في سرية تامة، ومع اقتراب موعد إعلان اللجنة البريطانية لمراجعة موقف الحكومة البريطانية من جماعة الإخوان على أراضيها، زار وفد من الكونغرس الأميركي مصر أخيرًا للتحقيق بشأن تمويل الرئيس الأميركي باراك أوباما جماعة الإخوان المسلمين بمبلغ 50 مليون دولار، وبحث إدراج الجماعة على قائمة التنظيمات الإرهابية.


صبري عبد الحفيظ: قال مصدر سياسي مطلع في تصريح لـ"إيلاف" إن الوفد ضم خمسة أعضاء، وعقد لقاءات مع مسؤولين أمنيين وسياسيين. وأضاف أن الوفد عقد اجتماعات أيضًا مع قيادات سابقة في تنظيم الجهاد ومنشقين عن جماعة الإخوان، مشيرًا إلى أن الوفد طلب الحصول على الأدلة التي تدعم ممارسة الإخوان للإرهاب، وتلقي تمويلات خارجية، لا سيما من منظمات أو شخصيات أميركية.

كما التقى الوفد مسؤولين في إدارات مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية، وإطلع على الأدلة التي تم بموجبها تصنيف الحكومة للجماعة باعتبارها إرهابية. وأوضح المصدر أن الكونغرس الأميركي يبحث جديًا تصنيف الإخوان جماعة إرهابية، ويتعاون في هذا المجال مع مصر، مشيرًا إلى أن اللجنة قالت إنها تتعاون أيضًا مع الحكومة البريطانية في هذا المجال، لتشكيل جبهة دولية للضغط على الأمم المتحدة وإصدار قرار أممي في هذا الشأن.

من جانبه، قال الشيخ نبيل نعيم، مؤسس تنظيم الجهاد في مصر، لـ"إيلاف" إن اثنين من أعضاء الوفد الأميركي زاروه في مكتبه، أخيرًا، مشيرًا إلى أن الرجلين هما عضوان في الكونغرس الأميركي. ولفت إلى أن الإعلامي المصري عبد اللطيف المناوي تولى تنسيق اللقاء للعضوين الأميركيين معه.

وأوضح أن العضوين تحدثا معه حول تاريخ وحاضر جماعة الإخوان المسلمين، ومدى معرفته بسلوكياتها، وهل مارست الإرهاب في مصر وغيرها من دول العالم أم لا؟. ولفت إلى أنه أعطى عضوي الوفد معلومات وافية عما توافر لديه عن تنظيم الإخوان وقياداته. وأضاف أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية خرجت من عباءتها غالبية التنظيمات الإرهابية في العالم. وذكر أن زيارة الوفد كانت بالتنسيق مع الحكومة البريطانية التي تستعد لإنهاء تحقيقاتها بشأن& الموقف البريطاني الرسمي من أنشطة جماعة الإخوان على أراضيها.

وأشار إلى أن جماعة الإخوان أمعنت في ممارسة الإرهاب في أعقاب إسقاط نظام حكمها في 3 يوليو/ تموز 2013. وأعلن نعيم أن الجماعة مسؤولة بشكل مباشر عن العملية الإرهابية الأخيرة التي وقعت في نقطة تفتيش الفرافرة، والتي راح ضحيتها 22 عسكريًا. ولفت إلى أن التنظيم الدولي للجماعة يقف وراء تمويل العمليات الإرهابية الأخيرة، منوّهًا بأن التنظيم الدولي يقود العمليات الإرهابية ضد مصر، بهدف زعزعة استقرارها. وأفاد بأن التنظيم يموّل الجماعات الإرهابية المرتبطة بالقاعدة، والتي تتخذ من الصحراء الليبية مقار للإنطلاق منها في عملياتها الإرهابية ضد مصر وقواتها المسلحة.

وفي الوقت الذي يقترب موعد إعلان نتائج التحقيقات البريطانية بشأن جماعة الإخوان في غضون شهر أغسطس/ آب المقبل، تمر جماعة الإخوان بأشد وأصعب أزمتها منذ تأسيسها قبل 86 عامًا، على يد الشيخ حسن البنا. وسقطت الجماعة من فوق قمة هرم السلطة في مصر، بعدما وصل محمد مرسي إلى رئاسة الجمهورية، في 30 يونيو/ حزيران 2012، إلا أنه لم يستمر في الحكم سوى عام واحد. وخرجت تظاهرات مليونية حاشدة في شتى أرجاء مصر، في ذكرى تسلم مرسي السلطة، وهتفت برحيله، وقالت له "إرحل"، و"يسقط يسقط حكم المرشد"، في إشارة إلى أن الدكتور محمد بديع المرشد العام للجماعة، هو من كان يدير البلاد فعليًا.

ويقبع بديع الآن رهن الاعتقال، وصدرت ضده أربعة أحكام بالإعدام، في قضايا تتعلق بالتحريض على العنف، والعنف. وتدخل الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي، (الرئيس الحالي)، وقرر عزل مرسي، وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا، عدلي منصور رئيسًا مؤقتًا للجمهورية. وذلك بتاريخ 3 يوليو/ تموز 2013. واعتقلت قوات الشرطة غالبية قيادات الإخوان، وصدرت أحكام بالإعدام بحق قيادييها، ومنهم المرشد العام. وفر آخرون إلى خارج البلاد، وأقاموا في قطر أو تركيا، ومنهم: محمود حسين، الأمين العام للجماعة، ومحمود عزت، نائب المرشد العام، والذي يقود الجماعة حاليًا. وتتحدث تقارير إعلامية أنه يقيم في قطاع غزة.

ووفقًا للدكتور مصطفى فؤاد، الباحث في شؤون جماعات الإسلام السياسي، فإن قرار الحكومة البريطانية لم يتضح بعد، مشيرًا إلى أنه من الصعب التكهن بأنه قرار سلبي أم إيجابي. وقال لـ"إيلاف" إن لجنة التحقيق برئاسة السير جون جينكينز، عقدت لقاءات متعددة مع أطراف مختلفة في الأجهزة الأمنية في دول عدة، من بينها مصر، والسعودية وأميركا، إضافة إلى لقاءات مع رموز إسلامية، بمن فيهم رموز عرف عنها التشدد، والإنخراط في العمل الجهادي، ثم تعرّضت لمراجعات فكرية، وقررت نبذ العنف والإرهاب.

وأشار إلى أن القرار لن يكون وليد العاطفة، ولن يصدر لإرضاء أطراف دولية، حتى ولو كانت أميركا أو السعودية أو حتى مصر، منوهًا بأن أجهزة التحقيقات البريطانية معروف عنها النزاهة والشفافية، وعدم التسرع، وتتمتع بسمعة جيدة في أوساط أجهزة التحقيق على المستوى الدولي.

ولفت إلى أن ما يهم بريطانيا في هذا الأمر هو التأكد من ممارسة أعضاء وقيادات جماعة الإخوان على أراضيها أية أنشطة محظورة، تتعلق بالعنف أو تمويل العمليات الإرهابية أو التحريض عليها بأي شكل من الأشكال أم لا، مشيرًا إلى أن اللجنة لا تبحث في تاريخ وحاضر جماعة الإخوان المسلمين بشكل عام، بل في سلوكيات أعضائها بالأراضي البريطانية.

وصنفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان المسلمين تنظيمًا إرهابيًا بقرار إداري بتاريخ 25 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بعد يوم واحد من وقوع تفجير إرهابي إستهدف مديرية أمن الدقهلية، للمرة الثانية خلال أقل من شهر، ووقع 15 قتيلًا. وأعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مسؤوليتها عن الحادث، ونشرت مقطع فيديو يظهر عملية الإعداد للتفجير ثم الإنتهاء منه.&&
&
&