحوا حقوقهم، وإلا فإنه يجب قطع العلاقة" بين بغداد وأربيل.

واتهم مصطفى بغداد بتجاهل القضايا الكردية المهمة متسائلاً: "لماذا لا تجيبنا بغداد بخصوص تعويض المتضررين من القصف الكيميائي لمدينة حلبجة؟، لماذا لا تجيبنا حول تدمير نحو 4500 قرية في اقليم كردستان؟، لماذا لا تجيبنا حول قتل 8 آلاف من البارزانيين وآلاف المؤنفلين في منطقة كرميان و12 ألف كردي فيلي؟ لماذا لا يحترمون القوانين والاعراف الدولية ويقدمون شكوى؟".

وأضاف قائلا "فلتحقق بغداد الامن والاستقرار ولتوفر الكهرباء والخدمات للمواطنين بعدها يمكنها التحجج ضد اقليم كردستان، وفي الحقيقة لقد مللنا من التصريحات التي يدلي بها المسؤولون في بغداد، والتي لا معنى لها لأنهم مخطئون إذا اعتقدوا أننا سنطأطئ الرأس أو نخضع لكل ما يريدونه".

وحول رفض واشنطن تصدير نفط اقليم كردستان من دون موافقة بغداد، رد مصطفى قائلا " مع احترامنا للولايات المتحدة لكن قرار الكرد بأيديهم ونأمل أن تتفهم اميركا المشاكل السياسية، وأن لا تضع نفسها وسط الصراع بين بغداد وأربيل، وأن تتخذ موقف الحياد، وإذا التزمت جانب الصمت، فإن ذلك افضل برأينا لأن ما نفعله هو في مصلحة كردستان وشعب كردستان ونحن لن ننتظر لنعرف من الذي يبلغنا بأننا على صواب، أو الذي يبلغنا بأننا على خطأ".

واشنطن ترفض تصدير أربيل نفطها منفردة وبغداد تقاضيها

وقد أكدت الولايات المتحدة الاميركية رفضها لخطوة حكومة اقليم كردستان العراق ضخ النفط الى اوروبا عبر تركيا دون موافقة الحكومة المركزية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف في مؤتمر صحافي إنه "لا ينبغي على أي من الاطراف (الحكومة المركزية وحكومة الاقليم) اتخاذ أية خطوة من دون اتفاق مسبق ... لقد كنا واضحين جداً حول ذلك منذ زمن بعيد ونحن لا ندعم ذلك".

&وأكدت هارف على "ضرورة أن تعود الاطراف الى طاولة المفاوضات والحوار مع الآخر من اجل التوصل الى اتفاق شامل حول تصدير النفط". وأشارت إلى أنّ "العراق يواجه ظروفًا صعبة و من المهم لكافة الاطراف أن تعمل لتوحيد البلاد وتتجنب كل ما من شأنه تكريس الفرقة ومفاقمة التوترات".

وعبرت عن قلقها من أن تؤدي هذه الخطوة الى زعزعة استقرار العراق مؤكدة قلق بلادها من "التأثير المحتمل لاستمرار تصدير النفط بهذه الطريقة". وقبل ذلك قدمت الحكومة العراقية، طلب تحكيم ضد الحكومة التركية وشركة بوتاش لتشغيل خطوط الأنابيب إلى غرفة التجارة الدولية التي مقرها باريس بشأن بيع النفط من إقليم كردستان العراقي شبه المستقل.

وقالت الحكومة العراقية في بيان الجمعة، "أعلنت وزارة النفط بجمهورية العراق اليوم أنها قدمت طلب تحكيم ضد الجمهورية التركية وشركتها بوتاش لتشغيل خطوط الأنابيب المملوكة للدولة." وذكر العراق أنه يسعى لوقف "النقل والتخزين والتحميل غير المصرح به للنفط الخام، الذي تضخه حكومة إقليم كردستان في خط أنابيب العراق-تركيا".

وقالت حكومة إقليم كردستان بدورها إن أسواقاً أوروبية اشترت أول شحنة من النفط المنقول عبر خط أنابيب من الإقليم إلى تركيا، مضيفة أنه سيتم إيداع الإيرادات في بنك خلق التركي. وكان زير الطاقة التركي تانر يلدز قد أعلن الخميس الماضي إن إقليم كردستان العراق بدأ تصدير أول شحنة من النفط الخام عبر ميناء جيهان التركي على البحر الأبيض المتوسط، على الرغم من نزاع قائم منذ فترة طويلة مع بغداد بخصوص تقاسم إيرادات النفط.

وقال يلدز إن الشحنة الأولى من الخام المنقول عبر خط الأنابيب، وتبلغ مليون برميل، يجري تحميلها في ميناء جيهان التركي، حيث جرى تخزين نحو 2.5 مليون برميل من نفط كردستان. ورفض يلدز الإدلاء بتعقيب بخصوص المشتري، لأن عملية البيع نفذت عبر حكومة إقليم كردستان.

وكان إقليم كردستان العراق قد شحن نحو 2.5 مليون برميل من النفط الخام إلى صهاريج للتخزين في جيهان عبر خط أنابيب جديد قام ببنائه، وبدأ تدفق النفط فيه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وانتظرت أنقرة موافقة بغداد قبل السماح لكردستان بتصدير النفط بشكل مستقل. لكن مصادر قالت إن تركيا تعتقد أنها أتاحت وقتاً كافياً للدبلوماسية وإنه لا فائدة تذكر من تأجيل الصادرات في ظل امتلاء الصهاريج.

وكان وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، تانر يلدز قد أكد في وقت سابق أن مشروع تصدير نفط شمال العراق إلى الأسواق العالمية عبر تركيا سيصب في مصلحة الجميع،& وأشار إلى أن وزارته تبذل جهوداً حثيثة من أجل رفع القدرة الاستيعابية لخط "كركوك - يومورطاليك".