أصبح القيادي الكردي "محمد فؤاد معصوم" ثاني رئيس كردي للجمهورية في تاريخ العراق إثر اختياره بالأغلبية في عمليتي تصويت أجريتا الخميس داخل مجلس النواب العراقي بانتظار حسم المعركة الاكبر بإنجاز الخيار الثالث في العملية السياسية باختيار المرشح لتشكيل الحكومة الجديدة بعد الانتهاء من انتخاب رئاسة البرلمان.


لندن: بعد ادائه اليمين الدستورية متعهدًا بالحفاظ على الدستور أقر الرئيس العراقي الجديد فؤاد معصوم بأن منصبه خطير وأن عليه مواجهة مهمات كبيرة سياسية وأمنية واقتصادية مشيرا إلى أنّه سيقدم في وقت لاحق رؤيته التفصيلية لكل ما يواجهه العراق من ازمات حاليا.

وفي بداية جلسة مجلس النواب صباح الخميس اعلن رئيسه سليم الجبوري ان عدد المرشحين لمنصب نائب الرئيس قد بلغ 102 مرشح من مختلف القوميات والانتماءات.. جرت بعدها عملية التصويت عليهم مرة واحدة حيث لم يحرز اي من المرشحين ثلثي الاصوات وحصل فؤاد معصوم من بين 275 صوتا وظهور 46 ورقة باطلة.. على 175 صوتا وحنان الفتلاوي على 37 صوتا وفائق الشيخ علي على 10 اصوات وحميد حمادي& وحين الموسوي على 3 اصوات لكل منهما وثائر.. وحسين اللامي على صوت واحد لكل منهما.

وبذلك لم يحصل اي من المرشحين على اغلبية ثلثي الاصوات فقرر رئيس البرلمان اعادة التصويت بين اكبر الحائزين الاثنين على الاصوات وهما فؤاد معصوم وحنان فتلاوي لكن هذه انسحبت داعية الرئيس إلى العمل على الحفاظ على وحدة العراق ورفض الدعوات إلى تقسيمه في إشارة إلى دعوات رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الذي يهدد باستقلال الاقليم.. كما اعلن فائق الشيخ علي انسحابه ايضا من السباق على رئاسة الجمهورية ايضا.

ثم تم إجراء جولة اخيرة من التصويت بين المرشحين معصوم وحسين الموسوي الذي حصل على 3 اصوات في الجولة الاولى فنال معصوم 211 صوتا بينما نال منافسه الموسوي 17 صوتا وبذلك اصبح الاول رئيسًا لجمهورية العراق للسنوات الاربع المقبلة.

وكان نواب التحالف الكردستاني قد صوتوا في اجتماع عقدوه في بغداد في وقت متأخر من الليلة الماضية بحضور 55 نائبا لصالح فؤاد معصوم رئيس اول حكومة في اقليم كردستان عام 1992 واول رئيس للبرلمان الاتحادي بعد سقوط النظام السابق عام 2003 مرشحهم لرئاسة العراق حيث حصل على 30 صوتا فيما احرز منافسه برهم صالح نائب رئيس الوزراء الاتحادي رئيس حكومة اقليم كردستان سابقا على 23 صوتا بينما امتنع نائبان عن التصويت.

فؤاد معصوم سيرة حياة سياسية وأكاديمية

الدكتور محمد فؤاد معصوم شخصية اكاديمية سياسية عراقية كردية معروفة بالاعتدال وتتجنب الصدامات مع الكتل والاحزاب والتنظيمات ويتمتع بعلاقات طيبة مع التيارات السياسية والاجتماعية والدينية وخصوصا المرجعيات الدينية دون ان تكون تلك العلاقات قائمة على اساس الانتماء الديني او السياسي او العرقي وقد نشأ في بيت وطني متدين ووالده الشيخ الملا معصوم كان رئيس علماء كردستان.

ومعصوم حاصل على شهادة الدكتوراه في الفلسفة الاسلامية من جامعة الازهر عام 1975 وموضوع اطروحته "اخوان الصفا فلسفتهم وغايتهم ". والده المرحوم الشيخ الملا معصوم كان رئيس علماء كردستان ومن دعاة التقارب المذهبي والتعايش الديني.

عمل استاذًا سابقا في كلية الآداب في جامعة البصرة ومحاضر في كلية الحقوق وكلية التربية في جامعة البصرة ايضا. وكان أول رئيس وزراء لحكومة كردستان العراق في مطلع التسعينات.. وأول رئيس للمجلس الوطني العراقي (البرلمان) بعد سقوط النظام السابق عام 2003.. وشغل رئاسة مجلس كتابة الدستور العراقي في بدايته. وهو أحد مؤسسي الاتحاد الوطني الكردستاني عام 1975.. ثم تولى رئاسة التحالف الوطني الكردستاني داخل البرلمان العراقي.

يذكر أن منصب رئيس الجمهورية هو من نصيب التحالف الكردستاني بحسب التوافقات السياسية والمحاصصة الطائفية والقومية المعقودة بين المكونات والاحزاب في الدورات الرئاسية الماضية.

شكوك بقرار المحكمة الاتحادية

وبانتهاء انتخاب رئيسين للجمهورية والبرلمان فإن على رئيس البلاد معصوم الآن واجب تكليف مرشح الكتلة البرلمانية الاكبر بتشكيل الحكومة خلال مدة 15 يوما.

وقد دار لغط خلال الساعات الاخيرة حول هوية الكتلة الاكبر في البرلمان.. ففيما ذكر نائب من ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي ان المحكمة الاتحادية العراقية العليا قد اصدرت قرارا اعتبرت فيه الائتلاف الكتلة الاكبر المخولة بتشكيل الحكومة الجديدة فقد نفى مصدر في المحكمة صدور هذا القرار.

وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون حسين المالكي في بيان صحافي إن ائتلافه تلقى ردًا من المحكمة الإتحادية باعتباره الكتلة النيابية الأكبر داخل البرلمان مشددا على ان الائتلاف متمسك بالمالكي مرشحاً لرئاسة الوزراء. واوضح ان الطلب قدم إلى المحكمة بعد اعتراض غالبية الكتل على مرشح دولة القانون نوري المالكي.

لكن مسؤولا في المحكمة نفى صدور مثل هذا القرار وقال المتحدث باسمها بد الستار البيرقدار ان "المحكمة الاتحادية لم تستقبل اي دعوى او تفسيرا بخصوص الكتلة البرلمانية الاكبر" مشيرا إلى أنّ "المحكمة كانت فسرت عام 2010 معنى الكتلة البرلمانية الاكبر ولا داعي لإعادة التفسير من جديد".

وفي مواجهة ذلك فقد أكد مصدر مطلع ان ثلاث كتل تشكل الثقل الأكبر في دولة القانون أبلغت الائتلاف الوطني ومرجعية النجف انها ستخرج من ائتلاف دولة القانون إلى التحالف الوطني مباشرة حال اعلان نوري المالكي ان دولة القانون هي الكتلة الاكبر. وقال المصدر ان هادي العامري رئيس منظمة بدر وحسين الشهرستاني رئيس كتلة مستقلون وخضير الخزاعي رئيس حزب الدعوة تنظيم العراق قد عقدوا العزم نهائيا على إيقاف ما وصفه بمغامرات نوري المالكي التي لم تعد تهدد التوافق الوطني وحسب وإنما الإجماع الشيعي.

وأكد المصدر ان هذه القيادات تحترم اتفاق اعلان بيان التحالف الوطني الشيعي الذي ألقاه الدكتور الجعفري قبل حوالى شهر من الآن بحضور السيد عمار الحكيم وخضير الخزاعي ونوري المالكي نفسه إلى جانب هادي العامري باعتبار التحالف الوطني هو الكتلة الاكبر في البرلمان والذي سيشكل الحكومة المقبلة.

وكان رئيس الوزراء اكد في الرابع من الشهر الحالي أنه لن يتنازل "أبداً" عن الترشح لرئاسة الوزراء "إخلاصا لأصوات الناخبين" وأشار إلى أنّ ائتلافه هو الكتلة الأكبر داخل البرلمان.

وأظهرت نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة التي جرت في نيسان (أبريل) ألماضي تصدر القوائم الشيعية الثلاث الرئيسة في العراق: دولة القانون بزعامة المالكي وكتلة الأحرار بزعامة الصدر وكتلة المواطن بزعامة الحكيم بواقع 96 و34 و29 مقعدا على التوالي بمجموع 159 مقعداً من أصل عدد مقاعد البرلمان البالغة 328 م. كما حصل التحالف الكردستاني بمكوناته الستة على 54 مقعدا وائتلاف متحدون (سني) بقيادة اسامة النجيفي على 23 مقعدا وائتلاف الوطنية (علماني) بزعامة اياد علاوي على 21 مقعدا والعربية (سني) بزعامة صالح المطلك على 9 مقاعد.