أكد نحو 48 بالمئة من سكان الأرض أن الدين يحتل مكانة مرموقة في حياتهم اليومية، وأتت النسب المئوية الأعلى في دول إسلامية فقيرة، أو تعاني اضطرابات طائفية.


ساره الشمالي من دبي: يقول إحصاء إن 48 بالمئة من البشر على هذه الأرض يرون أن الدين مهم جدًا في حياتهم. لكن، تتراوح الآراء بالدين ودوره في المجتمعات الانسانية بين نقيضين، أولهما مقولة "الدين أفيون الشعوب"، تقابلها مقولة أن "لا قيامة لبشر أو حجر إلا بالعبادة".

ليس الأمر اختيارًا شخصيًا، إنما هو توجه قائم على رأي عام، توجهه الظروف التي يمر بها اي بلد. فأهمية الدين، وتحديدًا الاسلامي، بالنسبة إلى إنسان خليجي، مختلفة تمامًا عن أهمية الدين، تحديدًا المسيحي، بالنسبة إلى إنسان أوروبي.

من دون تعميم، يبدو أن التمسك العربي الاسلامي بالدين نابع من أن الاسلام دين ودولة، أي يتصل بحياة الانسان اليومية وبعلاقته الأخروية مع خالقه، بينما تترك المسيحية لمعتنقيها هامش حركة أوسع على المستوى الدنيوي، إلى حد ما طبعًا.

نسب مئوية

كونراد هاكيت& ديموغرافي مختص في قياس تأثيرات الدين على العمليات الديموغرافية والنمو السكاني وبناء المجتمعات وتطورها. له ابحاث عدة أهمها "المشهد الديني الكوني" في العام 2012، و"المسيحية الكونية" في العام 2011، و"قياس الانجيلية" في العام 2008.

وفي تغريدة حديثة له على صفحته في موقع تويتر، نشر جدولًا لأهمية الدين في دول العالم، فقال 98 بالمئة من السينغاليين مثلًا أن الدين مهم جدًا في حياتهم، وكذلك قال 93 بالمئة من الباكستانيين، و78 بالمئة من البرازيليين، و74 بالمئة من الهنود، و57 بالمئة من الأميركيين، و21 بالمئة من الروس، و13 بالمئة من الفرنسيين، و8 بالمئة من السويديين.

في الشرق الأوسط، قال 95 بالمئة من الكويتيين إن الدين مهم جدًا في حياتهم، وتبعهم الفلسطينيون (89%)، ثم الأردنيون (82%)، ثم المصريون (81 بالمئة)، ثم الأتراك (72%)، ثم اللبنانيون (53 بالمئة)، ثم الاسرائيليون (30%).

حواضن

من الأرقام ما يفسر الكثير من التطورات التي تحصل، وخصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. فتفشي الأصولية الاسلامية لم تكن لتحصل لولا أن الدين يحتل مقامًا عاليًا في نفوس المواطنين. فذلك يحول العامة، خصوصًا مع ارتفاع منسوب الجهل بسبب نقص العلم، ومع تزايد البطالة، يحولها إلى حواضن تترعرع فيها النزعات "الإخوانية" في مصر، أو "الجهادية" في فلسطين والأردن والكويت.

من ناحية أخرى، يبقى لبنان سائرًا على حافة النصل، بسبب عدم غلبة الدين المسيحي على مفاصل الدولة، كما في الدول العربية الأخرى، ما يوسع هامش البعد عن التدين إلى نحو النصف. لكن المفاجأة الفعلية فهي إسرائيل، إذ في دولة قومية يهودية ثلث السكان فقط يعتبرون الدين مهمًا جدًا في حياتهم.

اليومي الديني

لا غرو في أن تأتي النسب المرتفعة في دول تغلب أريافها، الحواضن الأساسية لأي حركات تدين مغالية، على حواضرها، كالسنغال ومالي، وهذه الخيرة أصلًا تعاني حربًا ضروسًا مع القاعدة في المغرب العربي، أو أن تأتي خفيضة في الدول الصناعية والدول التي لا تدين بالمسيحية والاسلام، كاليابان (14%)، وكوريا الجنوبية (17%).

فالإسلام دينٌ لا يبتعد عن العلاقات العامة، وعباداتِه مرتبطة بالسلوك العام، الذي يتحول مرآة للتدين. فكل تصرف مشروع أو مباحٍ للمسلم يقصد به الطاعة والعبادة. فالتربية الاسلامية تضع الدين فوق كل شيء، وتربط به كل شيء. فمن دين المسلم أن يصلي لله وأن يكون محسنًا للناس.

فالعبادة بمفهومها الواسعِ تسع تصرفات الإنسان اليومية، من نوم وغذاء ومشيٍ وكلام وحركة وسكون، إلى جانب الفروض اليومية كالصلاة، أو موسمية كالصِّيام والحج، أو الاجتماعية كالزكاة.