&
في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، يتحدث مدمن سابق عن تجربته الصعبة في الإدمان والتخلص منه، في وقت لا يزال فيه القانون في لبنان يُجرِّم المتعاطي الذي يحتاج رحلة علاج شاقة للتخلص من هذه الآفة.

&
بيروت: يقول وليد (إسم مستعار لشاب لبناني) إنه دخل إلى عالم المخدرات من باب حب التجربة، وبحثًا عن اللذة، وهذا ما أوصله إلى آفات كبيرة ومواضيع خطرة كان بغنى عنها.
&
&وليد تحدث لـ"إيلاف" عن تجربته المرة في عالم المخدرات، و يقول إن الأمر بدأ عندما كان يدرس في الجامعة، وفي إحدى السهرات "عُرضت علينا مادة وقالوا لنا هذه المادة تجعلكم منشرحين أكثر ولم نكن نعلم مساوئها، وبدأنا نتعاطى بسيجارة الحشيش، وفي البداية عرضت علينا مجانًا، أما في المرة الرابعة فبدأنا نطلبها ودفعنا ثمنها، وأخذنا بالتعاطي خارج مكان السهر".
&
&ويتابع وليد :" في البدء لم يؤثر ذلك على دراستي، وبدأنا بالحشيش ثم انتقلنا إلى الكوكايين لأن الجسم يطلب الأقوى وبدأنا نتعاطى الكوكايين من استنشاق وحقن، وبعد ذلك أثر الأمر عليّ نفسيًا وجسديًا، وبدأ أهلي في المنزل يشعرون أن الموضوع &أثّر على دراستي وحياتي الاجتماعية واليومية، وفي أحد الأيام اكتشف اخي الأكبر الأمر عندما رآني في غرفتي أتعاطى الكوكايين وقرر مع افراد عائلتي مساعدتي على التخلص من ذلك، وكانت إرادتي قوية كي أتخلص من تلك الآفة وساعدني أهلي كثيرًا".
&
ويوضح وليد أنه شعر بأوجاع كبيرة كي يشفى من إدمانه، ويضيف : "بداية توجهت إلى المستشفى حيث مكثت 8 أيام هناك، ونظف جسمي من المادة وبعدها خضعت لعلاج نفسي خارج المستشفى، وقد استغرقت فترة العلاج كي أعود إلى سابق عهدي 4 سنوات".
&
&يقول وليد إن بعض الأشخاص يوقفون الادمان ربما سبع سنوات، ويعاودون ذلك، لكن "إرادتي قوية من خلال من هم حولي وساعدني إيماني بالله أيضًا ومن خلال التأهيل النفسي لتعويض ما فقدته في الإدمان من تقدير لذاتي وشخصيتي."
&
قصة وليد هي قصة كثيرين في لبنان، حيث باتت هذه الظاهرة تصيب الشباب وتنخر في أجسادهم، وتشير الإحصاءات إلى تزايد أعداد المدمنين في العالم كما في لبنان، ولا يزال القانون اللبناني يجرِّم المتعاطي رغم المساعي الأخيرة في هذا الخصوص للتغيير.
&
القانون يُجرِّم&
يقول الخبير القانوني الدكتور منيف حمدان لـ"إيلاف" إن القانون لا يزال يُجرِّم متعاطي المخدرات في لبنان، فبحسب المادة 127 من قانون المخدرات في لبنان الصادر 16/3 من العام 1998 &تحت رقم 673:" يُعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى 3 سنوات، وبالغرامة من مليوني ليرة إلى 5 ملايين ليرة لبنانية، كل من حاز أو أحرز أو اشترى مادة ضئيلة شديدة الخطورة، من دون وصفة طبيّة وبقصد التعاطي، وكانت ضآلتها تسمح باعتبارها مخصصة للاستهلاك الشخصي، ويتعرض لذات العقوبة من ثبت إدمانه على تعاطي هذه المادة، ولم يذعن لاجراءات العلاج المنصوص عليها، من الباب الثاني والجزء الثاني من هذا القانون، ويجوز منح المحكوم عليه وقف تنفيذ العقوبة المقضي بها أو إعفاؤه من تنفيذها إذا كان قاصرًا، أو تعهد بعدم التكرار وخضع لتدابير العلاج أو الرعاية التي فرضتها المحكمة، وتشدد العقوبة إذا كان الفاعل من المهنيين العاملين في مجال الصحة".
ويشرح حمدان أن الإعفاء لا ينهي الجرم بل ينزل في سجل المدمن العدلي.
&
ماذا يقول علم النفس عن الإدمان؟
تتحدث المحللة النفسية جيلبيرت هندي لـ"إيلاف" عن الأسباب التي تدفع الإنسان الى تعاطي المخدرات موضحة أن هناك مجموعة أسباب متداخلة مع بعضها البعض تؤدي إلى نتيجة تكون إما ايجابية وإما سلبية.
علمًا أن الأسباب نفسها قد لا تؤدي إلى نتيجة واحدة، لذلك لا يمكن الحديث في علم النفس عن حتمية بل فرضية.
&
وتضيف "كذلك لا يمكن الحديث عن علاقة (سبب/نتيجة) بل عن علاقة متداخلة وهذا لا يمنع بالطبع، في ما خص حالات الإدمان، الحديث عن أسباب اجتماعية واقتصادية ومعيشية وحياتية، وتبقى الأسباب النفسية الأكثر أهمية.
وتضيف:"المشاكل الحياتية التي يتعرض لها الناس قد لا تؤدي في الكثير من الأحيان إلى الإدمان، بخلاف الأسباب النفسية المتعددة وتبقى أهمها شخصية المدمن بحد ذاته".
&
وما يميّز شخصية المدمن، هو انفعاله وعدم نضوجه النفسي ما يؤدي إلى شخصية إنفعالية وعاطفية تقوم بالتصرف عشوائيًا، كذلك إلى حالات اليأس وهي من أكثر الدوافع إلى الإدمان، إذ يصل المدمن إلى وضع سيىء، فيرى كل ما حوله أسود، وهذا اليأس يدفعه إلى إدمان المخدرات كمحاولة للنسيان، ويعيش بما يعطيه المخدر من أفكار وتخيلات أو كمحاولة انتحارية وهذا ما يظهر خصوصًا في الجرعة الزائدة.
&
العلاج
وتتابع بأنه من خلال علم النفس وحده، لن يستطيع المدمن التخلص من إدمانه، فعلاج الإدمان هو نتيجة عمل فريق متخصص يتألف من الطبيب النفساني والمعالج النفساني والمرشد الاجتماعي.
&
والعلاج مؤلف من مرحلة استشفائية يدخل فيها المدمن إلى المستشفى، حيث تتوقف عنه مادة المخدر بشكل قطعي، وليس تدريجيًا، ويُعطى علاجًا للعوارض الانسحابية، وتبقى مادة الهيرويين أكثر المواد التي تحتاج الى مرحلة استشفائية، أما الكوكايين فيؤدي إلى تبعية نفسية من دون الجسدية.
&
وتضيف جيلبيرت هندي &"هذا العلاج يحتاج إلى أسبوعين حتى يتخلص الجسم من تبعيته للمخدر، وهنا يعتقد الكثيرون أن العلاج انتهى، لكن هنا بداية العلاج، فبعد وقف التعاطي كليًا وبشكل قاطع وجذري، يُعطى المدمن بعض الأدوية حتى لا يشعر بالعوارض الانسحابية لأنها مؤلمة جدًا".
&
وتوضح جيلبيرت هندي أنه يبدأ بعد ذلك العمل على ناحية المدمن النفسية، وهنا يأتي دور المحللين النفسانيين فيعطون تقييمًا للشخصية من خلال الاختبار النفسي والمقابلات مع الشخص المعني أو مع أهله، وهكذا يتم التقييم الشامل والكامل لنواحي نفسيته وشخصيته.
&
في بعض الحالات تضيف :" يتم إرسال الأشخاص إلى مراكز إعادة تأهيل ويبقون فيها من ستة أشهر حتى سنتين حسب ظروفهم، ودوافعهم النفسية حيث يتبعون برنامجًا خاصًا، ويبقى هذا الأمر صعبًا لشخص لديه وظيفته وعائلته، لانه في المركز ينفصل كليًا عن أهله في الفترة الاولى".
&
وتتابع "في التحليل النفسي للمدمن، يمر هذا الأخير في العلاج النفسي بجلستين أو ثلاث في الأسبوع، ويتم تحليل نواحي شخصيته، وتتم مساعدته على فهم نفسه، ومتى فهم أن مشكلته تكمن في شخصيته وليس في المشكلة الحياتية التي تواجهه، يكون بذلك على طريق الشفاء".
&