يحفز فوز الأكراد بانتخابات محافظة كركوك العراقية الشمالية الغنية بالنفط شهيتهم لتصعيد المطالبة بضمها لاقليمهم الشمالي.. فيما طالبت حكومة بغداد نظيرتها الكردستانية بايقاف ما أسمته عمليات تهريب النفط إلى تركيا فوراً.


لندن: طالب عارف طيفور، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني والنائب الثاني لرئيس مجـلس النواب العراقي، بضم محافظة كركـوك (225 كم شمال شرق بغداد) إلى اقلـيم كردستان الشمالي بسبب تقدم الأكراد في الانتخابات البرلمانية فيها، داعيًا في الوقت ذاته الامم المتحـدة والمنظمات الدولية للاعتراف بهذا الواقع السكاني.

وقال طيفور إن حصول الأكراد على ثمانية مقاعد في انتخابات كركوك في مجـلس النواب المقبل اثر الانتخابات العامة التي جرت في 30 من الشهر الماضي مقابل مقعدين للعـرب ومقعـدين للتركمان، "دليل على أن معـظم سكـان المحافظة (البالغ عددهم حوالي مليون نسمة) هـم من القومية الكـردية وفـوز المكون الكردي في هذه العملية الديمقراطية رسالة واضحة للجميع، وبالذات لمن يشـكك بكردستانية كركوك".

وتضم كركوك خليطًا من التركمان والأكراد والعرب والمسيحيين، وهي مشمولة بالمادة الدستورية 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، والتي يرفض التركمان والعرب فيها ضمها لاقليم كردستان الذي يحكمه الأكراد منذ عام 1991 ويطالبون بتحويلها إلى اقليم مستقل بذاته.

وطالب طيفور في تصريح صحافي مكتوب تلقته "إيلاف" الثلاثاء الأمم المتحـدة والمنظمات الدولية "بالاعتراف الرسـمي بهذا الواقع السـكاني والجـغرافي والعـمل من أجـل عـودة كركوك إلى أحـضان كردستان لأنه استحـقاق تاريخي ولكي تصبح المحافظة الخـامسة ضمن محـافظات الإقليم، وكذلك عـودة الحـقوق إلى أصحابها الشرعيين من الكـرد والتركمان ورفع الحـيف عنهم ممن تضرروا جـراء سياسات التغيير السكاني والتعـريب القسري الذي أتبعه النظام البائد في المناطـق الكردستانية وبالإمكـان معالجة المشـاكل الأمـنية التي تعاني منها المحافظة اذا تم إلحاق إدارتها بحكـومة إقـليم كردستان"، على حد قوله.

وأكد قائلاً "أن كركوك سـوف تبقى مدينة عراقية بهوية كردستانية ونموذجًا للتـآخي والتعـايش السـلمي لجميع مكونـاتها من الكـرد والتركـمان والعــرب والكلـدان والسـريان والآشــوريين، وأن الحـقـوق ستكون محفوظة للجميع في العيش بأمان وسلام".

ودعا طيفور الامم المتحـدة والمنظمات الدولية إلى "الاعتراف الرسـمي بهذا الواقع السـكاني والجـغرافي والعـمل من اجـل عـودة كركوك إلى احـضان كردستان".. مشددًا على أن "هذا استحـقاق تاريخي وكركوك محافظة خامسة ضمن محـافظات الاقليم (إضافة إلى اربيل والسليمانية ودهوك وحلبجة)، ويجب عـودة الحـقوق إلى أصحابها الشرعيين من الكـرد والتركمان ورفع الحـيف".

وكان قد تم تشكيل مجلس محافظة كركوك عقب سقوط النظام السابق في نيسان (ابريل) عام 2003، من ممثلي القوميات الرئيسة الأربع في كركوك، مع مراعاة حالة التوافق، بغرض تنظيم أمور المحافظة وملء الفراغ الإداري والتشريعي فيها.

وأكمل المجلس دورته الأولى مع انجاز العملية الانتخابية، التي جرت في الثلاثين من كانون الثاني (يناير) عام 2005، حيث انبثق عن تلك العملية ميلاد أول مجلس منتخب للمحافظة، عن طريق الاقتراع السري والمباشر.

وجاءت النتائج المصادق عليها من قبل المفوضية المستقلة العليا للانتخابات بممثلين للقوائم الفائزة لشغل 41 مقعداً في مجلس محافظة كركوك، وأسفرت النتائج عن حصول قائمة كركوك المتآخية الكردية على 26 مقعداً، وجبهة تركمان العراق على ثمانية مقاعد، والتجمع الجمهوري العراقي على خمسة مقاعد، والائتلاف الإسلامي التركماني والتجمع الوطني العراقي على مقعد واحد لكل منهما.

بغداد تدعو أربيل لوقف "تهريب" نفطها إلى تركيا فورًا

طالبت حكومة بغداد نظيرتها الكردستانية اليوم بايقاف عمليات تهريب النفط إلى تركيا فوراً وتسليم النفط المستخرج من حقول الاقليم إلى وزارة النفط والافصاح عن مصير الايرادات المالية للنشاطات النفطية طيلة السنوات الماضية.

ورفضت وزارة النفط العراقية في بيان اليوم الثلاثاء عمليات تهريب النفط العراقي المستخرج من حقول إقليم كردستان، وتصديره بمساعدة تركيا عبر منفذ ميناء جيهان بطريقة غير قانونية، ومن دون موافقة الحكومة الاتحادية ووزارة النفط، والذي تعده مساساً بالسيادة والثروة الوطنية ، ويتنافى مع الدستور والقوانين والاعراف والاتفاقيات الدولية.

وعبّرت الوزارة عن رفضها وبشدة "للتصريحات والتهديدات الصادرة من حكومة الاقليم مؤخرًا في تجاوز صارخ على السيادة الوطنية وتماديها في ذلك كثيراً، "وافتقرت إلى الحلم والحكمة والموضوعية وخلط الاوراق في محاولة لتضليل الرأي العام وإخفاء حقيقة تجاوزاته على الثروة الوطنية طيلة السنوات الماضية لابتزاز الحكومة الاتحادية في محاولة يائسة للحصول على مكاسب غير مشروعة على حساب الشعب العراقي وثروته السيادية".

وأكدت الوزارة إلى أنّها "لن تسمح بتاتاً المساس بالثروة الوطنية وستعمل بكل الوسائل والطرق القانونية للحفاظ عليها لأن هذه الثروة هي ملك لأبناء شعبنا سواء في أربيل أو الانبار أو البصرة أو السليمانية أو ميسان أو ديإلى وغيرها من المحافظات".

وطالبت الوزارة حكومة الاقليم بترك لغة التهديد وعدم تكرارها مستقبلاً، "لأنها لن تجدي نفعًا مع من يضعون المصلحة الوطنية وفق كل اعتبار". وقالت إنها "تراهن على شعبنا والقوى الوطنية الخيرة في الاقليم وفي مدن العراق كافة لرفض هذه التجاوزات التي تهدف إلى تمزيق وحدة البلاد والاضرار بثروته النفطية وتهديد مستقبله، وأن الاقليم سيكون أول المتضررين من ذلك، وهذا ما لا نقبل به، وأن وزارة النفط سوف لا تتوانى في الدفاع عن حق شعبنا في الاقليم أو المحافظات الأخرى قبل غيرهم وإعادة الامور إلى نصابها الصحيح ".

واوضحت وزارة النفط العراقية أنه ومدى السنوات الماضية كانت حكومة إقليم كردستان تتسلم حصتها من الموازنة العامة للعراق وبنسبة (17%) في حين أنها لم تفِ بالتزاماتها بموجب قوانين الموازنة المركزية بدءاً من قانون موازنة عام 2012 الذي نص على أن يسهم الإقليم بـ (175) ألف برميل في اليوم في صادرات العراق النفطية، مما تسبب في خسائر مالية للموازنة الاتحادية.

وقالت إنه وفي عام 2013 لم تفِ حكومة الإقليم أيضًا بالتزاماتها التي نص عليها قانون الموازنة العامة، ولم تسلم الكميات المنصوص عليها في الموازنة، وهي (250) ألف برميل في اليوم، مما تسبب في عجز تجاوز التسعة مليارات دولار في موازنة العام المذكور.

وأضافت أن قانون الموازنة المركزية لعام 2014 الذي ينتظر التصويت عليه من قبل البرلمان يلزم الإقليم بتسليم (400) ألف برميل يوميًا إلى الحكومة الاتحادية لتصديرها من قبل شركة تسويق النفط "سومو" وهو ما لم تلتزم به حكومة الاقليم رغم مرور اكثر من اربعة اشهر من العام الحالي، مما سبب ذلك بأضرار وخسائر وعجز كبير في الموازنة ".

وعبّرت الوزارة عن استغرابها من بيان حكومة الإقليم من أن التصدير عبر ميناء جيهان التركي ما هو إلا استمرار لما كان يتم سابقاً بعلم وزارة النفط، وهو ادعاء لا يمكن تفسيره إلا بكونه تضليلاً متعمداً للحقائق، خصوصاً وأن بيان الإقليم هو أول اعتراف رسمي بضلوعه في عمليات التصدير بالشاحنات بعد سنوات من النفي. وأشارت إلى "امتناع وزارة الثروات الطبيعية في الإقليم عن حضور جلسات المحكمة الاتحادية التي كانت تنظر في الدعوى التي اقامتها وزارة النفط متجاهلة الدعوات المتكررة من هيئة المحكمة للبت في القضية، وهو ما يتناقض مع ادعاءات الإقليم بأن تصديره النفط حق دستوري".

واعتبرت الوزارة لجوءَها إلى دعوى التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية ضد تركيا وشركة بوتاس، حقاً قانونياً تضمنته اتفاقيات الأنبوب العراقي – التركي، لا لزام الحكومة التركية التقيد ببنود الاتفاقيات المبرمة مع الحكومة العراقية ووزارة النفط، والتي تنص في بعض فقراتها على أن استخدام الأنبوب والخزانات وعملية تحميل النفط في ميناء جيهان أن تكون حصرًا بوزارة النفط الاتحادية العراقية.

ورفضت ما قالت حكومة الإقليم من أن التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية مخالف للقانون العراقي والدولي لعدم كون الإقليم طرفاً فيه، ما ينم عن تضليل واضح للقضايا، "فالعراق لم يلجأ إلى التحكيم الدولي في قضية دستورية داخلية بشأن حق التصدير، التي هي من اختصاص المحكمة الاتحادية وطرفها الإقليم لكن التحكيم يخص خرقاً واضحاً لنص في اتفاقية مع الجانب التركي بشأن حصر استخدام الأنبوب وتحميل النفط في جيهان، والإقليم ليس طرفاً في تلك الاتفاقية فلا يُعقل أن يكون طرفاً في التحكيم ".

وأكدت عدم صحة ما ورد من أن الإقليم قام بدعوة سومو لحضور تحميل النفط في جيهان، واوضحت أنه "على العكس منه فقد مُنع ممثلو سومو وشركة نفط الشمال من حضور ذلك، وهو ما شكل خرقًا آخر لاتفاقيات الأنبوب العراقي التركي".

وكانت حكومة اقليم كردستان العراق قالت اليوم إنها بدأت بتصدير نفطها إلى الخارج من اجل تمكنها من دفع رواتب موظفيها التي قطعتها عنهم حكومة بغداد منذ اشهر، مؤكدة أنها ستستمر في تصدير النفط.
وقال سفين دزيي الناطق الرسمي بإسم حكومة إقليم كردستان إن "الحكومة ستعتمد على مبيعات النفط التي باشرت بها في منح رواتب لموظفيها خلال الأشهر المقبلة". وأضاف أن حكومة إقليم كردستان ستستمر في تصدير النفط، وفي الوقت نفسه ستستفيد من إيراداته لتوفير جزء من رواتب موظفي الاقليم.

وأشار دزيي في بيان صحافي اطلعت على نصه "ايلاف" أن بيع النفط بالكمية الحالية في هذه المرحلة لن يسد جميع إحتياجات إقليم كردستان لأن الإقليم بحاجة إلى تصدير 400 إلى 500 ألف برميل يومياً لضمان توفير جميع الإحتياجات الضرورية.. واوضح أن الإقليم بحاجة إلى حوالي 150 ألف برميل من المحروقات يومياً وبالامكان تصدير الفائض إلى الخارج.

وأضاف أن الزيارة الأخيرة لرئيس وزراء إقليم كردستان نجيرفان بارزاني إلى الدول الأوروبية، وأجرى خلالها محادثات مع عدد من المراكز المالية والبنوك الدولية، استهدفت الحصول على قروض لإقليم كردستان "لكي نتمكن من خلال هذه القروض ومبيعات الموارد النفطية ضمان دفع رواتب الموظفين". وقال "إن حكومة الإقليم ستحاول خلال الأشهر المقبلة وبالاعتماد على المبيعات النفطية من حل مشكلة الرواتب إلى حد كبير".

وكانت الولايات المتحدة الاميركية أكدت الاحد الماضي رفضها لخطوة حكومة اقليم كردستان ضخ النفط إلى اوروبا عبر تركيا دون موافقة الحكومة المركزية.

وكان إقليم كردستان العراق قد شحن نحو 2.5 مليون برميل من النفط الخام إلى صهاريج للتخزين في جيهان عبر خط أنابيب جديد قام ببنائه، وبدأ تدفق النفط فيه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وانتظرت أنقرة موافقة بغداد قبل السماح لكردستان بتصدير النفط بشكل مستقل، لكن مصادر قالت إن تركيا تعتقد أنها أتاحت وقتاً كافياً للدبلوماسية وإنه لا فائدة تذكر من تأجيل الصادرات في ظل امتلاء الصهاريج.