تعمل قوات العمليات الخاصة الأميركية على مكافحة الارهاب في أربعة بلدان في شمال وغرب أفريقيا، من خلال تشكيل وحدات نخبوية خاصة في برنامج سري بدأ منذ العام الماضي.


لندن: يعمل خبراء من قوات العمليات الخاصة الأميركية على تشكيل وحدات نخبوية لمكافحة الارهاب في أربعة بلدان في شمال وغرب أفريقيا، يقول مسؤولون أميركيون إنها دول محورية في توسيع الحرب ضد فروع تنظيم القاعدة في القارة الأفريقية، معترفين في الوقت نفسه بصعوبة العمل مع دول ينعدم فيها الاستقرار.&
وبدأ البرنامج السري العام الماضي لتدريب وتسليح مئات من افراد القوات الخاصة، الذين جرى اختيارهم بعناية فائقة في ليبيا وموريتانيا والنيجر ومالي. وتساهم وزارة الدفاع الأميركية في تمويل البرنامج من الانفاق، المصنَّف للبنتاغون، فيما ينفذه مدربون بينهم خبراء من ذوي القبعات الخضر وقوة دلتا التابعة للجيش. &
ويهدف البرنامج إلى بناء فرق أفريقية لمكافحة الارهاب قادرة على محاربة مقاتلين من عيار مقاتلي جماعة بوكو حرام الاسلامية المتطرفة في نيجيريا، حيث خطفت اكثر من 200 تلميذة في نيسان (ابريل). &
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مايكل شيهان الذي اقترح البرنامج حين كان مسؤول العمليات الخاصة في البنتاغون قوله "إن تدريب قوات محلية لمواجهة التهديدات في بلدانها هو ما علينا ان نفعله". ويعمل شيهان الآن رئيس مركز مكافحة الارهاب في كلية ويست بوينت الحربية المعروفة في الولايات المتحدة. &
&
وفي وقت يريد الجيش الأميركي توسيع دائرة عملياته ضد الإرهاب في أفريقيا، من المتوقع أن يقف الرئيس اوباما في ويست بوينت يوم الأربعاء لتأكيد سياسته الخارجية في تفادي الدخول في حروب ارضية واسعة، كحرب افغانستان والعراق والتشديد بدلاً من ذلك على تدريب قوات دول حليفة وشريكة لمكافحة الجماعات المسلحة المتطرفة في اراضيها. &
وتنفذ الولايات المتحدة استراتيجية متعددة المحاور في أفريقيا، حيث استخدمت الطائرات الحربية بدون طيار في الصومال من قاعدتها العسكرية الوحيدة على أرض أفريقية في جيبوتي، ودعمت قوات أفريقية محلية وقوات كوماندو فرنسية ضد جماعات اسلامية متطرفة في كل من الصومال ومالي، وكثفت برامجها لتدريب قوات أفريقية في مكافحة حركات التمرد المسلحة.&
&
نفقات
وتنفق وزارة الدفاع الأميركية في اطار البرنامج السري الجديد في أفريقيا نحو 70 مليون دولار على التدريب وتوفير معدات لجمع المعلومات الاستخباراتية، وغير ذلك من أشكال الدعم، لبناء وحدة متخصصة بمكافحة الإرهاب في النيجر، وأخرى مماثلة في موريتانيا. وقال مسؤول كبير في البنتاغون إن هذه الوحدات ما زالت "في طور التكوين".&
ولكن البرنامج لم يبدأ في مالي، حيث ما زالت الحكومة المدنية الجديدة تعاني من آثار الانقلاب العسكري الذي وقع العام الماضي. وفي ليبيا، تلقت خطة التدريب الأولى ضربة قاصمة في آب (اغسطس) عندما سيطرت مجموعة من مقاتلي احدى الميليشيات على قاعدة تدريب خارج طرابلس، بعد تجريد حراساتها الضعيفة من السلاح، وسرقة مئات الأسلحة الآلية ونواظير الرؤية الليلية والعربات ومعدات أخرى وفرتها الولايات المتحدة للقاعدة.&
&
بحث عن موقع آمن
وتسبب الحادث في إيقاف برنامج التدريب وإعادة المدربين الأميركيين إلى بلدهم. &ويبحث المسؤولون الليبيون والأميركيون الآن عن موقع آمن لاستئناف البرنامج. &ولكن حادث السرقة والأحداث التي شهدتها ليبيا منذ ذلك الحين فرضت على المسؤولين الأميركيين أن يعيدوا النظر في طريقة اختيار المتدربين الليبيين.
وقال الجنرال باتريك دوناهو قائد القوات الأميركية في أفريقيا "إن من الضروري التأكد من الأفراد الذين ندربهم، ولا يكفي تطبيق القاعدة المتعارف عليها في ما إذا كان المتدرب إرهابيًا أو مجرمًا، بل التأكد من ولاءاته، وما إذا كان مخلصًا لبلده أو ما زال مرتبطًا بميليشياته".&
ويستوحي البرنامج الجديد لتدريب وحدات صغيرة متخصصة بمكافحة الارهاب في أفريقيا، برامج أوسع نفذتها القوات الخاصة الأميركية في العراق وافغانستان. وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن المسؤولين في البنتاغون رفضوا التعليق على البرنامج الجديد، ولكن وثائق التمويل تكشف عن بعض التفاصيل ومنها رصد اكثر من 16 مليون دولار في ليبيا لبناء وحدتين نخبويتين مع عناصر اسنادهما "لمواجهة تهديدات الارهابيين والمتطرفين"، بحسب الوثائق.
&
تكلفة بالملايين
وفي موريتانيا رُصدت نحو 29 مليون دولار للوجستيات وتزويد معدات مراقبة لإسناد الوحدة النخبوية الخاصة. & & &
وفي النيجير حيث تقلع طائرات استطلاع أميركية بلا طيار للتحليق في اجواء مالي بهدف اسناد القوات الفرنسية وقوات الأمم المتحدة هناك، رصدت الولايات المتحدة 15 مليون دولار لبناء وحدة النيجر الجديدة المتخصصة بمكافحة الارهاب. ويشكل هذا التمويل جزءًا من 39.5 مليون دولار رُصدت هذا العام لتدريب وتسليح جيش النيجر في مواجهة عمليات التسلل عبر حدودها مع مالي ونيجيريا وليبيا.&
واوضح رئيس مركز مكافحة الارهاب في كلية ويست بوينت الحربية مايكل شيهان أن فريقاً يضم 12 عسكرياً من افراد قوات العمليات الخاصة الأميركية يستطيع أن يدرب نحو 50 جنديًا في البداية وزيادة العدد بعد ذلك. &
وقال بيتر فام، مدير المركز الأفريقي في مؤسسة اتلانتيك كاونسل للأبحاث والسياسة العامة في واشنطن، إن على الولايات المتحدة ان تتخذ قراراتها بعد دراسة متأنية قبل الاستثمار في برامج تدريب طموحة، لمكافحة الارهاب، مشيرًا إلى دروس مالي، حيث انشقت وحدات نخبوية مدرَّبة اميركياً وانضمت إلى المقاتلين الاسلاميين الذين سيطروا على شمال مالي. &

خلفية المتدربين
ويؤكد مسؤولون اميركيون أن خلفية المتدربين يجب أن تخضع لتمحيص دقيق ويجب مراقبتهم بعناية لاحتمال ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الانسان أو تغيير ولاءاتهم. &ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي فريدريك ويهري، الذي زار ليبيا عدة مرات، قوله "إن أي وحدة ندربها يمكن أن تُستخدم لملاحقة خصوم سياسيين بدلاً من القاعدة". &&
وكان انهيار برنامج التدريب في "معسكر يونس" على بعد نحو 25 كلم من طرابلس فتح عيون الأميركيين على المخاطر التي يمكن أن تهدد مثل هذه البرامج. إذ عُهدت حراسة الأسلحة والمعدات الأميركية في مستودعها بالليبيين، كما ذهب مسؤولون عسكريون اميركيون. وفي غارة قبل فجر الرابع من آب (اغسطس) سيطر مسلحون من إحدى الميليشيات المحلية على الحراس الليبيين وسرقوا المعدات والأسلحة من مخزنها. &&
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين عسكريين اميركيين مطلعين، أنهم يعتقدون أن الغارة نُفذت بتواطؤ من داخل المعسكر، وان ضابطًا أو جنديًا ليبيًا ابلغ المليشيا بالمعدات والأسلحة المخزونة في المستودع. وظهرت بعض الأسلحة المسروقة لاحقًا على الانترنت معروضة للبيع في السوق السوداء.
&
وأنهت الحادثة على الفور دورة تدريبية كان المسؤولون الأميركيون والليبيون يأملون بأنها ستطلق من جديد برامج تدريبية اوسع، توقفت بعد الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي عام 2011.&
وقال ضابط سابق في قوات العمليات الخاصة الأميركية، إن هناك درسًا أكبر لأي برنامج تدريب لاحق في ليبيا يتمثل في أن المطلوب أكثر من الاشراف، للتوثق من تطبيق اجراءات المحاسبة والمتابعة بحيث لا تأتي ميليشيا من الخارج وتسيطر على معسكر التدريب. &
&