أجلت الولايات المتحدة السبت كل الموظفين من سفارتها في ليبيا بسبب القتال العنيف في العاصمة طرابلس حيث كانوا يواجهون "خطرا فعليا" ودعت كل الاميركيين الى مغادرة هذا البلد "فورا". ورغم ان السفارة كانت تعمل بعدد محدود من الموظفين، غادر الفريق المتبقي وفي عداده السفيرة آن باترسون، برا الى تونس في عملية تمت بمساعدة الجيش الاميركي.

وجاء اجلاء الموظفين الدبلوماسيين بعد ساعات على تحذير الحكومة الليبية الجمعة من "انهيار الدولة" مع استمرار المعارك بين مجموعات مسلحة تتنافس من اجل السيطرة على مطار طرابلس لليوم الثالث عشر على التوالي.

وفي باريس اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الولايات المتحدة امرت السبت باخلاء سفارتها في طرابلس بسبب "خطر حقيقي" على حياة الدبلوماسيين. وقال كيري امام الصحافيين خلال زيارته العاصمة الفرنسية ان الولايات المتحدة "تعلق" عملياتها، لكن لا تغلق سفارتها في العاصمة الليبية.

واضاف ان "الكثير من العنف يجري في محيط سفارتنا، وليس في السفارة نفسها، الا انه ورغم ذلك فان العنف يمثل خطرا حقيقيا جدا على موظفينا". وتابع "سنعود فور ان يسمح لنا الوضع الأمني بذلك. ولكن نظرا الى الوضع.. نريد ان نتخذ كل اجراء احترازي ممكن لحماية موظفينا".

وكانت الولايات المتحدة انضمت الى فرنسا وبريطانيا في الحملة العسكرية التي شنتها في 2011 للاطاحة بالزعيم الليبي السابق معمر القذافي. وقال كيري "ندعو جميع الليبيين الى الدخول في عملية سياسية والعمل معا لتجنب العنف. لقد قتل العديد من الناس وبذلت جهود كثيرة لولادة ليبيا الجديدة".

من جهتها قالت مساعدة المتحدث باسم الخارجية الاميركية ماري هارف في بيان "نظرا الى استمرار العنف الناجم من اشتباكات بين مجموعات مسلحة ليبية قرب السفارة الاميركية في طرابلس، قمنا موقتا بنقل كل موظفينا خارج ليبيا". واضافت هارف "نحن ملتزمون بدعم الشعب الليبي في هذه الاوقات الصعبة، وندرس حاليا خيارات لعودة دائمة الى طرابلس فور تحسن الوضع الامني على الارض". وتابعت هارف انه في الوقت نفسه "سيعمل الموظفون من واشنطن ومراكز اخرى في المنطقة".

من جانب اخر قال المتحدث باسم البنتاغون الاميرال جون كيربي ان "موظفي السفارة نقلوا في سيارات الى تونس" في عملية استغرقت خمس ساعات، وجرت بهدوء وسط مراقبة جوية من قبل طائرات اف-16 وبدعم من القوات المجوقلة الاميركية.

وتم اجلاء عناصر الامن من المارينز ايضا من السفارة، وقاموا بحراسة الموكب، لكن لم يتسن لمسؤولين اميركيين تاكيد عدد الاشخاص الذين غادروا ليبيا لاسباب امنية. كما اصدرت وزارة الخارجية الاميركية تحذيرا الى الاميركيين من السفر الى ليبيا، وحثت كل المتواجدين في هذا البلد الى "الرحيل فورا".

واندلعت معارك الجمعة بين مجموعات مسلحة ليبية متنافسة من اجل السيطرة على مطار طرابلس الذي يتعرض لقصف منذ 13 يوما، ما ادى الى اضطراب حركة الملاحة الجوية. وقالت هارف "للاسف اضطررنا لاتخاذ هذه الخطوة لان موقع سفارتنا قريب جدا من اماكن القتال الكثيف واعمال العنف المستمرة بين فصائل ليبية مسلحة".

واكدت ان موظفي السفارة غادروا برا ووصلوا الى تونس في وقت مبكر السبت "وسيغادرون من هناك". وكانت الحكومة الليبية دعت الجمعة في بيان مجددا الى وقف المعارك محذرة من خطر "انهيار الدولة". ومطار طرابلس الدولي مغلق منذ بدء المعارك في 13 تموز/يوليو. وخلفت المعارك 47 قتيلا و120 جريحا بحسب آخر حصيلة لوزارة الصحة.

واندلعت هذه المواجهات الاعنف في طرابلس منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، بعد هجوم لمجموعة مسلحة اسلامية من مدينة مصراتة (200 كلم شرق العاصمة) حاولت طرد مجموعة مسلحة من الزنتان من المطار. وثوار الزنتان (170 كلم جنوب غرب العاصمة) ينظر اليهم باعتبارهم الجناح المسلح للتيار الليبرالي، ويسيطرون منذ الاطاحة بالقذافي على مطار طرابلس، اضافة الى العديد من المنشآت المدنية والعسكرية في جنوب العاصمة.

ويتهم خصوم ثوار الزنتان هؤلاء بانهم يضمون في صفوفهم مقاتلين وضباطا سابقين في جيش القذافي كانوا شاركوا في قمع ثورة 2011. ويرى الاسلاميون وثوار مصراتة ان النزاع اصبح بين "ثوار" و"بقايا النظام السابق".

ويرى محللون ليبيون ان هذه المعارك جزء من الصراع على النفوذ بين هذه المناطق وكذلك بين مختلف التيارات السياسية بينما يستعد البرلمان المنبثق من الانتخابات التشريعية التي جرت في 25 حزيران/يونيو لتولي مهامه.
&