يلاحظ معارضون سوريون تغيرات لسياسات دول مؤثرة في أزمات الشرق الأوسط، فإيران التي عُرفت بتصريحاتها النارية ضد إسرائيل تدعو اليوم إلى التفاوض معها لإنهاء حرب غزة، أما قطر وتركيا صاحبتا العلاقات المميزة مع إسرائيل، فقد تحولتا إلى "الممانعة" !


بهية مارديني: في خطوة غير مسبوقة، والأولى من نوعها في إطار الموقف الإيراني المعلن من القضية الفلسطينية، أعلن الكرملين السبت، أن "الرئيسين الإيراني حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين، أكدا خلال محادثة هاتفية على ضرورة إيقاف الحرب في غزة، والبدء باستئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين".

وأضاف الكرملين أن الاتصال الهاتفي بين بوتين وروحاني بدأ من طهران، بسبب القلق من "التصعيد الحاد للأزمة"، منذ أن بدأت إسرائيل هجومها البري في غزة، حيث تخشى إيران من التصعيد في القطاع.

وفي تعليق على هذه الخطوة اعتبر الدكتور عمار قربي رئيس تيار التغيير الوطني في تصريح خاص لـ"ايلاف"& أن" المتتبع للسياسة الدولية مؤخرا يرى بوضوح تبدل المواقع وتغيرا في التصنيفات السابقة فالدول العربية التي كانت تتلطى وراء القضية الفلسطينية اصبحت تجاهر بعدائها للمقاومة وحماس واصبحت تغازل اسرائيل علنا كما ان اكثر من لقاء لمسؤول عربي حالي او سابق بمسؤولين اسرائيليين قد جرى".

تركيا وقطر إلى "الممانعة"

ورأى القربي أنه "على العكس، فإن تركيا وقطر اللتين كانتا تحتفظان بعلاقة مميزة مع اسرائيل قد اصبحتا تتزعمان محور الممانعة حيث اخذت تركيا مكان ايران التي مالت باتجاه البرغماتية".

أوراق إيران

وأوضح أنه "من الطبيعي ان يأتي تصريح الرئيس روحاني بعد ان اصبح الحوار الايراني - الاميركي على السكة وبعد الاتفاق النووي مع الاتحاد الاوروبي اضافة الى افتتاح لندن لسفارتها في طهران ناهيك عن تضعضع الوحدة الخليجية وانقسامها في اخر اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي، اذا لابد للموقف من اسرائيل ان يتبدل كي تستكمل ايران الاعتراف الدولي والاقليمي بدورها في المنطقة وهي لازالت تحتفظ بالعديد من الاوراق التي تساوم فيها المجتمع الدولي على هذه المكانة، من الحوثيين في اليمن، الى ورقة حزب الله في لبنان والأوضاع في سوريةا والعراق والبحرين".

وقال قربي: "لطالما كانت السياسة الايرانية قائمة على البراغماتية وتبادل الادوار بين الرئاسة المرنة والمرشد المتشدد، لكن ثماني سنوات عجاف شهدتها ايران بفضل احمدي نجاد الذي كانت مواقفه متطابقة مع المؤسسة الدينية التي اوصلته للحكم فاوقف مابدأه سلفه خاتمي من انفتاح وبراغماتية، يعود روحاني اليوم ليكمل مابدأه خاتمي".

وأضاف: "علينا ان نتذكر ان ايران هذه هي نفسها التي تعاونت مع الاحتلال الاميركي في العراق وساعدته ولازالت كما انها كانت الحليف القوي للاميركي في حربه بأفعانستان كما ان الولايات المتحدة تعتبر ايران شريكا اساسيا في الحرب على الارهاب رغم تصنيف ايران ضمن محور الشر".

مراوغات طهران

الدكتور حسام الدين الحافظ رئيس دائرة العلاقات الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة قال في تصريح لـ"إيلاف"، إنّ "دعوة ايران للمفاوضات يمكن قراءتها على أنها مخرج لأنها لا تستطيع ولن تستطيع أن تنفذ تصريحاتها النارية ضد اسرائيل ولا حتى عن طريق عميلها في المنطقة حزب الله اللبناني، فتصريح كهذا هو لذر الرماد في العيون للقول إنّ ايران مهتمة للأرواح الفلسطينية'.

وأكد الحافظ أنّ "اتصال روحاني بالكرملين وصدور التصريح بهذا الشكل وبخاصة بعد تصريحات بوتين المؤيدة لاسرائيل، يعني أن ايران تظهر براغماتية أكثر على حساب الصورة التي كانت تروج لها منذ عقود على أنها تعتمد المبادىء الايديولوجية والأخلاقية في تحديد اولوياتها السياسية".

سوريا والعراق

من جانبه، اعتبر الكاتب والصحافي السوري علي سفر&& "ايران غير مهتمة بما يحصل في غزة فعينها على العراق وسوريا، ولهذا فإنها تستطيع أن تنقلب على نفسها وتطالب الحلفاء في غزة بالرضوخ للأمر الواقع، والقبول بالتفاوض".

وحول من يقول ان حماس ومن ورائها ايران من فتح باب المعركة رأى سفر أن "الأمر ليس دائما بيد ايران كما يشاع دائماً، هناك جغرافيا محلية يتحرك فيها الفلسطينيون ضمن حساباتهم، فهم لم يختاروا قرار الحرب هذه المرة، بل إن إسرائيل هي من فتحت الجبهة على مصراعيها".