&
تحتجب الصحف العراقية عن الصدور لتسعة أيام متتالية، الأمر الذي اعتبره كثيرون دليلاً على قرب نهاية عصر الورق والتحول كليًا إلى الإعلام الإلكتروني الذي بات يحظى بشعبية واسعة ولا يعرف عطلات لا في الأعياد ولا غيرها.

بغداد:&&إزاء احتجاب الصحف العراقية عن الصدور لاكثر من تسعة ايام لمناسبة عيد الفطر، لا يجد العراقيون امامهم إلا الاستغراب تارة واللجوء الى الصحافة الالكترونية تارة أخرى.
مثل عادتها في المناسبات التي تنتج عنها عطلات طويلة الامد، تتأثر الصحافة العراقية بشكل مباشر ويخلد الصحافيون في إجازة قسرية، فتغيب الصحف تمامًا على الرغم من أعدادها الكثيرة، وسط استغراب الكثيرين عن العطل طويلة الأمد&،&بينما العراق يمر بأحداث خطيرة تحتاج الى مواكبة الاحداث وارشفتها، فيما يرى البعض أن هذا الواقع يشير الى أن الصحافة الورقية في طريقها الى الاندثار، حيث سيكون للصحافة الالكترونية حضورها الفاعل في المستقبل.
&
عكس مسار الحياة
واعرب الصحافي زيد الفلاحي عن استغرابه لاحتجاب الصحف في وقت يموج فيه العراق بأحداث كبيرة، وقال: قلت لزميل عزيز، يرأس تحرير جريدة لها صيتها في شارع الصحافة العراقية، كيف ترى حال &قرّائكم ، وهم من دون الصحيفة التي اعتادوا عليها&؟، ضحك زميلي، وحدثتني عيناه&بأنه استشف من سؤالي استهزاءً بما آلت اليه صحف اليوم، والتي باتت محدودة الانتشار".
&
واضاف: في منطق الموضوعية، لا يجوز لبلد، مثل العراق، يموج بأحداث كبيرة وخطيرة، أن تخلو ساحته من الصحف، حتى من باب التوثيق .. لكن الاستثناء، اصبح&مكان القاعدة في البلد، لذلك أخذت الصحافة لنفسها عطلة تستمر اسبوعاً .. وهذا خلافًا لمسارالحياة المعروفة".
&
وتابع الفلاحي: يمكن للصحافة الالكترونية، أن تغطي الفراغ (إن كان هناك فراغ) في تغطية تسارع الاحداث، لاسيما أن بعض المواقع الالكترونية الرصينة اصبح لها مريدون ومتابعون كُثر، لأن خدماتها الإخبارية وتحليلاتها بدأت تتسع بإطراد، ما ينبئ&، بأن الصحافة الالكترونية تعد العدة لتكون منافساً شديد البأس للصحافة الورقية، التي ركنت &( مع الأسف ) الى خدر لذيذ، في لجة الكم الكبير من الإصدارات، دون التفكير بالنوع .. فلم يعد يكترث لها&أحد، فنامت في سرير اجازة طويلة امتدت لإسبوع، في ظاهرة&سيكتبها مؤرخو&الصحافة العراقية في لاحق السنين.
&
الصحافة الورقية تندثر
& اما الصحافي جلال حسن فقد اكد أن هذا الاحتجاب يؤكد أن الصحافة الورقية ستندثر، وقال: جميع الصحف العراقية تعتمد في إخبارها وتقاريرها ومواضيعها على ما تنشره المواقع الإلكترونية حتى صارتْ الرافد الرئيس لمعظم ما ينشر في الصحافة اليومية، لذلك عمدتْ بعض المواقع الإلكترونية الى السبق الصحفي من خلال شبكة مراسلين يتابعون الحدث وينشرون الإخبار بسرعة مذهلة، ما جعلتْ حتى الفضائيات تسارع الى نشر ما ينشر بالمواقع الإلكترونية المعروفة بالموضوعية والمصداقية بل صارتْ تشترك في تلك المواقع".
&
&واضاف: بعد 2010 أخذت المواقع الإلكترونية تستحوذ على اهتمام الصحافة الورقية، الأمر الذي جعل من القارئ يتابع تلك المواقع ويهمل ما ينشر في صحف اليوم الثاني، باعتبار أن الإخبار أصبحتْ قديمة ولا تثير الاهتمام.&
&
وتابع: مما ساعد في انتشار المواقع الإلكترونية توسع خدمات الانترنت الذي دخل البيوت من أوسع أبوابها، وسهل الدخول الى تلك المواقع وتصحف أخبارها ومواضيعها. لذلك يمكن القول إن في المستقبل القريب سوف تندثر الصحافة الورقية وتصبح من المسميات المنسية بعد الطفرة الهائلة التي حققتها المواقع الإلكترونية بما يلبي رغبة المتصفحين الى الجديد من المواضيع المتنوعة والآراء والخدمات الصحفية التي أثرتْ على الصحافة الورقية بشكل مباشر حتى لو تعطلتْ نهائياً عن الصدور".
&
الشبكة العنكبوتية ستعوض
الى ذلك قال الصحافي صباح السيلاوي: هناك انقسام كبير في الوسط الثقافي العراقي حول ما هو أجدى الصحف الالكترونية أم الصحف المكتوبة، فالبعض يفضل الصحف المكتوبة ومنهم انا، لأن لي طقوساً خاصة في قراءة الصحف والتمعن بما تكتب بحكم تخصصي الاكاديمي ويشاركني الرأي العديد من المثقفين، لكن التطور التكنولوجي ودخول الانترنت الى البيوت والمقاهي والاماكن العامة جعل هناك نسبة كبيرة من الجمهور تذهب الى الصحافة الالكترونية، وخاصة بين الاوساط الشبابية التي اعتقد جازمًا بأن اغلبهم غير متعوّد على قراءة الصحف".
&
&واضاف: اعتقد بأن الانترنت يعوض بعض الشيء فقدان الصحف لهذه الفترة الطويلة لكنّ الكثيرين، ومنهم انا، لا يرغبون باحتجاب الصحف التي اصبحت غذاءً دائماً لنا، ولو أن الصحافة العراقية بشكل عام لم تواكب التطور العالمي في سرعة نقل الخبر وتحليله من خلال شبكة كبيرة من المراسلين في مواقع الاحداث، اضافة الى الامكانات المادية التي تفتقد اليها الصحف العراقية التي بقي فيها الصحافي معوزاً على الدوام مما جعله يلتجئ الى الصحف الحزبية حتى وإن كانت لا تتماشى مع معتقداته وآرائه السياسية والاجتماعية .
&
&وتابع :خلاصة القول إن للصحف المطبوعة نكهة خاصة، ولا يمكن الاستغناء عنها من قبل الكثيرين وخاصة الطبقة المثقفة التي تبحث عمّا يطور قابلياتها لأن الصحف باعتقادي لا تنشر المواضيع الضحلة التي تسيء الى الآخرين، ودائما تتفق مع كتّاب معروفين لهم كتابات رصينة، وهذا ما نبحث عنه ونفتقده في الصحافة الالكترونية".
&
احتجاب الصحف .. كآبة !&
اما الصحافي &يعقوب يوسف فقد اكد أن الصحافة الورقية تقليد ثقافي لا يمكن الاستغناء عنه، مشيرًا الى أن أي بلد بلا صحف ورقية سيفقد رونقه الصحفي، وقال: ستتعطل الصحافة الورقية تسعة أيام في العراق فهنالك عطلة رسمية وما أكثر عطل هذه الدولة، عطل أكلت زمننا ووقتنا وأعمارنا، وعندما تتعطل الصحافة الورقية فإن الشارع والمواطن سيصابان بالكآبة ، سيشعر المتابعون للصحف اليومية بالاختناق والحزن لأن سلواهم الصحف الورقية &احتجبت، لا يمكن للصحافة الالكترونية أن تكون بديلاً للصحافة الورقية مهما اشتد الخطب، إن الصحافة الورقية تقليد ثقافي رصين وقديم، تقليد عمره أكثر من قرن، وستظل زاد المثقفين مثل الكتاب فلو افترضنا تعطل الصحافة الورقية يوماً ما معنى ذلك تعطل الثقافة وموتها الأبدي.
&
واضاف: خلال الايام التسعة، سأتابع الاخبار عبر الفضائيات والانترنت، الصحافة الورقية لها قيمة والالكترونية أيضًا لها أهمية، هما رافدان متصلان ببعضهما البعض لا يمكن الاستغناء عن أحدهما.
&
&