قال مسؤول جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية في الجزائر، عبد الفتاح زراوي حمداش، إنّ "مافيا العصب المتصارعة" تريد حرق الجزائر و"إرهاب" الشعب. وبشأن أوضاع العراق أكد أن ما يجري هو انتفاضة شعبية ضد المالكي.


الجزائر: في مقابلة خاصة بـ"إيلاف"، نبّه مسؤول جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية في الجزائر، عبد الفتاح زراوي حمداش، إلى أنّ الغرب يسعى الى تفتيت الجزائر إلى خمس دويلات، معتبرًا مشاركة بلاده في احتفالات فرنسا بعيدها الوطني "إهانة لثوارها وشهدائها وعدواناً على كرامة الجزائر".

وقدّر حمداش بعدم صلاحية إعلان الخلافة الإسلامية، ورآها مجازفة بالمشروع الإسلامي الكبير، معتبراً أنّ ما يجري في العراق انتفاضة شعبية سنية ضد المالكي الصفوي الطائفي، وليس حرباً بين فصيل جهادي والنظام القائم هناك.
&
بداية، كيف تنظرون إلى الجزائر اليوم، في بداية ولاية رئاسية جديدة لعبد العزيز بوتفليقة؟

- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وفّق الله القائمين على إيلاف لما فيه الخير والصلاح، ثم أما بعد: استقبلنا الولاية الرابعة لبوتفليقة بكل أسف لأننا عارضناها بسبب عدم توفر الشروط الشرعية والضوابط السلطانية الفقهية في ولاية المريض المُقعد، زيادة على صدمتنا لبعض القرارات الأولى كتنصيب بن غبريط (اليهودية) على رأس وزارة التربية والتعليم، والدعوة الى فتح المعابد اليهودية و مشاركة الجزائر في احتفاليات 14 تموز/ يوليو الفرنسية، والمساس بمسائل شرعية في المقترحات الدستورية التي تصادم دين الإسلام في صميمه، وتمكين المرأة على الرجل في هذه البلاد وإطلاق المجرمين من السجون وعدم إطلاق سراح الإسلاميين الموقوفين، بجانب عدم تمكين السلفيين من نيل حقوقهم السياسية والدعوية.

وحرماننا نحن من اعتمادنا لمزاولة نشاطنا السياسي بكل حرية وفق حقوق مواطنتنا، وظهور الجزائر الدبلوماسي الضعيف دوليًا، وغير ذلك من المسائل المصيرية الجامدة التي تمنع الجزائر من انطلاقة حقيقية نحو الأمام لبناء دولة الشرعية والمؤسسات فنحن اليوم ممنوعون حتى من النشاط المسجدي الدعوي العملي والتعليمي لتربية الأجيال وتنقية المجتمع من الفساد والانحلال، ونحن ندرّس اليوم على الرصيف وفي الغابات والبساتين وفي المقابر وفي الأعراس وفي الأحياء الشعبية والمخيمات الصيفية كأحرار متطوعين ونتحرك عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

• هل عدتم إلى الساحة السياسية في الجزائر، وتظاهراتكم اليوم تمهد لهذه العودة؟

- الحمد لله نحن موجودون بفضل الله في كل ولايات الجمهورية، ونمثل شريحة كبيرة من المجتمع الإسلامي الجزائري، ونحن -السلفيين- نمتلك قاعدة جماهرية لا يستهان لها في البلاد، بسبب صفاء عقيدة السلفيين والمنهج السلفي السليم والمكانة والقبول الذي يحظي به السلفيون في المجتمع الجزائري المحافظ والمحترم على العموم.

رغم التضييق والإقصاء التعسفي الذي يمارسه النظام على السلفيين المعارضين له، إلا أنهم نشطون دينيًا واجتماعيًا وعلميًا وفقهيًا وسياسيًا في كل المجالات، ونحن ممنوعون من الممارسة السياسية الرسمية ومحرومون من حقوق مواطنتنا الدستورية العلمية والدعوية والخيرية زيادة على حرماننا من المشاركة السياسية إلا أننا في كل الولايات بفضل الله نحظى باستقبال شعبي محترم ومقبول بفضل الله تعالى.

أما مشاركتنا في الطبيعة السياسية والدعوية في التعبير عن قناعتنا وإبداء رأينا وإظهار منهجنا والاعتراض على قرارات النظام الفاشلة والمقترحات السياسية والحزبية الفاسدة، فنحن نقوم بنقد الفساد وانتقاد المفسدين والفاشلين ولله الحمد، رغم كل المضايقات والتهميش والإقصاء الذي نلقاه في نشاطاتنا.

نحاول إيجاد المخارج والحلول لشعبنا ومؤسسات بلادنا بتوضيح رأينا ومقترحنا في كل المواقف والقرارات والمسائل المصيرية فنحن نكتب ونتظاهر ونحتج ونوضّح ونبيّن ونشرح موقفنا الشرعي من القضايا والمسائل الداخلية والخارجية... ونحن لن نسكت بإذن الله عن حقوقنا وسنبقى إن شاء الله نناضل عن مستحقاتنا، مدافعين عن الصلاح والإصلاح والتغيير فنحن الأحسن والأفضل جمعاً بين المنافحة عن الأصالة ومواكبة الحضارة منضبطين بمقاييس ديننا الإسلامي وهويتنا الإيمانية وسيادتنا الجزائرية وأعرافنا العريقة.

• هل استعاد التيار السلفي مواقعه في الجزائر؟

- السلفيون في الجزائر قوة علمية دعوية وقوة اجتماعية وسياسية، فنحن متمركزون في المجتمع الجزائري في كل الولايات وعلى كل المستويات والطبقات بفضل الله للسلفية امتداد طبيعي في هذه البلاد، ويمتد تسلسلهم إلى عصر الصحابة والفاتحين والعلماء والمجاهدين، وقد تبنت جمعية علماء المسلمين العريقة منهج السلف الصالح في الإصلاح والتغيير في زمن ابن باديس والبشير الإبراهيمي والطيب العقبي والعربي تبسي ومبارك الميلي والفضيل الورتلاني وغيرهم من الكرام، ورفعت لواء الدعوة إلى التوحيد الخالص ومحاربة الشرك والدجل والشعوذة وترسيخ الإسلام في الشعب عقيدة وعبادة وقناعة وتشريعًا وجهادًا.

وقد أثمرت حقًا جهودهم الطيبة رحمهم الله، فبمجرد ظهور الشرك والكفر أو الإلحاد والبدع في البلاد إلا وتتحرك بذرة السلفية في قلوب الشعب الجزائري ويتبنى كل عملية إصلاحية مقتبسة من الكتاب والسنة وهدي سلف الأمة رضي الله عنهم سواء دعت لها جماعة أو حزب أو تكتل، لأن الجوهر المتبع هو مصادر النواة التي يتمركز حولها السلفيون والجهة السلفية في الجزائر تلقت ضربات موجعة من طرف النظام وتحطمت بناها التحتية في مرحلة الصراع بين الإسلاميين والنظام، فدفعنا فاتورة غالية وضريبة مشهودة بسبب ظلم الذي وقع علينا وما زلنا نعاني من التعسف والتهميش.

لكنّ السلفيين يتمتعون بقدرات قوية معنوية وعلمية وسياسية ميدانية بفضل الله تعالى وما ينقصنا الآن هو تنظيم الهيكل السلفي الذي سيرتب البيت السلفي ويضبط قدرات أهله وينظم قواعد جماعته ولكن النظام يرفض الترخيص للسلفيين بتنظيم جماعتهم رسميًا وقانونياً خشية بروزهم بقوة في المجتمع، لأنه يعلم يقينا أنهم سوف يستولون على الساحة السياسية والاجتماعية في سنوات قلائل بإذن الله ثم بعمل وجهود العاملين في الميدان لقوة السلفيين بفضل الله تعالى.

•إلى أي حد سيكون دور السلفيين مؤثرًا في قلب الموازين السياسية الجزائرية؟

- نحن معتمدون على الله متوكلون عليه، وهدفنا هو قبل كل شيء رضا الله ودخول الجنة، ومشروعنا في الجزائر هو مشروع دعوي علمي خيري وسياسي إسلامي مقتبس من الإسلام عقيدة وعبادة وحكماً وشريعة ونريد النفع والصلاح للبلاد والعباد، وهدفنا هو الإصلاح والإعمار وليس التخريب والإفساد، ونعمل جاهدين للوصول إلى الحق وإيصال رسالة الإسلام والحكم بما أنزل الله [للدولة والشعب]، وسوف تصل أجيالنا المستقبلية بإذن الله إلى السلطة، وستحكم الدولة بالإسلام والسنة، وقبل ذلك، نحن الآن في الجزائر بإمكاننا أن نساهم في إيجاد الحلول المتراكمة للفساد بإصلاح الشعب وتقنين قوانين وفق [الشريعة الإسلامية] والمساهمة في تطهير المجتمع من الانحلال والظلم بكل هدوء وسلمية.

نحن السلفيين بفضل الله مكسب ثمين للشعب وذخيرة للبلاد والعباد، لو تفتح لنا الأبواب مثل بقية الأحزاب، ونحظى بنفس الامتيازات التي يحظى بها غيرنا لفعلنا الكثير والكثير على جميع المستويات الداخلية والخارجية... ورغم الحصار والتضييق فنحن بفضل الله في كثير من الميادين والولايات في الدعوة والإصلاح وفعل الخير والمساهمة في المواقف السياسية المحلية والإقليمية والدولية ونساهم في الأمر بالمعروف وتربية المجتمع والنهي عن المنكر والتقليل من الفساد ونفعل بفضل الله ما لم تفعله كثير من الأحزاب المعتمدة التي تركض من وراء المناصب والماديات والإمتيازات و"الكوطات" (الحصص). ...

• ما السبب وراء انتقادكم الشديد للمراجعة الدستورية؟

- إنّ المراجعات الدستورية المعلن عنها في قناعاتنا، قد أنهيت وطويت ملفاتها إعدادًا وإسنادًا وتأصيلاً في السر، وقد أعدت خطوطها ومعالمها سابقاً في غرف النظام وكواليس رجال القرار، ولكنهم أشركوا بعض الأحزاب والشخصيات الوطنية لإضفاء الصبغة الشرعية التشاورية باستدعاء الطبقة السياسية وبعض الشخصيات المعروفة في البلاد، وأول انتقاد نوجهه للحكام وأهل القرار في الجزائر هو عدم تحكيم الشريعة وإهمال المصادر الإسلامية في التشريع.

نحن نطالب بأن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي في التشريع، وأن تكون شريعة الله هي المشكاة الرئيسية التي تقتبس منها الأحكام وتبقى التقنينات الطارئة المستجدة التي لا تصادم الوحي من اختصاص أهل الخبرات فكل واحد من هؤلاء على حسب ميدانه العلمي والاجتماعي والاقتصادي العسكري والأمني والسياسي، ولكن الكل يخضع للشريعة الإسلامية مراعاة للأصالة وحفاظاً على الدين والملة والهوية والأعراف الصالحة مع مواكبة الحضارة والتقدم والرقي الضروري وفق الحاجيات والضروريات والتحسينات المطلوبة.

وقد رأينا بعض المقترحات لا تصلح أصلاً لما فيها من الظلم والتعسف في حق الإسلام والمسلمين كحرية الانتقال من دين لآخر، وهذا نعتبره -نحن المسلمين- ردة عن الإسلام كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:[من بدل دينه فاقتلوه] فالمطلوب من النظام حماية الإسلام وتحصين المسلمين حتى لا يرتدوا لا تخييرهم بين الديانات استنادًا الى قانون الغرب.

ورفضنا شرعاً قانون مناصفة المرأة للرجل ونعتبره عدواناً صريحاً على رجولة الرجل وقوامته ومخالفاً للإسلام وقواعده واستهجنا أيضًا عدم تجاوز مرحلة الصراع بين السلطة والإسلاميين، وذلك من خلال إقرار دستوري بطي مرحلة الماضي قانونياً والدخول في مرحلة جديدة لتجاوز محنة التسعينات، وما ترتب عليها من أحكام إقصاء وحيف وظلم ومن المسائل السيادية التي ندعو إليها مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض ردًا لاعتبار الأجداد والشهداء والضحايا.

ندعو النظام الجزائري أن يستأسد على الغرب الصليبي بكل حزم وعزة لا أن يسلط مطرقته على الإسلاميين المستضعفين، وذلك بفرض الرؤية الإسلامية السيادية للشعب الجزائري المسلم على الغرب الصليبي ليحترموها ولتعاملوا معها على حسب واقع دين المسلمين وقواعد أخلاقهم الإسلامية وقناعتهم الإيمانية وعاداتهم العرفية.

• كيف تقاربون ما حصل في فرنسا، حينما شارك الحركي وأفراد من الجيش الجزائري جنبا إلى جنب في احتفالات العيد الوطني الفرنسي بباريس؟

- احتفال الجزائر في فرنسا مع جيش الاحتلال الفرنسي إهانة للمجاهدين والشهداء وضحايا الجهاد الجزائري لأنه عدوان على كرامة الجزائر وسيادتها الإسلامية والوطنية، فمن الخزي والعار أن تحتفل الجزائر مع المحتل الذي قتل مليوناً ونصف مليون شهيد في7 سنوات، وأباد قرابة مليونين ونصف المليون في مدة 132 سنة من احتلاله لبلادنا الجزائر.

لقد بكت عيون كل جزائري شريف، وهو يشاهد منظرًا مخزياً متمثلاً في مشاركة الجزائر في احتفاليات فرنسا رغم كل النداءات والأصوات والبيانات والتنديدات التي صدرت من الرافضين لمشاركة الجزائر في احتفاليات المحتل الفرنسي المجرم الذي هتك العرض الجزائري ودنس شرف المدنيين وقتل المجاهدين وعذّب الأحرار وسرق وحرق واغتصب الجزائريات وذبح الأطفال وأحرق المساجد ومسح قرى بكاملها بمجازره الوحشية.

إلا أن صوت الشرفاء لم يسمع من النظام ولم يلتفت إليه لتسجّل الدبلوماسية الجزائرية هزيمة نكراء وموقفاً منهزمًا أمام عدو الأمس واليوم بكل انبطاح ومذلة وعار وجبن، ونحن نبرأ إلى الله من هذا الموقف المذل، ونتنصل من أن يكون ممثلاً للجزائر المجاهدة التي وقفت في وجه فرنسا، ولا يزال نبلاؤها يناضلون ليحققوا رد الإعتبار ومعاقبة فرنسا وتجريمها وتعويض ما لحق بنا من الدمار والخسائر.

• ما الذي يحدث في منطقة غرداية الجنوبية الجزائرية، مع أنباء عن اغتيالات يومية غير مفهومة وغير مبررة؟

- الصراع الضروس في غرداية ليس صراعاً دينيًا ولا مذهبياً، وإنما هو صراع أحدثه من يريد إرهاب الجزائريين بإحراق البلد، مافيا العصب المتصارعة تريد حرق الجزائر لفرض قانونها، وجبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية تدعو المالكية والإباضية إلى عدم الانسياق وراء الدعوات الطائفية العدوانية، لأنها مرتبطة برياح صراع مافيا العصب.
إنّما صراع غرداية مفتعل ومحبوك بأيدي عدوانية تريد حرق البلد انطلاقاً من مساحة متوازية تجمع طائفتين من المسلمين قد عاشتا جنبًا الى جنب لمدة قرون، والفتن المندلعة في غرداية منذ بداية الأزمة مرتبطة بلا شك بالانتخابات الرئاسية وتحركها اليد الخفية بإتقان.

الاختيار الملعون وقع على غرداية بعلم ، لاشتمالها على أهل مذهبين لهم نزاعات قديمة ليسهل إحراقها لنشر الذعر والرعب فيها ، لفرض قانون مافيا العصب بالتهديد ليشمل بعدها بقية الولايات كبلاد القبائل ومناطق الشاوية تحريكًا لبقية الملفات الطائفية العنصرية .

نحن ندعو المالكية والإباضية بغرداية إلى ترك الخوض في الصراعات العنصرية المفتعلة، التي أحبكتها اليد الخفية الملعونة التي تعمل عمل الشياطين، إلهابا وإشعالًا للفتن الطائفية بين المسلمين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : [ أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ، دعوها فإنها نتنة ] ونحن جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية نؤكد أحقية كل مواطن جزائري في حق مواطنته الطبيعية.

وقد جاءني رجل فاضل وهو ممثل لمجلس من مجالس أعيان غرداية، فتحدثنا طويلاً عن المشكل وقلت له إن الصراع المفتعل ليس طائفيًا ولا مذهبياً ولا حتى دينيًا وإنما هو صراع عصابات لها مصالح، وأخبرني أن غرداية أصبحت منطقة عبور المخدرات ويُدار فيها رؤوس أموال كبيرة.

•& ما هي حقيقة تحركات الميزابيين هذه؟

- نحن مسلمون وجزائريون لا نرضى أن يمس أحد منا بسوء، ولكل الحق في المطالبة بحقه، ولكن ينبغي أن يكون ذلك بكل عدل فليس من الإنصاف مطالبة الأمم المتحدة بالتدخل في الجزائر، وكذا المنظمات الأجنبية، فبعض الأطراف تريد أن تستثمر في قضية غرداية ليدخلوا علينا الكفار الصليبيين.

نحن ضد الصليبيين لأنهم أسباب محن المسلمين، و لهم دوافع احتلالية للتدخل في شؤون المسلمين، فتراهم يقتنصون مثل هذه الفرص الثمينة التي يقع فيها ظلم وعدوان على طرف وشريحة من الشعب ليتدخلوا بتلك المظلمة في شؤوننا الداخلية لا لإنقاذ الضحية لأنهم لو أرادوا ذلك لذهبوا لفلسطين والشيشان وكشمير وأفغانستان والعراق وغيرها من البلاد المحتلة، وإنما لإغراق البلد في بحار من دماء وإدخالنا في احتلال عن طريق منظمات حقوق الإنسان ليجلبوا علينا الدمار والخراب وليستنزفوا خيراتنا، فدعوتنا -نحن السلفيين- هي التصالح بين الطرفين والخروج بحلول ناجحة يثبت بها الإسلام، ونفوت بها الفرص على أعداء الإسلام والمسلمين والجزائر والجزائريين.

• ما حقيقة ما وقع في منطقة القبائل من اعتداء أمازيغيين على حرمة الصيام وردّ السلفيين؟

- الحمد لله نحن مسلمون ونعيش في مجتمع مسلم، والأمازيغ البربر شرفاء وأحرار ومسلمون ويحبون القرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم ودين الإسلام، وهذه الثلة المتفسخة المرتدة عن الإسلام تريد استفزاز المجتمع الجزائري وإظهار صورة مخالفة لما عليه المجتمع القبائلي المسلم، وكأن الأمازيغ ليسوا مسلمين ويكفرون بالصيام وبالإسلام على حسب الصورة التي يسوقونها لفرنسا والكيان الصهيوني، ويهدفون الى جر المنطقة إلى مطالب الانفصال التي تدعو لها (حركة الماك الكافرة)، فهم يسعون بكل خسران طبعا لسلخ المنطقة الأمازيغية المسلمة عن انتمائها الإسلامي لفصلها عن دينها وهويتها ويريدون المصادمة والعراك حتى يثبتوا للعالم أقلياتهم ومظلمتهم في تصورهم المريض ليتحرك المجتمع الدولي معهم لنصرتهم ونجدتهم كما يحلمون.

لكن الحقيقة كل الحقيقة أنهم ثلة ساقطة وعصابة ممسوخة منقلبة على أصالتها وهويتها وجذورها الأمازيغية المسلمة الحقيقية فرأينا بكل تعقل وهدوء أن نرد عليهم أحسن جواب وأجمل رد ويكون ذلك بتطهير الساحة التي هتكوا فيها حرمة رمضان المقدس عند المسلمين الأمازيغ، وأن نؤذن ونصلي ونفطر عند غروب الشمس بعد انقضاء الصيام إفطارًا جماعيًا كأجدادنا المسلمين الأمازيغ الشرفاء الذين كانوا علماء ومجاهدين فاتحين يدافعون عن الإسلام ويستشهدون على القرآن والسنة والأمة الإسلامية.

• هل ترى الجزائر مقبلة على اضطرابات دينية وعرقية؟

- هذا والله أعلم سيكون على حسب ما قدّره الله وقضاه أولًا، ثم على قدر فطنة الجزائريين ووعيهم بما يحيط بهم من المخاطر والمهالك، ومما لا شك فيه أنّ قوى الاستكبار العالمية الكبرى تريد تفتيت الجزائر وتمزيقها داخليًا من غير التفات إلى طبيعة النظام الذي يحكم الدولة، سواء كان معهم أو ضدهم [ قناعة أو مصلحة أو نفاقا]، لأن الجزائر في الميزان [قارة واسعة] لها خيراتها وكنوزها وذخائرها وطاقاتها وقواتها وجماهيرها الشعبية، لاسيما القوة الشبابية الإسلامية التي تقلق مستقبل الغرب ومصالحه والغرب يسعى الى تفتيت الجزائر إلى خمس دويلات واحدة في بلاد القبائل الكبرى والصغرى، والأخرى في الشرق الجزائري والثالثة في الوسط، والرابعة في الجنوب الشرقي والخامسة في الجنوب الغربي حتى لا تشكل الجزائر قوة إقليمية لها مؤثراتها المحلية والإقليمية والدولية والعالمية.

قوى الطغيان والاستكبار العالمية تزعم أنها تخشى أن تقع الدولة الجزائرية مستقبلاً في أيدي أصوليين سواء كانوا ما يسمى عند الغرب متطرفين على حسب تصنيفهم أو محافظين معتدلين على حسب رؤيتهم، لأنهم أي (الإسلاميون) سيمنعون عن الغرب الامتيازات الاقتصادية التي تعطى لهم في الجزائر، وسيفقدون سيطرتهم على القرارات المصيرية الكبرى التي يرتبط مصيرهم بها بسبب قيام الشعوب الإسلامية المستقبلية بسيادتها وسياستها الداخلية والخارجية بكل حرية مطلقة وزعامة راشدة حرة.

قضية الجهوية هي الورقة التي يلعب بها الغرب لتفريق الجزائريين، لأنها من مخلفات الاحتلال الفرنسي، وأيضا جزء أو ثلة أو عدد من المعارضة المزيفة [أنا لا أقصد المعارضة الشريفة الحقيقية] وإنما أقصد من ارتمى في أحضان اليهود والنصارى المحاربين ليحارب قومه ودينه وملته لأنها ورقة ما يسمى أقليات، والتي يهدف أصحابها إلى زعزعة الجزائر بالفتن والتقسيم والتنصير والتشتيت من خلال نشر المعتقدات الكفرية والمناهج الصهيونية لإقامة نظام أكثر سوءًا من القائم حاليًا، ينبني على معالم غربية إباحية منحلة تخدم مصالح الخونة و حاجة الغرب المحتل الذي يسيطر على قرارات الأنظمة العربية بالمباشر بالواسطة.

• ألا يتم استثمار مسألة إعادة فتح المعابد اليهودية اليوم لتظهير حركة إسلامية جديدة على الساحة الجزائرية؟

- نية إعادة فتح المعابد اليهودية في الجزائر استفزاز لمشاعر المسلمين وعبث بدينهم وجهود أجدادنا الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل الإسلام والجزائر، ونحن نعلم يقينًا أن ضغوطاً أجنبية تمارس من الغرب الصليبي لتمكين المرتدين المتنصرين واليهود والملاحدة والعلمانيين كي يعبثوا بديننا وهويتنا ليفسدوا علينا عقيدتنا الإيمانية وشريعتنا الربانية وأخلاقنا الإسلامية، فيريدون الولوج من باب إظهار الأقليات كخطوة أولى ثم ترسيم حقوق مواطنتهم كخطوة ثانية ثم بروزهم وقيامهم بنشاطهم الديني والسياسي غير الإسلامي في بلادنا الإسلامية علانية تحت شعار التسامح الديني وعدم إكراه غير المسلم على الإسلام واحترام القناعات...، ثم قفزهم للمراكز الحساسة والفقارية في الدولة ليصبحوا حكاماً مشرعين وقادة ونواباً ومدراء وزعماء قرار وسلطة في البلاد.

أما الشريحة المستهدفة طبعًا من الإسلاميين فهم السلفيون الذين يقفون في وجه كل شكل من أشكال التغريب ومسخ الهوية وطمس معالم الحكم بما أنزل الله ولكننا أذكياء بفضل الله نسير بذكاء ونتصرف بحكمة ونعمل بخطوات موزونة وهدوء لتحقيق الهدف الأكبر وهو حماية المجتمع من التغريب والتشيع والردة والانحلال.

• ما هي طبيعة العلاقات الجزائرية المتجددة مع إيران؟

- نحن أهل السنة لا نعادي إيران أو&نتبرأ من الشيعة لعيون أي جهة أو دولة أو جماعة، فالحمد لله نحن أحرار في مواقفنا الشرعية وقراراتنا السياسية الداخلية والخارجية بفضل الله تعالى، فإيران دولة مجرمة ترسل مليشيات شيعية لقتل أهل السنة وتهول العالم الإسلامي وتشعله بالفتن والبلابل لئلا يستقر حتى يفقد توازنه ويشتغل بجبهاته الداخلية ومن ثم تمرّر الدولة الصفوية مشروعها الفارسي الطائفي العنصري على حسب جماجم ودماء المسلمين.

نحن السلفيين كوكبة أهل السنة والجماعة ندعو الأمة الإسلامية إلى محاربة التشيع والتصدي له علمياً ودعويًا وسياسيًا وإعلاميًا وفكريًا.

إيران الصفوية هي محور الضلال فلا هي تقاتل الغرب ولا أعداء الله وإنما تسلط سلاحها وأجهزة دولتها العسكرية ضد الإسلام والمسلمين، فهي التي تنشر التشيع اليوم في العالم وتدفع بالشيعة لمقاتلة أهل السنة لتشييع العالم الإسلامي بالقوة والإكراه والنظام الجزائري كان في خلاف ومقاطعة مع دولة إيران بسبب وقوفها مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ في مظلمتها، فلا يريد النظام الجزائري اليوم أن يعود إلى معاداة إيران حتى لا تؤيد الإسلاميين في الجزائر ضد النظام ودولة إيران لن تفعل ذلك لوجه الله وإنما لتتبوأ مقعدًا شيعيًا في الجزائر للحصول على الولاء وتوابعه المعنوية والمادية.

ونحن في جبهة الصحوة ضد إيران الصفوية المجرمة لأنها تحارب الإسلام وتقتل المسلمين وتتحالف مع أعداء الله اليهود والنصارى لقتل المسلمين.

• أليس مبالغة هذا التخويف من التشيّع في الجزائر؟

- لا ليس مبالغة منا فنحن في الميدان الدعوي والاجتماعي نقتنص حركاتهم، وإنّ عدد الشيعة يقارب ثلاثة آلاف في الجزائر، وهم خطر على البلاد والعباد، فهم نحلة تعطي ولاءها لإيران وتسعى الى تكوين نواة تصنع بها أحداثًا لتثبت نفسها كجزء من المجتمع الجزائري، ولكنها لن تقدر بفضل الله، لأنهم أي [المتشيعون الجزائريون] ممقوتون من طرف الشعب الجزائري المسلم الذي لا يرضى بمذهبهم الضال وعقيدتهم الشركية ومنهجهم الشركي، فهم قوم غير مرحب بهم ولاسيما بعد انكشاف أمرهم في العراق واليمن ولبنان وسوريا وإيران، فالشعب يعرف أعداءَه الآن ويتفطن لمكر الشيعة في العالم الإسلامي.

نحن السلفيين نتتبع أخبارهم ونشاطاتهم في كل الولايات، ونترصد تحركاتهم ونحذر الجزائريين منهم ونبين علميًا ودعويًا وسياسيًا وإعلاميًا خطرهم، فهم [ أي الشيعة] يصطادون عوام الناس وأصحاب القلوب المريضة ويكسبون أعداء الإسلاميين، ويؤكدون على ما يسمى أخطاء أهل السنة في قناعتهم لينشروها كعيوب عند أعداء الإسلام والملة فنحن لن ندعهم يستولون على شبر من أرض الجزائر لبناء معبد أو حسينية، لأننا نعرفهم جيد ونعرف نواياهم المبيّتة لإضلال المسلمين ولو بصرفهم عن السنة.

هم يعملون بخطة: " إن لم تتشيع لا تبقى سنياً وتبرأ منهم" ، فهم في الحقيقة حرب على الإسلام والمسلمين وليس إخوة لنا في الدين، بل لهم دين يهودي يتبعونه يخالف القرآن والوحي ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهم أعداؤنا وخصومنا في الدنيا والآخرة إلى الأبد.

• ما موقف الصحوة الحرة مما يجري في العراق اليوم، مع إعلان أبو بكر البغدادي الخلافة الاسلامية، خصوصًا أن حمادة ولد محمد الخيري (أبو قمقم) الرجل الأول في منظمة التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا، أعلن الولاء لها؟ حيث كشفت مصادر جزائرية عن أن خلافة "داعش" باتت على الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية للجزائر، وإعلان أبو قمقم الولاء للخلافة الاسلامية.

- إنّ ما يجري في العراق انتفاضة شعبية سنية ضد المالكي الصفوي الطائفي، وليس حرباً بين فصيل جهادي مثل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام والنظام المجرم، لأن العشائر تنتفض ضد النظام العراقي وهي قواعد شعبية كبيرة لها محافظاتها وقبائلها وأنصارها، والجماعات الجهادية كثيرة في العراق، وهي تقاتل أيضاً النظام العراقي الطائفي وتشارك العشائر في انتفاضتها ضد عدوان حكومة، فالذي يقع في العراق اليوم في الحقيقة هو ثورة شعبية عادلة ضد ظلم وإقصاء وتهميش حكومة المالكي الإيرانية ضد أهل السنة.

الشيعة أفقروا أهل السنة ودمروا قدراتهم وحطموا آمالهم وسجنوا أحرارهم ونساءهم وصبيانهم وشبابهم، وهمشوهم على كل المستويات والجبهات فلم يبقَ لهم إلا طريق المقاومة لإسقاط حكومة المالكي الإيرانية العميلة التي سلبت كل امتيازات الدولة العراقية وألحقتها بإيران وجردت أهل السنة من كل الصلاحيات وسلمتها للشيعة الروافض، فقام أهل السنة بمباركة علماء وهيئات وشخصيات وقادة عشائر أهل السنة في العراق ضد ظلم المالكي وعصاباته الإجرامية ومليشياته السفاحة.

والله نسأل أن ينصر أهل السنة، وأما إعلان الخلافة الإسلامية فأراها مجازفة بالمشروع الإسلامي الكبير الذي يجب أن يحقق مقاصد الشريعة وحماية بلاد الإسلام والمسلمين من عدوان المعتدين، لأن الكفار والرافضين للإسلام سينقضون على ما يسمى هذه الخلافة في مهدها، لاسيما وهي في حالة كر وفر مع الشيعة وأنظمة إيران العراقية والسورية في المنطقة وليست في حالة قوة وتوسع وتمكين كبير.

زد على هذا يكون واجبًا على من يعلن الخلافة أن يباركه العلماء ويقف في صفه المجاهدون كلهم، وينتظم لهم سلك الطاعة من طرف الشعوب والهيئات العلمية المستقلة، لأنّ الخلافة لها أسس وقواعد وأحكام تبنى عليها أركانها، وهذه الشروط يجب أن تتوفر فيمن يعلنها ومن يكون تحت لوائه، ويتحتم عليه وعليهم إقامة الدين وحماية بيضة الإسلام والمسلمين وكسر شوكة المعتدين وتوفير الأمن والآمان والحماية والغداء حتى ينضبط الناس ويخضعوا لأحكام الخلافة الإسلامية العادلة.

فأنا لا أرى صلاحية إعلان الخلافة الإسلامية إلا إذا توفرت شروطها الشرعية والواقعية والمنطقية من قدرات إيمانية ومعنوية وإعدادية وتنظيمية وتخطيطية وقتالية وعسكرية وجماهيرية شعبية لتثبت على الحق مهما كانت المحن من حصار وتضييق وقتل وشهداء فعلى سواد الأمة، وعلى رأسهم العلماء والهيئات القبلية والقواعد الجماهيرية أن يكونوا جاهزين لتحمل مثل هذه الأمانة الثقيلة التي يجب علينا جميعاً أن نسعى لإقامتها لأن إقامتها واجب ديني مقدس في عنق أهل العلم والهمة وإلا فإعلانها لا يزيد الناس إلا نفورًا منها وخوفًا منها وعليها وتألماً تأسفًا من ضياعها، والله المستعان والله أعلم.

&