قد يكون السبب إجتماعيًا أو نفسيًا أو تقاعسًا في القانون، غير أنه من غير المقبول أن يشهد لبنان ازدهارًا لثقافة العنف، مع نجاة إمرأة من تعنيف زوجها واغتصاب طفل وقتلِه في عكار.

بيروت: إمرأة تنجو من القتل الزوجي، وجريمة مروّعة في عكار يذهب ضحيتها طفل سوري اعتُدي عليه جنسيًا ثم طُعن حتى الموت، إنها ثقافة العنف التي تزدهر في لبنان بصورة كبيرة في الأيام الأخيرة، فلم تمرّ ثلاثة أشهر على إقرار قانون حماية النساء من العنف، حتى برزت قضية تعرض تمارا حريصي لعنف من زوجها كاد أن يقضي عليها.

بشكل ملموس

توضح الخبيرة القانونية فاديا لبّس لـ"إيلاف" أن قانون حماية النساء من العنف يساعد على حماية النساء من تكرار العنف، لكن هناك بعض المشاكل والصعوبات تواجه النساء المعنفات، إذ ليس بمقدور النساء المعنفات الحصول على قرار حماية من النيابة العامة بعد الإبلاغ عن حالة العنف، وتحتاج النساء إلى الحصول على قرار الحماية من قاضي الأمور المستعجلة.

كما أن أبرز المشاكل أمام تطبيق القانون، يبقى في عدم تعاطي عناصر الشرطة المحلية من قوى أمن داخلي بجديّة، ففي حالات عدة، لم يتجاوب العناصر الموجودون في المخافر مع النساء، "خصوصًا إن لم يكن العنف من النوع القاتل"، وقد استدعى الأمر مراجعة وزارة الداخلية وقيادة قوى الأمن، إلى أن أصدرت هاتان الجهتان تعاميم شدّدت على ضرورة تطبيق القانون وهدّدت بعقوبات قاسية لمن لا يلتزم بتطبيق القانون من عناصر الشرطة.

ويبقى القول إن تعنيف النساء والأطفال هو أشهر أنواع العنف البشري انتشارًا في زمننا هذا، ورغم عدم وجود دراسة دقيقة تُبين نسبة هذا العنف الأسري في مجتمعنا، إلا أن آثاره بدأت تظهر بشكل ملموس على السطح مما ينبىء أن نسبته في ارتفاع، وتحتاج من كافة أطراف المجتمع التحرّك بصفة سريعة وجدّية لوقف هذا النمو وإصلاح ما يمكن إصلاحه.

عنف عصري

وظاهرة العنف الأسري جاءت نتيجة للحياة العصرية، فالضغط النفسي والإحباط، المتولّدان من طبيعة الحياة العصريّة اليومية، يعدان من الأسباب الأولية والأساسية لمشكلة العنف الأسري. وتقول المحلّلة الإجتماعية رندة سلوان لـ"إيلاف" إن "العنف سلوك مكتسب يتعلّمه الفرد خلال فترة التنشئة الاجتماعية، فالأفراد الذين يكونون ضحية له في صغرهم، يُمارسونه على أفراد أسرهم في المستقبل.

وتضيف:" إن المبادىء الثقافية والاجتماعية تلعب دورًا محوريًا في تبرير العنف". أما الأكثر تعرضًا للعنف الأسري فبحسب سلوان تبقى الزوجة الضحية الأولى، ويبقى الزوج هو المعتدي الأول.

وتكون أسباب العنف عادة& تعاطي الكحول والمخدرات، ومن ثم تأتي الأمراض النفسية والاجتماعية لدى الزوج أو حتى الزوجة. عن أشكال العنف تقول سلوان إن أبرز أشكاله تتجلى بالضرب، وبالحبس والحرمان من وجبات الطعام، وكذلك التهجّم اللفظي والتهديد.

أبرز الحلول

وتبقى أبرز الحلول الاجتماعية لمسألة التعنيف الأسري من خلال تقديم استشارات نفسية واجتماعية وأسرية للأفراد الذين ينتمون إلى الأسر، التي ينتشر فيها العنف، وكذلك من خلال إيجاد صلة بين الضحايا وبين الجهات الاستشارية المتاحة، وذلك عن طريق إيجاد خطوط ساخنة لهذه الجهات يمكنها تقديم الاستشارات والمساعدة إذا لزم الأمر، وضرورة توفير أماكن آمنة للنساء والأطفال يمكنهم الذهاب إليها للشعور بالأمان ولو لوقت قصير، ويمكن متابعتهم هناك من قبل المختصين، وغيرها من الحلول التي تبقى غير فاعلة نسبيًا مع انتشار موجة العنف بكثرة في المجتمع اللبناني.