تدرس الحكومة التونسية منذ أسابيع امكانية إعادة العلاقات مع النظام السوري، رغم رفض الرئاسة لهذا الاجراء، ومساء السبت، حُسم الأمر بقرار يقضي بفتح "مكتب إداري" في دمشق.


إسماعيل دبارة من تونس: قررت وزارة الخارجية التونسية، فتح "مكتب إداري" لها بسوريا، لكنها تمسكت بعدم عودة العلاقات الديبلوماسية مع نظام الأسد.

وقالت تونس إنّ مهمة هذا "المكتب الإداري" هي "تقديم الخدمات الإدارية والاجتماعية للجالية التونسية ولكافة التونسيين في هذا البلد".

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية التونسية عن الناطق الرسمي باسم وزارة الشؤون الخارجية، مختار الشواشي، قوله إنّ وزارة الخارجية "شرعت في الإجراءات العملية لفتح هذا المكتب بعد التنسيق مع السلطات السورية"، معربًا عن الأمل في "الانطلاق قريبًا في تقديم الخدمات الضرورية للجالية ولكافة التونسيين المقيمين في سوريا، بمن فيهم القابعون في السجون السورية".

لا علاقات ديبلوماسية

أكد الشواشي أن قرار فتح هذا المكتب لا يعد خطوة نحو إعادة العلاقات الديبلوماسية، بل إن مهمته ستكون إدارية بحتة، على حد تعبيره.

وفي تونس، جدل محتدم بين رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية حول موضوع العلاقات مع سوريا، فالرئيس المرزوقي الذي طرد السفير السوري في تونس، مصرّ على عدم إعادة العلاقات مع هذا البلد الذي يشهد نزاعاً مسلحاً دموياً منذ أكثر من 3 سنوات، في حين تخشى الحكومة على أوضاع الجالية التونسية هناك، والتي ظلت بلا سند منذ قطع العلاقات بين البلدين.

جرائم الأسد

في 6 فبراير 2012، قرر الرئيس محمد المنصف المرزوقي، طرد السفير السوري بتونس وبدأ إجراءات سحب أي اعتراف بنظام الأسد احتجاجًا على ما وصفته رئاسة الجمهورية آنذاك، بـ"الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد في حق الشعب السوري".

وتتهم سوريا تونس، وخاصة حركة النهضة التي قادت الفترة الانتقالية الأولى في تونس، بإرسال "ارهابيين" للقتال في صفوف المعارضة السورية التي تسعى إلى الاطاحة بالأسد.

وقتل مئات التونسيين في سوريا، واعتقل آخرون، وعادة ما يسافر شباب تونسي لـ"الجهاد" في صفوف المعارضة السنية المتطرّفة استجابة لفتاوى متشددين.

وقامت السلطات مؤخراً بإجراءات كثيرة لمنع التونسيين من القتال في سوريا، وعطّلت سفر أكثر من 8 آلاف شاب، حسب وزارة الداخلية.

تونس مع الثورة السورية

يشير التسلسل الزمني لقرارات تونس في ما يتعلق بالأزمة السورية إلى اعتراف كامل بالثورة، ففي 6 فبراير، قامت حكومة الترويكا (إئتلاف أحزاب النهضة والمؤتمر والتكتل)، بطرد السفير السوري ودعت تونس بالمقابل سفيرها بدمشق إلى العودة.

وقد برّر وزير العدالة الإنتقالية انذاك سمير ديلو هذا القرار بـ"تأزم الأوضاع في سوريا بسبب المجازر التي ارتكبها بشار الأسد ضدّ الشعب السوري". كما دعا رئيس الوزراء التونسي حينها الاسلامي حمادي الجبالي الدول العربية إلى طرد سفراء سوريا لديها، احتجاجًا على ما أسماه "القمع الدموي للحركة الاحتجاجية في سوريا".

وفي 7 فبراير 2012، أعلن رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي أن تونس "سحبت اعترافها بشرعية حكم نظام بشار الأسد".

وفي 24 فيفري من نفس العام، نظمت حكومة الترويكا التونسية وبحضور أكثر من ستين دولة (مؤتمر أصدقاء سوريا) بمشاركة المجلس الوطني السوري المعارض، وبعض مكونات المعارضة السورية الأخرى، وهو ما رفضته المعارضة التونسية حينها.

الأحزاب ترفض قطع العلاقات

العديد من الأحزاب والمنظمات والجمعيات التونسية رفضت قرار قطع العلاقات مع نظام الأسد بدعوى الخوف على التونسيين هناك،

واعتبرت منظمات وأحزاب في 2012، قرار المرزوقي، "سابقة في الأعراف الديبلوماسية وخطوة متسرعة لم تأخذ&في الاعتبار العلاقات العريقة بين البلدين ومصلحة الجالية التونسية في سوريا".

وينظم قوميون ونشطاء عروبيون موالون للنظام السوري، بإنتظام وقفات احتجاجية في تونس، للمطالبة بعودة العلاقات بين البلدين.