&وجد سياسي لبناني حلاً عبقرياً لترشيد استخدام المياه، وهو دعوة اللبنانيين الى الاستحمام مرة واحدة اسبوعيًا. من سوابق هذا السياسي أنه دعا قبل سنوات الى هدم فندق الحبتور في بيروت لتسهيل مرور حركة الطائرات، لكن لجنة خبراء لم تفعل سوى وضع مصابيح خاصة على المبنى فحلّت المشكلة.
&

بيروت:&توقع محمد قباني، رئيس لجنة الأشغال العامة والطاقة بالبرلمان اللبناني، أن تتفاقم أزمة المياه التي يواجهها لبنان في الأيام المقبلة. وقال في حديث صحفي: "من المستحسن أن يقتصد اللبنانيون في استعمال المياه، فنحن لسنا كالأميركيين نأخذ حمامًا مرتين في اليوم، وليس كالفرنسيين مرة في الأسبوع، فلنقتصد في المياه".
&
حالة طوارئ
وطالب قباني بإعلان حالة طوارىء مائية، وترشيد استهلاك المياه من خلال وقف ري المزروعات الموسمية لقاء التعويض على المزارعين، وتخصيص المياه للاستعمال المنزلي، على أن تتولى مؤسسات المياه وضع لائحة بالآبار الواجب مصادرتها لقاء تعويضات، واستخدام المياه المخصصة للمزروعات الموسمية من أجل الاستعمال المنزلي، ووقف هدر المياه على شطف الطرق وغسيل السيارات.
ودعا قباني إلى استيراد المياه من تركيا بالأساليب الممكنة، عبر بالونات بلاستيكية ضخمة تعبر البحر، علمًا أن الحكومة اللبنانية تدرس ذلك جديًا. كما حثّ على الاستفادة من مياه نفق مركبا جزين، واعداد برنامج توعية للمواطنين من خلال مختلف وسائل الاعلام، متوقعًا أن تكون كلفة إستيراد المياه من تركيا مقبولة.
وأضاف: "تعودنا في لبنان ألا نعمل بجدية من دون وجود ضغط، والآن بدأ الضغط، وبدأت الأزمة في موضوع المياه، وعندما تتوفر الارادة تصبح هناك وسيلة للحل"، موضحًا أن الأزمة ستصل الى اشدها في أيلول (سبتمبر) وتشرين الأول (اكتوبر) المقبلين.
&
سنة جافة
وكانت وزارة الطاقة والمياه، منذ وضعها الخطة العشرية في العام 2000، حذرت من سنة جافة بامتياز، باتت اليوم حقيقة ملموسة. فالكارثة المائية، بحسب خبراء، لم تكن غير متوقعة بعد شتاء جاف، لم تتعدَّ المتساقطات فيه 400 ملم، فيما المعدل العام للمتساقطات في بيروت هو 750 ملم سنويًا.
وبحسب الوزارة، الحاجة الفعلية للمياه في سنة جافة طبيعية تبلغ 1480 مليار متر مكعب، في حين أن الكمية المؤمنة بوجود سدّي القرعون وشبروح تبلغ 1097 مليار متر مكعب، بنسبة عجز مائي تبلغ 400 مليون متر مكعب هذه السنة.
وبناء عليه، تراجعت نسبة التغذية في بيروت الادارية إلى 5 ساعات كل يومين، مقارنة بـ8 ساعات قبل التقنين، ومن المتوقع حصول تقلص اضافي في توزيع المياه بسبب النقص الحاد في الموارد المائية. ووضع بعض مناطق جبل لبنان افضل من بيروت، نتيجة حفر 5 آبار ضخمة تابعة لنهر ابرهيم، تضخ المياه الى منطقة ساحل كسروان.
وكانت مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان أعلنت عن 7 آبار جديدة، تم وضع بئرين منها قيد العمل، تؤمنان حوالى 10 آلاف متر مكعب، علمًا أن كلفة حفر الآبار تتراوح ما بين 120 و500 الف دولار، والجزء الاكبر من التمويل يتم من هبات خارجية.
&
استنزاف المياه الجوفية
وفي هذا الاطار، لا يرد فادي غانم، رئيس جمعية غدي البيئية، شح المياه في لبنان الى تراجع نسبة المتساقطات فحسب، وإنما يرده أيضًا إلى عدم استشراف المستقبل وتحدياته وفوضى التعديات على مصادر الثروة المائية. وقال في مؤتمر صحفي: "المشكلة الأساس هي في استنزاف المياه الجوفية عبر حفر الآبار الارتوازية الخاصة، التي ساهمت في نضوب الينابيع، وهي تعديات عشوائية على الحوض الجوفي المائي".
وتساءل غانم: "كيف تتوافر المياه للبيع للمنازل والمؤسسات السياحية ولا تتأمن للمواطنين في منازلهم؟"، ويرد ذلك إلى الفوضى والتشجيع على السرقة واستغلال حاجة المواطنين في ظل غياب الاجراءات الرادعة.
اضاف: "ليست المرة الأولى التي يواجه فيها لبنان الشحائح، واستغرب المطالبة باستيراد المياه من تركيا، وأتمنى أن لا يكون مثل هذا الاقتراح مجلبة لتنفيعات وسمسرات على غرار ما أنفق حتى الآن من ملايين الدولارات على مشاريع السدود، والتي بينت دراسات علمية أثرها السلبي على البيئة ومعالم لبنان الطبيعية".
&
معالجة آنية
واكد غانم أنه حتى الآن، ليست هناك دراسات تؤكد أن الينابيع الرئيسية قد تنضب قريبًا، وإن تراجعت نسبة تدفق المياه منها، "والمشكلة القائمة تتطلب معالجة آنية لجهة التشدد في مراقبة توزيع المياه، والحد من استغلال التجار والمافيات لحاجة المواطنين مع دعم الجهات المعنية في الدولة لجهة حث المواطنين على ترشيد استهلاك المياه".
أضاف: "المطلوب تبني خطة وطنية علمية لإدارة الثروة المائية والتصدي لظاهرة التصحر التي هي في جزء كبير منها نتاج الفوضى وليست نتاج التبدلات المناخية فحسب، من قطع الأشجار وتدمير الأحراج وتفجيرات الكسارات التي ساهمت في تبدل مسار الينابيع واختفاء بعضها"، محذرًا من استغلال المشكلة من قبل مافيات بيع المياه وفرض أسعار خيالية على المواطنين.
&