أكد فلاح مصطفى، مسؤول العلاقات الخارجية في إقليم كردستان العراق، أن الأوضاع في العراق لا يُمْكن أن تعودَ الى ما كانت عليه قبل العاشر من حزيران (يونيو) الماضي.


باريس: قال فلاح مصطفى، مسؤول العلاقات الخارجية في إقليم كردستان العراق، في حوار مع "إيلاف" إن الأوضاع والخارطة السياسية وموازين القوى لا يمكن أن تعود&الى ما&كانت عليه، فهنالك دولة أُنشئت على مساحة واسعة من القسم الغربي من العراق، "لذلك نحن في إقليم كردستان العراق نسير وفق مسارين: مسار العملية السياسية في العراق كي لا نكون عقبة أمام أي تقدم سياسي في العراق، ولكن في الوقت نفسه، هنالك مسعى من أجل المرور نحو إستفتاء شعبي في إقليم كردستان كي يقرر شعبُ الإقليم مصيرَه".

وأكد مصطفى أن لا عودة إلى عراق ما قبل 10 حزيران (يونيو)، أي إلى عراق ما قبل اجتياح المسلحين لمناطق عراقية واسعة.

وفي ما يأتي نص الحوار:

مسعود بارزاني يتكلم عن استفتاء حول استقلال كردستان العراق، بينما يتهم نوري المالكي حكومة الإقليم بفرض أمر واقع. ما رأيكم؟

نأسف لمثل هذه التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، كان من الأجدر أن يتحدّث عن المناطق الواسعة التي وقعت تحت سيطرة المسلحين. هناك محافظات سقطت ولم يستطع جيش المالكي الدفاع عنها، ولم يكن أمام حكومة إقليم كردستان العراق سوى إرسال قوات البشمركة التي هي جزء من المنظومة الدفاعية في العراق من أجل حماية هذه المناطق والمحافظة على أرواح المواطنين كلها.

ألا تزال هناك فرصة للتوصل إلى حل توافقي بين بغداد وأربيل؟

هناك تغيير كبير حصل. الأوضاع لا يُمكن أن تعودَ الى ما كانت عليه قبل العاشر من حزيران (يونيو) الماضي، فلم تَعُدْ الأوضاع والخارطة السياسية وموازين القوى&الى ما كانت عليه، فهناك دولة أُنشئت على مساحة واسعة من القسم الغربي من العراق، لذلك نحن في إقليم كردستان العراق نسير وفق مسارين: مسار العملية السياسية في العراق، كي لا نكون عقبة أمام أي تقدم سياسي في العراق، لكن في الوقت نفسه، هنالك مسعى من أجل المرور نحو استفتاء شعبي في إقليم كردستان كي يُقرّرَ شعبُ الإقليم مصيره لأن الوضع جدي جداً. فعلى مقربة من الإقليم، أصبحت هناك دولة إسلامية في العراق والشام وهي منظمة إرهابية، ونحن ملتزمون بالمحافظة على إقليم كردستان و الدفاع عن أهلها.

وماذا عن المساعي القائمة اليوم؟

هناك مسعى الآن لتشكيل الحكومة الجديدة في العراق من دون المالكي، لأنه هو من جلب كل هذا الخراب على العراق، هو الذي تفرّد بالحكم والسلطة في بغداد، وهو من أقصى المكوّن السني وتجاهل المطالب الكردية ولم يُعاملْ الكرد كشركاء حقيقيين، ولم يعامل السنة كشركاء وهناك امتعاض من بعض الأطراف الشيعية من سوء الإدارة وأسلوب الحكم في البلاد. لذلك نحمل حكومة المالكي مسؤولية ما حصل في العراق، ولا يُمكن العودة إلى الوراء، لن نعود إلى تاريخ ما قبل العاشر من حزيران (يونيو) الماضي، لأن شعبَ إقليم كردستان العراق تحمّل الكثير، ففي غضون السنوات العشر الماضية ساهم إقليم كردستان العراق بكل جدية وبكل ثقله السياسي في بناء عراق جديد، فدرالي وتعددي وديمقراطي، لكن كان هذا حلمًا لم يتحققْ، ولن يتحقق بوجود أمثال نوري المالكي، لا يفكّرون سوى باحتكار السلطة وتهميش الآخرين. لذلك آن الأوان للشعب الكردي أن يذهب إلى الاستفتاء من أجل تقرير مصيره.

نستحق دولة

هل تتوجهون إلى إعلان قيام دولة كردستان العراق؟

نعم. نحن نستحق دولة، نحن شعبٌ لنا تاريخ وحضارة ولغة وكل مقومات الدولة. أثبتنا للجميع أننا عامل استقرار ونُجيد الإدارةَ. تبنينا سياسةَ الانفتاح على العالم الخارجي وباتت لدينا علاقات واسعة مع المجتمع الدولي. تبنينا سياسة الاقتصاد الحر وشجعنا القطاع الخاص، فهنالك استثمار أجنبي مباشر في إقليم كردستان، وهنالك سيادة للقانون وهنالك أمن واستقرار في إقليم كردستان، على عكس ما هو موجود في بغداد والمناطق الأخرى. نستحق إنشاء دولة كردية لشعب كردستان. التزمنا ببنود الدستور العراقي الذي ينصّ على أن نكون شركاء حقيقيين في هذا البلد، لكن للأسف فإن شركاءَنا في بغداد لم يعاملونا كما نستحق. فعوضًا من أن يعتذروا للشعب الكردي لما حصل له وأن يقوموا بمساعدتنا من أجل إعادة بناء كردستان، وقفوا في طريق أي تقدم في كردستان. نحن نعيش في حالة مختلفة تمامًا عما كانت عليه الأوضاع، ومن هنا نعمل على المحافظة على شعب و إقليم كردستان العراق، وأفضل طريقة للقيام بذلك هو العمل على قيام دولة كردية خاصة وهناك دولة أخرى بجانبنا. فالعراق لم يعُدْ دولة موحّدة، فالجزء الغربي من العراق خاضعٌ لسيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام فيما بغداد وجنوب العراق تحت سيطرة قوات لا أدري ماذا أُسميها. كردستان باقيةٌ ومستقرةٌ.

هل توافقون على المشاركة في حكومة عراقية لا يرأسها المالكي؟

بالتأكيد. في حال أقرَّ برلمان الإقليم قرار تنظيم استفتاء وحدّد موعدًا لذلك، هذه الخطوة تتطلّب مسيرة ستستمرُّ لفترة. لكن في كل الأحوال نحن نريد المحافظة على التواصل مع بغداد لأنه حتى في حال قرّر شعب كردستان الانفصال عن العراق فيجب الإبقاءُ على التواصل لأنّنا سنكون جيرانًا بحكم العامل الجغرافي. لذلك يجب أن يكون هناك تواصلٌ. نحن نرحب بالحوار و التواصل مع الجانب الآخر، لأننا لسنا المسؤولين عن فشل الحكومة الاتحادية. لسنا المسؤولين عن فشل الجيش العراقي في عدم تمكنه من الدفاع عن المناطق. نحن نصرُّ أن نكون جزءًا من العملية السياسية، لكن لن يكون هناك حلٌّ لأي مشكلة يعاني منها العراق مع بقاء نوري المالكي.

المالكي يتحمل المسؤولية

من هي الشخصية الشيعية التي يوافق عليها الكرد في رئاسة الوزراء؟

كان المالكي القائد العام للقوات المسلحة، يتبوّأ عدة مناصب، لذلك هو من يتحمل مسؤولية ما وصلت&اليه الأوضاع في العراق. ويجب أن نكون واقعيين في أن يكون هناك توافقٌ بين المكوّنات الرئيسية ليس فقط حول شخصية رئيس الوزراء ولكن أيضًا حول برنامج الحكومة وأداء الحكومة ومنهج الحكم. العقلية في بغداد يجب أن تكون عقليةَ قبول الآخر، قبول الشراكة الحقيقية والالتزام بالدستور وتنفيذ الاتفاقيات، وليس نكس الوعود. نحن ننتظر الثامن من تموز (يوليو)، موعد عقد جلسة جديدة للبرلمان، وعلى المكون السني أن يتفق على مرشح لرئاسة البرلمان وعلى الكرد أن يتفقوا على مرشح لرئاسة الجمهورية، والمكوّن الشيعي يجب أن يتفق على مرشح لرئاسة الحكومة ينال قبول جميع الأطراف، فالرئاسات الثلاث رزمة واحدة، هذا في حال أردنا أن يكون هناك تواصلٌ و أن تكون هناك حكومةٌ تمثل وتحترم الجميع.

هل اتفقتم على شخصية لرئاسة الجمهورية؟

ستكون هناك لقاءاتٌ في الأيام القادمة بين رئيس الإقليم و الأحزاب الكردستانية من أجل بحث هذا الموضوع وتسمية مرشح.

لن نتراجع

هل صحيحٌ أن بارزاني رفض طلب المالكي السماح بدخول قوات عراقية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة البشمركة؟

انتظرنا عشر سنوات لتنفيذ المادة 140 من الدستور العراقي، لكن الجانب العراقي حاول التملّص من هذه المسؤولية. بعد التطورات الميدانية الأخيرة، انهارت القوات العراقية وتخلّت عن مبدأ الدفاع عن هذه المناطق وعن المواطنين. لذلك، أُرسلت القواتُ التي كانت موجودة أصلاً في كركوك لتتمركز في المواقع حيث كانت تتواجد القوات العراقية. نحن سنستمر في تواجدنا في هذه المواقع ولن نتراجع.

قيل أن الولايات المتحدة نصحت حكومة كردستان العراق بتفادي الإقدام على خطوة أُحادية بإعلان استقلال الإقليم وإقامة الدولة. صحيح؟

في الآونة الأخيرة، حصل تفهم متنامٍ لموقف إقليم كردستان العراق من أجل أن يكون هناك مستقبل مشرق للإقليم. كل ما نشدّد عليه هو أن أيَّ قرار يتعلق بمستقبل إقليم كردستان يخصّ شعب الإقليم، والشعب هو من يقرر، لكن نحن أيضًا نريد أن يكون هناك دعم و تفهم دولي لهذه القضية. لسنا المسؤولين عن تفكك العراق لأن الحاكمين في بغداد هم من جلبوا هذه النتيجة للعملية السياسية في البلاد.

نحن نقدر مواقف الدول التي تهتم بالعراق، لكن العراق الذي عرفناه ذهب ولن يعود إلى ما كان عليه في السابق، ويجب التعاملُ مع الواقع الجديد بسياسة واقعية تتماشى مع الميدان. كردستان أصبحت بمعزل عن العراق، لأن جيراننا الآن أصبحوا الدولة الإسلامية في العراق والشام، هذه الدولة التي لا تُعيرُ أيَّ اهتمام للحدود. هنالك فقط مساحة خمسة عشر كيلومتراً تفصلنا عن المناطق الأخرى من العراق. هذا الواقع يفرض علينا اتخاذ إجراءات من أجل حماية شعبنا.