في محاولة لتقليل ضرر الناقلات البحرية الضخمة على البيئة، يعود مهندسو البواخر إلى التقنيات القديمة كالأشرعة والمظلات. المهندس النرويجي تيرجه لاده يقدم تصميمًا لناقلة مستقبلية تستخدم جسدها المجوف شراعًا.

يتحدث المهندس النرويجي تيرجه لاده عن ثورة في عالم النقل البحري، تعد بتقليل استهلاك الوقود بنسبة 60%، وتوليد ثاني أوكسيد الكربون بنسبة مماثلة. وصمم لاده ناقلته، التي يفترض أن تنقل عددًا كبيرًا من الحاويات، بشكل شراع مجوف، مقتربًا من فكرة انتاج الطائرات ذات الأجنحة الضخمة، التي تتسع لجلوس الركاب.
&
"وند سكيب"
عمل لاده منذ 2010 على مشروع الباخرة- الشراع، ويجد الوقت مناسبًا للبحث عن شريك، أو ممول، يحول فكرته إلى واقع خلال سنوات قليلة. وفي هذا التصميم، تتحول قوة الريح وقوة الموجات من عامل معرقل إلى عامل مساعد، يرفع سرعة الباخرة ويقلل من استهلاكها للوقود.
وتخطط شركة "لاده المساهمة" لإنتاج ناقلات نفط وناقلات حاويات وبواخر سياحية ضخمة بنفس هندسة الباخرة الشراع التي يقترحها. أطلق لاده على هذا النوع من البواخر اسم "وند سكيب" وهي عبارة، بحسب تعبيره، عن "بلكر"، التي تعني الجسد الضخم بالانجليزية. ويبدو شكل التصميم الذي وزعه على الصحافة اشبه بناقلة طائرات منها باخرة نقل، لكنها تتمتع بتصميم أنيق ومستقبلي، يقربها أيضًا من مركبات الفضاء. فهي رشيقة وأنيقة وتبدو مثل شراع ضخم ينزلق على الماء بهدوء، دون أن تظهر الاشياء المحمولة داخله.
&
الريح محرك
في تصميم هذا النوع من "وند سكيب"، يعمل الجسد المجوف، الذي يشبه الشراع، بمثابة شراع تقليدي يستخدم الرياح في الانزلاق على الماء، كما هي حال السفن الشراعية. وهذا يحل مشكلة تقليل استهلاك الوقود فقط، لذلك زود لاده "وند سكيب" بمحرك غازي آخر لا بد منه للناقلة، كي تستخدمه في شق الطريق إلى داخل المرفأ وصولًا إلى مكان رسوها النهائي.
ويكفي الشراع المجوف لتحريك الناقلة إلى الأمام بسرعة 18 عقدة، أي ما يعادل 30كم/ ساعة. وهي سرعة مناسبة في مقاييس السرعة البحرية، فسرعة ناقلات النفط وناقلات الحاويات الحديثة تتراوح بين 27 و45 عقدة. كما زود المهندس الناقلة المستقبلية بنظام الكتروني لقراءة تقلبات الجو وسرعة الريح. ويتوقع لاده أن تنجح الناقلة في ريح مؤاتية في تقليص استهلاك الوقود بنسبة 70%، وتقليل انبعاث غاز ثاني اوكسيد الكربون من المحركات بنسبة 80%.
تمت تجربة الناقلة في قناة هوائية تحاكي الظروف البحرية في مسافة واسعة تمتد بين اليابان وشيلي طوال 23 يومًا. ونجحت الناقلة في هذه التجربة في قطع 75% من المسافة باستخدام الرياح فقط، كما اقتصدت استهلاك الوقود بنسبة 67%.
والنموذج الآول الذي قدمه لاده، وحظى بدعم الدولة النرويجية، مصمم لنقل 7000 سيارة. وذكر لاده أنه في حالة توفر الممولين، سينجح في بناء أول ناقلة ضخمة، وسيطلقها إلى البحار خلال 3 إلى 4 سنوات.
&
أكبر ملوث
من الناحية البيئية، وقود البواخر والناقلات هو من أكثر ملوثي المياه والجو بالكبريت وثاني أوكسيد الكربون. ويعني خفض استهلاك الوقود إلى النصف خفضًا للعناصر الضارة بالبيئة إلى النصف أيضًا. وتقدر الأمم المتحدة حجم ثاني أوكسيد الكبريت المنطلق عن وقود بواخر النقل الكبيرة بنحو 10 ملايين طن سنويًا. وتطلق بواخر النقل الكبيرة نحو 1,1 مليون طن من ثاني أوكسيد الكبريت سنويًا في بحر البلطيق، بحسب تقدير معهد الأبحاث البحرية في بريمن.&
وبحسب خبراء منظمة غرين بيس البيئية، تلوث 15 ناقلة بحرية ضخمة البيئة قدر ما تفعله 8 ملايين سيارة. ويشكل تلوث البيئة بفعل الناقلات البحرية 4,5 بالمئة من مجموع التلوث على المستوى العالمي، وتطلق الناقلات ضعف ما تطلقة الطائرات المماثلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
&
مظلات لتقليل استهلاك الوقود
بدأت شركة "سكاي سيلز" الألمانية بإنتاج مظلات كبيرة، تستخدم قوة الهواء لتحريك الناقلات الضخمة في البحار والمحيطات، وبالتالي تقليل صرف الوقود إلى النصف، وتقليل مخاطر حركة النقل البحري على البيئة البحرية.
وذكر مصدر في الشركة، التي تتخذ من ميناء هامبورغ مقرًا لها، أن التقنية تستخدم مظلات ضخمة تربط على الناقلات بشكل يكفل عدم اهتزازها وعدم انقلابها بقوة الريح، كما تقلل صرف وقود البواخر الضخمة بنسبة 50%. وهي قضية تجارية وبيئية في أن واحد، لأنها تختزل حجم خزانات الوقود في بواخر النقل لصالح توسيع عنابر البضائع، كما تقلص تكاليف النقل المرتبطة بأسعار النفط المتزايدة.
وبحسب تقدير شتيفان فارج، من "سكاي سيلز"، نظام سحب البواخر بالمظلات سيحدث ثورة بيئية في عالم النقل البحري. وصنعت "سكاي سيلز" نحو 500 طراز من المظلات المختلفة المساحة والقوة والتقنيات. وقدر فارج أن ناقلة هونغ كونغ اكسبرس، التي تعتبر الأكبر من نوعها في العالم، يمكن أن تختصر نصف استهلاكها للوقود باستخدام نظامSKS160 . ويعتمد هذا النظام مظلة مساحتها تعادل مساحة ملعب لكرة القدم، وترتفع نحو 500 متر عن سطح البحر. وتستخدم هونغ كونغ اكسبريس محركًا من قوة 108 آلاف حصان، ويستهلك 50 ألف لتر من الوقود كل 100 كيلومتر.