كان المدعوون الى سهرة في بانغي يظنون انهم استمتعوا بدجاج اشتروه بثمن بخس، لكنهم بعد ساعات قليلة بدأوا يئنون من الالم، لان ذلك الدجاج المستورد برا من الكاميرون فسد بعدما زال عنه الجليد في الطريق.

وقالت بياتريس توتي لفرانس برس ان "زوجي كان من بين المدعوين. كانوا يتلوون من آلام في البطن ويعانون من الاسهال، واستمروا على هذا المنوال ثلاثة ايام". وعلم ان مسلحين سرقوا هذه البضاعة التي كانت معدة للاتلاف وباعوها.

وتدل هذه الحادثة على انعدام الامن الغذائي الذي يعاني منه اربعة ملايين ساكن ونصف من افريقيا الوسطى الذين يتخبطون في ازمة بلا نهاية اتت على انتاجهم الزراعي وفرضت عليهم تبعية الاستيراد من ميناء دوالا الكاميروني المطل على طريق طويلة وخطيرة تشهد هجمات مجموعات مسلحة.

وقال التاجر شارل مانجاو الذي يستورد من الكاميرون "هناك مسلحون خارجون عن السيطرة يعيثون في البلاد فسادا وعندما يهجموا تخسر كل شيء (...) وخوفا من دفع ثمن انعدام الامن، نبقى مكتوفي الايدي وننتظر".

وقال احمد ارون سائق الحافلات الذي يعمل على الطريق الرابطة بين دوالا وبانغي "يطلبون منا ان نسافر في قوافل، لكننا نحمل مواد سريعة التلف، والانتظار (حتى يتوافر ما يكفي من الشاحنات لتشكيل قافلة) ليس في مصلحتنا".

وقد تخلل تاريخ افريقيا الوسطى منذ ثلاثين سنة حركات تمرد وانقلابات، ولم تنتظر البلاد النزاع الذي بدأ في اذار/مارس 2013 مع سقوط الرئيس فرانسوا بوزيزيه، لتصنف في اخر مراتب مؤشر التنمية البشرية للامم المتحدة.

وافاد برنامج الغذاء العالمي "ان 30 % من سكان افريقيا الوسطى كانوا يعانون من انعدام الامن الغذائي& قبل الازمة الحالية، ما يعني انه لم يكن يتوافر لديهم ما يكفي من الاغذية كما ونوعا".

لكن منذ بداية النزاع الذي تتالت خلاله المواجهات بين مسلمي حركة سيليكا والميليشيات المسيحية والتعدي باستمرار على المدنيين، تفاقم الوضع بشكل فظيع. واوضح برنامج الغذاء العالمي ان "الانتاج الزراعي انهار واسعار المواد الغذائية ارتفعت وكذلك حالات سوء التغذية".

وفي الاسواق لم تنج اي مادة من التضخم: اللحوم والخضر بما في ذلك ما يسمى بالمواد الاساسية كالزيت والحليب والطحين والقمح. وقالت ميلين يكيكا وهي ام عائلة "اليوم لا بد من تسعة الاف فرنك افريقي في اليوم (14 يورو) لشراء كيلوغرامين من اللحم مقابل ستة الاف في الماضي لاطعام عائلة عديدة الافراد بشكل مقبول".

واضافت اليزابيت موينا "حتى حزمة البصل التي كان سعرها 300 فرنك افريقي اصبح سعرها 500 فرنك افريقي واحيانا نكتفي ليلا بعصيدة وفطيرة وننام". وفي مستشفى بانغي يشتكي المرضى من عدم انتظام الوجبات الغذائية. وقالت احداهم طالبة عدم كشف هويتها "انهم يعطوننا الطعام مرة كل يومين، اننا نعوّل على التضامن العائلي".

والاطفال هم الاكثر عرضة للخطر، وفي مركز طب الاطفال في بانغي قال برنامج الغذاء العالمي ان عدد حالات النقص الشديد في التغذية ازداد ثلاثة اضعاف. وبات برنامج الغذاء العالمي يشرف على مطاعم مدرسية منذ حزيران/يونيو يطعم فيها خمسين الف تلميذ في 44 مدرسة في بانغي.

واوضح دونايغ لو دو المكلف الاتصال في برنامج الغذاء العالمي في بانغي "لا يمكن ان يدرس الطفل كما ينبغي وبطنه خاو، ان العديد من هؤلاء الاطفال يأتون جياعا وبالتالي قمنا بهذه الخطوة لضمان حضورهم الى المدرسة بشكل اوسع وكذلك من اجل الوصول الى اولئك الاطفال الذين هم في حاجة الى تغذية سليمة".

وتساعد هذه المساعدة على عودة الكثير من الاطفال الى المدارس وفق ما لاحظ جوزف ريغابا مدير المدرسة وقال ان "الاطفال المتواجدين في مواقع النازحين عادوا وكذلك المتواجدين في المناطق الاكثر خطرا". وفي داخل البلاد يعتبر انعدام الامن اكبر عائق امام الوصول الى السكان وكذلك حالة الطرق لا سيما في في موسم الامطار.

ويقدم العاملون في المجال الانساني المساعدة ايضا الى اللاجئين في الكاميرون وتشاد وفي درجة اقل في الكونغو برازافيل وجمهورية الكونغو الديموقراطية. وقد سار بعضهم على اقدامهم اسابيع عدة وربما اشهرا في الادغال قبل الوصول الى الحدود منهكين.

ومن اجل الاعداد للمستقبل توزع وكالات الامم المتحدة أدوات زراعية وبذورا للموسم الزراعي الحالي موضحة الى المستفيدين منها الجوعى ان تلك الحبوب مخصصة للزراعة ولا يجوز اكلها.


&