حذر الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون من بغداد اليوم من أن العراق يواجه تهديدًا في وجوده، ودعا القادة السياسيين إلى حوار بناء يتجاوز الخلافات الطائفية وطالب بحل الملفات العالقة مع أربيل والكويت.. فيما نفى المالكي أن يكون ما يجري في بلاده حالياً حرباً شيعية سنية، وانما هي حرب العراقيين ضد الارهاب.


لندن: استهل الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون مؤتمره الصحافي المشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد، الخميس، عقب مباحثات شاملة بينهما، حديثه بالعربية قائلاً" السلام عليكم.. ورمضان كريم".

وقال إن هذه هي زيارته السادسة إلى "العراق البلد العظيم الذي يواجه تحديات كبيرة" مشددًا على وقوف الامم المتحدة ودعمها الكامل لجهوده في التغلب على الانقسام وتحقيق الاستقرار. وأشار إلى أنّ نجاح الانتخابات النيابية العراقية الاخيرة التي جرت في نيسان (أبريل) الماضي شكل الخطوة الاولى في تعزيز الديمقراطية في البلاد.

ودعا جميع القادة السياسيين إلى العمل معًا لمواجهة الارهاب وتجاوز الطائفية، واوضح أنه بحث مع المالكي علاقات بغداد مع أربيل والعلاقات العراقية الكويتية، إضافة إلى العنف الخطير الذي يشهده العراق حاليًا وأكد دعمه له في هذا المجال، مشيرًا إلى أنّ هذا العنف يحصد ارواح العراقيين وادى إلى نزوح حوالي المليون منهم.

وحذر الأمين العام للامم المتحدة من أن العراق يواجه حاليًا تهديدًا في وجوده، ودعا لحكومة عراقية تتجاوز مخاوف العراقيين السياسية والامنية والاقتصادية وتمثل جميع العراقيين من دون الالتفات إلى خلفياتهم الطائفية والقومية. ودان جرائم الدولة الاسلامية وعمليات القتل التي تمارسها على اساس ديني وعرقي، مؤكدًا أن هذه تعتبر جرائم ضد الانسانية. وأكد أن الامم المتحدة ستقدم جميع المساعدات الممكنة إلى النازحين.

وطالب المسؤول الاممي القيادات العراقية بالدخول في حوار بناء لمواجهة الارهاب وتعزيز الديمقراطية وتطبيق حقوق الانسان والالتزام بالدستور، وقال إن قادة العراق يتحملون مسؤولية حماية الامن وضمان مستقبل افضل لكل العراقيين.

ودعا بغداد وأربيل إلى استعادة الشراكة بينهما والعمل معاً على معالجة الازمة الامنية التي تواجهها البلاد وحل جميع الخلافات بينهما على اساس الدستور.. وطالب العراق والكويت بالعمل على تحسين العلاقات بينهما وتجاوز آثار الماضي.

ومن جهته، أشار المالكي إلى أنّ وجود كي مون في بغداد يؤكد اهتمام المجتمع الدولي لما يجري في العراق والمنطقة من مخاطر هجمة ارهابية شرسة. وقال إنه طمأن المسؤول الاممي على استمرار العملية السياسية والالتزام بالدستور رغم الصعوبات، حيث يجري التحرك الآن لإختيار رئيس للجمهورية بعد اختيار رئيس للبرلمان ليعقب ذلك ترشيح رئيس للحكومة المقبلة.

وأضاف أن بان كي مون أكد له التزام الامم المتحدة ودعمها للعراق في مواجهة الارهاب بكل اشكاله موضحاً أنه طمأنه بأنه رغم ما حصل من احداث مؤلمة، في إشارة إلى سيطرة داعش على مناطق عراقية، إلا أن القوات العراقية بدأت تأخذ زمام المبادرة، وتمكن العراقيون من افشال محاولات لإشعال حرب شيعية سنية أو عرقية وقومية وأكدوا أنها معركة كل العراقيين ضد الارهاب.

وتحدث عن اهتمام الحكومة بمشكلة النازحين وتخصيصها مبالغ مالية لمساعدتهم، موضحًا أنه سيتم خلال ايام توزيع الف دولار على كل عائلة نازحة. وأضاف المالكي أنه بحث مع كي مون ايضاً تطورات القضية الفلسطينية، وما يجري الآن من حرب شرسة واستخدام خطير ومفرط للاسلحة الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، ودعا إلى وقوف الامم المتحدة مع الشعب الفلسطيني ووضعه تحت حماية المجتمع الدولي ليعود إلى ارضه وحل قضيته جذريًا.

مباحثات مع السيستاني والجبوري

ومن المنتظر أن يجري بان كي مون في وقت لاحق مباحثات مع رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري ثم ينتقل إلى النجف للاجتماع بالمرجع الشيعي الاعلى اية الله السيد علي السيستاني. وتتناول مباحثات الأمين العام للامم المتحدة في العراق الازمة السياسية والامنية التي يمر بها العراق حاليًا وتهجير داعش للمسيحيين وتشكيل حكومة جديدة في البلاد تمثل جميع المكونات العراقية.

وكان المسؤول الاممي أكد في تقرير مقدم إلى مجلس الأمن الدولي الاسبوع الماضي على ضرورة "وضع خارطة طريق لإيجاد حل طويل الأمد في العراق بالتعاون بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان. كما دعا "جميع الدول لفرض عقوبات على تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وعدم السماح للتنظيمات الإرهابية بإبعاد العراق عن الديمقراطية".

كما طالب بان كي مون المالكي بالعمل على الوصول إلى اجراءات حقيقية من اجل استعادة السلام والاستقرار للبلاد، وقال إن العراق يجب ان تكونَ فيه حكومة تعمل على احترام حقوق الانسان وايجاد الاستقرار السياسي للبلاد.

واعتبر كي مون أن اضطهاد المسيحيين في الموصل شمال العراق من قبل تنظيم "داعش" يمكن أن يعتبر جريمة ضد الإنسانية. وفي الوقت الذي كانت فيه&مئات العائلات المسيحية تغادر الموصل نتيجة إنذار وجهه لهم تنظيم "داعش" أعلن كي مون الاثنين الماضي "إدانته الحازمة جداً للاضطهاد المنهجي للأقليات في العراق من قبل الدولة الإسلامية والمجموعات المرتبطة بها".

وحذر من أن "هذه الهجمات المنهجية ضد المدنيين بسبب أصولهم العرقية أو انتماءاتهم الدينية يمكن أن تشكل جريمة ضد الإنسانية لا بد من المسؤولين عنها أن يلقوا العقاب".

وتأتي مباحثات الأمين العام للامم المتحدة في بغداد في وقت تدور فيه معارك بمناطق مختلفة من العراق بين القوات الامنية وتنظيم الدولة الاسلامية الذي سيطر على محافظة نينوى الشمالية في العاشر من الشهر الماضي ثم تمدد إلى مناطق اخرى في محافظات كركوك وديإلى وصلاح الدين والانبار.