مع أدائه اليمين الدستورية، ودخوله قصر الإتحادية يوم الأحد الموافق الثامن من يونيو (حزيران) العام 2014، يدشّن عبدالفتاح السيسي عهد الجمهورية الثالثة في مصر.


نصر المجالي: عبد الفتاح سعيد حسين خليل السيسي المولود في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) العام& 1954)، هو سادس رئيس فعلي لمصر والعاشر في فترات الولاية الرسمية والانتقالية أوالموقتة.

وسبقه في تولي المنصب السيادي الرفيع منذ العام 1953 وحتى العام 2013 كل من محمد نجيب، جمال عبدالناصر، زكريا محي الدين، صوفي أبو طالب، أنور السادات، حسني مبارك، محمد حسين طنطاوي، محمد مرسي وعدلي منصور.

وكان السيسي الذي خلع قبل الانتخابات الأخيرة بزة المشير لخوض الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو (أيار) الماضي، حقق فيها فوزاً كاسحاً ، ضد منافسه الوحيد حمدين صباحي.

وهذه&المرة الاولى في تاريخ مصر تتم مراسم تسليم رئيس منتهية ولايته هو الرئيس الموقت عدلي منصور إلى رئيس منتخب.

وكان الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح السيسي انحاز لمطالب الشعب المصري في مظاهرات 30 يونيو (حزيران) المليونية 2013 فخلع الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) منهياً بذلك الفترة اليتيمة لحكم الإخوان المسلمين الذين أحبطوا معنويات المصريين وخذلوهم بعد وصولهم إلى سدّة الحكم.

تعهدات

ومع تسلمه مهام الرئاسة في مصر، فإن الرئيس السيسي ابن حي الجمالية القاهري الفقير، كان قدم تعهدات بعد إعلان فوزه يتعيّن عليه تنفيذها، وفي مقدمتها تعهده بالعمل على تحقيق "العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية" للمصريين.

وقال إن تحقيق "العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية" يحتاج إلى أن يتعاون المصريون ويعملون معه. كما أن السيسي يواجه تحديات عدة على رأسها إصلاح الاقتصاد المتدهور والفقر ومنع أي أزمات سياسية جديدة.

وتعهد السيسي كذلك، بمواجهة الإرهاب والتصدي لأي أعمال عنف تهدد البلاد التي شهدت تصاعد هجمات مسلحين في المدن المصرية الكبيرة وشبه جزيرة سيناء، في أعقاب الإطاحة بالرئيس الإخواني محمد مرسي.

ومثل هذه التعهدات يجد السيسي نفسه أمام واجب تنفيذها، وإلا فإنه سيواجه مصير من سبقوه، وتحديداً حكم جماعة الإخوان التي لم تنفّذ أياً من تعهداتها الانتخابية للمصريين.

كثير من عواصم القرار وصانعيه عبر العالم، يتابعون الموقف في مصر وخاصة أداء السيسي الذي ورث دولة "منقسمة" على ذاتها، بفعل التحركات المريبة داخلياً وخارجياً لجماعة الإخوان المسلمين، فضلاً عن أنها منهكة اقتصادياً.

كان السيسي وضع نفسه تحت دائرة الضوء يوم الثالث من يوليو (تموز) حين ألقى بياناً بثه التلفزيون الرسمي وبحضور عدد من قادة القوى السياسية المعارضة لمرسي، وشيخ الأزهر أحمد الطيب، والبابا تواضروس بابا الاسكندرية، حيث أعلن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإلغاء العمل بالدستور، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور بتولي منصب رئيس الجمهورية بشكل موقت.

نقطة تحول

كانت تلك الخطوة بمثابة نقطة تحول في شعبية السيسي في مصر، حسب وصف هيئة الإذاعة البريطانية لواقع الحال آنذاك، حيث بدأت صوره تكسو العديد من الميادين والأماكن العامة في البلاد، وذلك وسط استمرار لتظاهرات مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي الذين يصفون تلك الخطوة بأنها "انقلاب عسكري" على أول رئيس منتخب في مصر.

لكن السيسي وقف بثبات طوال تلك الفترة بعد الخطاب وحتى إعلان ترشيحه للرئاسة، مؤكداً للداخل المصري أولاً، ثم للخارج أن الخطوة التي اتخذها كانت ضرورية، وليست طمعاً في السلطة، لأن الشعب لم يجد من يهتم لأمره، في إشارة إلى الرئيس المعزول محمد مرسي، مضيفاً أن الحكومة المدعومة من قبل جماعة الإخوان المسلمين لم تحقق مطالب الشعب الذي خرج للاحتجاج في 30 يونيو (حزيران) 2013.

لقد وقف الجيش المصري الذي انحاز لشعبه بثبات هو الآخر الى جانب قائده المشير السيسي، فحين قرر رئيس الجمهورية الموقت عدلي منصور في 27 يناير (كانون الثاني) ترقية السيسي إلى رتبة مشير، سارع المجلس الأعلى للقوات للاعلان عن قراره في اليوم نفسه بأنه "للمشير عبد الفتاح السيسي أن يتصرف وفق ضميره الوطني ويتحمل مسؤولية الواجب الذي نودي إليه، خصوصاً وأن الحكم فيه هو صوت جماهير الشعب فى صناديق الإقتراع"، في إشارة إلى دعم القوات المسلحة لترشحه للرئاسة إذا قرر ذلك في ما بعد، وهذا ما حصل.

دعم عربي وضغوطات غربية

غداة الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين، واجهت مصر ضغوطات من دول غربية بقيادة الولايات المتحدة بضرورة تسريع خطوات "خريطة الطريق" مع اتهامات لكنها تراجعت في وقت لاحق بأن القوات المسلحة قامت بـ(انقلاب عسكري) ضد سلطة شرعية منتخبة.

وخلال زيارات لمسؤولين أميركيين وغربيين تأكد للجميع عزم السلطات الموقتة الجديدة في مصر على تنفيذ الخطوات التي وعدت بها، فوضعت دستوراً جديداً وأجرت انتخابات رئاسية في المهلة المحددة، بانتظار الدعوة لانتخابات تشريعية عامة لانتخاب مجلس برلمان جديد.

مقابل المواقف الغربية (المواربة ـ والمشككة)، وقفت دول عربية منذ اللحظة الأولى بحزم لدعم السلطات المصرية الجديدة وقادت التحرك العربي المملكة العربية السعودية، ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت والأردن ومملكة البحرين.

مهمات ودراسات عسكرية

وإلى ذلك، يشار إلى أن الرئيس السيسي الآتي من المؤسسة العسكرية، كان أصغر أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة سنًا قبل اختياره لمنصبه كقائد عام للقوات المسلحة المصرية ووزير الدفاع الرابع والأربعين منذ 12 أغسطس (آب) 2012.

وشغل الرئيس الجديد قبل ذلك موقع رئيس فرع المعلومات والأمن بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، قائد كتيبة مشاة ميكانيكية، ملحق دفاع بالمملكة العربية السعودية، قائد لواء مشاة ميكانيكية، قائد فرقة مشاة ميكانيكية (الفرقة الثانية)، رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، قائد المنطقة الشمالية العسكرية، ومدير المخابرات الحربية والاستطلاع.

وكان الرئيس السيسي بدأ حياته العسكرية عام 1970 كطالب في المدرسة الثانوية الجوية، وتخرج من الكلية الحربية المصرية عام 1977 حاصلاً على درجة البكالوريوس.

كما أنه حاصل على درجة الماجستير من كلية القادة والأركان عام 1987، وعلى درجة الماجستير من كلية القادة والأركان البريطانية عام 1992 بنفس التخصص، وزمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003، وكذلك& زمالة كلية الحرب العليا الأميركية العام 2006.
&