ينقسم الألمان في فرانكفورت بين تأييد البرقع، وبين تأييد قرار منعه في الأماكن العامة، ما يوسع الهوة بين المسلمين والمجموعات الدينية الأخرى في المدينة.


بيروت: البرقع مسألة شائكة جدًا في ألمانيا، تكاد تطيح بالتحالف الحاكم، خصوصًا بعد وقوف المستشارة أنغيلا ميركل، وحزبها حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، إلى جانب منع البرقع، بينما يقف حزب الخضر ضده، مؤكدًا مع الرافضين أن هذا تجاوزا للحرية الشخصية والدينية والثقافية، وقد يؤدي إلى إذكاء التوتر العرقي والديني.

أما أنصار المنع فيصرون على أن لا مكان للبرقع في المجتمع الألماني المميز بتعدديته وتقدميته، ويطلبون تعميم المنع على كل القطاع العام، وهو الآن مقصور على الادارة البلدية. والفراق في هذه المسألة بين ميركل والخضر ظهر جليًا في مدينة فرانكفورت، التي يسكنها نحو 700 ألف نسمة، بينهم عدد كبير من المسلمين.

ضد البرقع

تنقل تقارير صحافية عن إوي بيكير، المسؤول في حزب المستشارة ميركل تأكيده، قولها إن الاعتراض الأساس على ارتداء البرقع هو أنه رمز للانفصال عن مجتمع حر ومفتوح، "فنحن نعيش في مدينة تعددية، فيها 170 جنسية، وفيها مسلمون ومسيحيون ويهود، وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى، والبرقع في هذا الجو الانفتاحي يرسل بإشارة قوية تؤكد أن ثمة من لا يريد أن يندمج في مجتمعنا، بل يريد الانفصال عنه، وبالتالي ليس الأمر تقييدًا دينيًا أو اجتماعيًا أو ثقافيًا، ولكنه خرق لمبدأ التعايش في مدينة غنية بتعدديتها وتنوعها مثل فرانكفورت".

أضاف بيكير: "في العام 1985، دار نقاش في ألمانيا حول مسألة إخفاء الوجه في التظاهرات، أي إخفاء الهوية أثناء حدث عام، فكنا نريد أن نعرف من يقف خلف القناع، خصوصًا عندما يأتي الأمر إلى المنحى الأمني".

لا يأبه بيكير لمسألة تنفيذ عقوبة أو فرض مخالفة مالية على ارتداء البرقع، كما هو حاصل في فرنسا، إنما همه الحفاظ على الجو التعددي في المدينة، وعلى المجتمع المفتوح، الذي يميز ألمانيا وأوروبا كلها، من دون أن يتخذ طرف ما قراره بالانفصال، إن لأسباب دينية أو ثقافية.

يقول: "وفي قراءة لردود الفعل التي وصلتني عبر فايسبوك والصحف، 90 بالمئة من مواطني فرانكفورت يؤيدون منع البرقع، لكن حلفاءنا في الائتلاف الحكومي يقولون إن قرار المنع شبه تعسفي، ويطلبون الاستعاضة عنه بالاقناع".

ضد المنع

من ناحية أخرى، تقول مارتينا فيلدماير، نائبة رئيس حزب الخضر في مدينة فرانكفورت، إن الأمر يحتمل تباينًا في وجهات النظر، "فالسؤال هنا هو ماذا نريد أن نحقق من وراء هذا القرار؟ تعزيز الاندماج الاجتماعي والانفتاح التعددي؟ فلا هذا ولا ذاك يتحققان من خلال فرض قوانين تحد من الحرية الشخصية، فحينها تزداد الهوة اتساعًا، ولذلك نفضل في حزب الخضر انتهاج سياسة الاقناع، بدلًا من الاخضاع".

وأضافت: "في الحقيقة، التبرقع الكامل ظاهرة نادرة في فرانكفورت، والنقاش الحاصل اليوم يزيد الاستقطاب، والمسألة ليست دعم ممارسة دينية بذاتها، وإنما رفض أي منع، واظن أن منع النساء المسلمات من ارتداء البرقع سيسبب مفاعيل عكسية، ومنها منع خروج بعض النساء نهائيًا من منازلهن".

وتلفت فيلدماير إلى أن رئيس الخضر في فرانكفورت، أوميد نوريبور الألماني المسلم من أصول إيرانية، يقف ضد البرقع. وتضيف: "من خلال سياسة الانفتاح والنقاش البناء لتعزيز الاندماج الاجتماعي في فرانكفورت، تمكنا من تحقيق تقدم ملموس في إطار الحوار حول القيم المشتركة والمختلفة، حتى أن النقاش في أمور هذا المنع كانت من صلب مواضيع الحوار".