قبل انتخابه رئيسا للولايات المتحدة، وعد باراك اوباما امام مئتي الف برليني حلفاءه "بكسب ثقتهم" وتعزيز العلاقات التي شابها التوتر في عهد سلفه جورج بوش. لكن بعد ست سنوات على هذا الوعد ما زال امام الرئيس عمل شاق.


تتعرض تحالفات الولايات المتحدة في العالم وخصوصا في اوروبا لضغوط من جديد. وقد اثارت المعلومات التي كشفها المستشار السابق لدى الاستخبارات ادوارد سنودن ازمة حقيقية مع المانيا.
&
ويبدو الوضع متناقضا تماما مع 2008. فحينها كان الرجل الذي ترشح للانتخابات الرئاسية يلقى ترحيب الاوروبيين. وبعد عام تماما منح جائزة نوبل للسلام.
&
لكن بتوجهه بسرعة الى آسيا، تراجعت العلاقات مع اوروبا وجاءت فضيحة عمليات التنصت التي تمارسها وكالة الامن القومي حتى على الهاتف النقال للمستشارة انغيلا ميركل لتثير الغضب والدهشة.
&
وكشف استطلاع للرأي اجراه معهد بيو ونشرت نتائجه مؤخرا ان شعبية الرئيس اوباما في اوروبا لم تتراجع يوما من قبل الى هذا المستوى وان كانت الآراء فيه ايجابية بما في ذلك في المانيا، مقارنة باي رئيس اميركي آخر.
&
وقالت المحللة في المركز الفكري للدراسات الاستراتيجية والدولية هيذر كونلي ان "اوروبا كانت تتوقع الكثير من اوباما (...) لكن منذ سنوات شهدنا تراجعا في هذه الآمال".
&
والعلاقات مع فرنسا افضل. فباريس وواشنطن تعاونتا للاطاحة بمعمر القذافي في ليبيا عام 2011 وفي مكافحة الارهاب في افريقيا. وقد لقي الرئيس فرنسوا هولاند استقبالا حافلا هذه السنة خلال زيارة الدولة التي قام بها.
&
لكن الآفاق تبدو ملبدة بعد فرض غرامة تبلغ حوالى تسعة مليارات دولار فرضت على مصرف بي ان بي باريبا والبيع المتوقع لاربع سفن حربية فرنسية من طراز ميسترال الى روسيا في اوج الازمة الاوكرانية.
&
وتبقى "العلاقة الخاصة" مع الحليف البريطاني. لكن بريطانيا التي تركز على علاقتها ذات الوجهين مع الاتحاد الاوروبي والاستفتاء حول استقلال اسكتلندا، تبتعد عن الساحة الدولية.
&
ولم يلب الحليف البريطاني رغبة الولايات المتحدة الخريف الماضي عندما اخفق رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في الحصول على موافقة البرلمان على توجيه ضربات الى النظام السوري بعد اتهامه باستخدام اسلحة كيميائية.
&
ولم يكف باراك اوباما عن وصف حلف شمال الاطلسي بانه "اقوى حلف في العالم" لكن الولايات المتحدة تشعر ايضا بالاستياء من قلة النفقات العسكرية الاوروبية. وفي الازمة الاوكرانية، توجه واشنطن باستمرار انتقادات لعدم حماس الاوروبيين لفرض عقوبات على روسيا.
&
وفي الشرق الاوسط غيّرت الحروب الاهلية واعمال العنف الديني والانقلابات والثورات تحالفات الولايات المتحدة.
&
وتواجه الولايات المتحدة صعوبة في ادارة التغيرات في السلطة في مصر الحليفة الثابتة للولايات المتحدة منذ عقود. لكن المعضلة التي تواجهها واشنطن تتلخص في سؤال : &هل يجب اعطاء الاولوية للوزن الاستراتيجي لمصر او استبعادها بسبب وضع حقوق الانسان فيها؟.
&
وجاء الرد واضحا من اوباما بالدعوة التي وجهها الى القاهرة للمشاركة في القمة الافريقية في آب/اغسطس في واشنطن.
&
وفي بلدان اخرى، لا تثير خيارات السياسة الخارجية وخصوصا بشأن سوريا، للادارة الاميركية ارتياح بعض الحلفاء.
&
فقد اضطر اوباما لزيارة السعودية في آذار/مارس لطمأنة الرياض بشأن علاقاتها مع واشنطن.
&
وفي البحرين مقر الاسطول الخامس الاميركي، وقع حادث دبلوماسي صغير مؤخرا يتمثل بطرد المبعوث الاميركي لحقوق الانسان.
&
اما الحليفة الاقرب الى واشنطن اسرائيل فلا تتردد ابدا في التذكير بتشكيكها بالارادة الاميركية في التوصل الى اتفاق دولي حول ايران بشأن البرنامج النووي الايراني.
&
ودفع تضاعف الازمات واشنطن الى اصطفافات خارجة عن المألوف.
&
فواشنطن التي تقف ضد جهاديي الدولة الاسلامية في العراق، تجد نفسها في الخندق نفسه مع سوريا وايران.
&
وتبقى آسيا حيث تستغل واشنطن الاستياء من الطموحات البحرية للصين من اجل نسج علاقات وثيقة.
&
ويقضي المحور الآسيوي من سياسة اوباما بتعزيز التحالفات مع اليابان وكوريا الجنوبية والفيليبين واستراليا بينما تبتعد بورما تدريجيا عن الصين بدفع من واشنطن.
&
وقال دبلوماسي اميركي رفيع المستوى ان المنطقة شعرت بالاطمئنان بعد زيارة اوباما في نيسان/ابريل الماضي التي اكد خلالها ضمانات الحماية الاميركية لليابان واوضح الشروط التي ستدافع فيها واشنطن عن الفيليبين.
&
لكن الصين تنظر باستياء الى تحركات القوات الاميركية في استراليا والفيليبين والمناورات البحرية الاميركية ما يثير مخاوف من تفاقم المنافسة مع بكين.