حذر رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري من أن بلاده تواجه ظروفاً خطيرة دون حل أو ضوء في نهاية النفق، ودعا إلى عفو عام عاجل يشكل مشروعًا نحو المصالحة الحقيقية وعربون ثقة بين السلطة والمواطن.. فيما يتصاعد تصارع المالكي الطامح إلى ولاية ثالثة مع التحالف الشيعي الذي ينتمي اليه حول تسمية الكتلة البرلمانية الاكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة المقبلة.


لندن: قال رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في رسالة إلى العراقيين لمناسبة حلول عيد الفطر المبارك الذي احتفل سنتهم به اليوم الاثنين وشيعته غدًا الثلاثاء، وتسلمت "إيلاف" نصها، أن "هذا العيد يأتي في ظرف استثنائي يفوق في حرجه ومشقته كل ما سبق من السنوات في تاريخ العراق الحديث، حيث يزورنا العيد وأهلنا في المحافظات الست (السنية) في ظرف حرج من التهجير الذي طال ما يزيد على نصف سكانها في نينوى وصلاح الدين والانبار وديإلى، حيث تركوا ديارهم ومدنهم وقراهم فرارًا بأرواحهم من نيران الصراع المسلح، والذي تسببت به الجماعات الإرهابية والمليشيات وزادت مأساة العمليات العسكرية والتسبب في إزهاق أرواح المدنيين عزل ليس لهم ذنب إلا أنهم لا يملكون ثمن استئجار السكن والعيش الكريم في مناطق النزوح، وإضافة إلى كل ذلك ارتفاع درجات الحرارة ونقص الغذاء والدواء والظروف البيئية والصحية المتردية، والتي أدت إلى وفاة العديد من الأطفال والمرضى وكبار السن ويظهر ذلك جليًا في مخيم الخازر ومخيم خانقين والسكن العشوائي للفارين من نار الحرب في مناطق سنجار وغيرها".

وأشار إلى أنّه إضافة إلى ذلك "ما تعرض له إخوة الوطن من أبناء الديانة المسيحية من عملية تهجير جماعي تحت أجندة متطرفة تسيء إلى الإسلام وقيمه العظيمة المبنية على التسامح والإخوة والحب.

ظلام في نهاية النفق

ويأتي هذا العيد كذلك والعملية السياسية في العراق والتي تنتظرها أعين العراقيين بترقب في أمل أخير من محنة العراق التي طال انتظار حلها وزادت محنتهم وتكالبت عليهم الهموم وتنازعتهم أيدي الأعداء من الخارج ونشبت الكوارث إظفارها في جسدهم الذي صبر وانتظر طويلاً دون حل يذكر أو ضوء في نهاية النفق الذي اشتد ظلامه واسودت حوالكه على العراقيين من كل الأطياف والأديان والأفكار والقوميات والمذاهب والتوجهات".

ودعا الحكومة إلى "تبني عفو عام يستثني المتلطخة أيديهم بدماء الأبرياء بدليل قضائي واضح وتحت ظروف تحقيق عادلة وما عدا ذلك إخراج جميع المعتقلين الأبرياء والمتعلق باحتجازهم الحق العام، وأن يكون ذلك بقانون عاجل إلى البرلمان لإقراره سريعاً وإدخال فرحة العيد بشمول هؤلاء الأبرياء بهذا العفو إن لم يسعفنا الوقت بإخراجهم ليكون هذا الإجراء مشروعاً نحو المصالحة الحقيقية وعربون ثقة بين السلطة والمواطن ليكون شريكًا في حماية البلد متحملاً مسؤولية ذلك كطرف فاعل وليس طرفًا متشككاً".

معصوم: نعمل لحكومة بأسرع وقت

أما الرئيس العراقي فؤاد معصوم فقال في رسالة مماثلة انه سيسعى بالصبر والإصرار بكل إخلاص للتواصل مع الأطراف السياسية جميعاً بأسرع وقت، بحسب السياقات الدستورية لتشكيل حكومة وطنية أساسها الشراكة الوطنية لتنجز مهماتها الأساس وعلى رأسها معالجة الملف الأمني والتصدي للإرهاب بكل قوة وحزم.

وأضاف أن الحكومة المقبلة ستنظر بجدية في مواطن الخلل في بناء أجهزتنا الأمنية والعسكرية وسدّ كل الثغرات التي يمكن أن ينفذ من خلالها أعداء العراق، والاهتمام بشكل جدي بأبناء شعبنا من الذين هُجّروا من مناطقهم قسراً، وأُجبروا على ترك مدنهم وقراهم بسبب الهجمة التكفيرية الظالمة عليهم وتوفير الأجواء الأمنية المناسبة لعودتهم إلى مناطقهم وتوفير الحياة الحرة الكريمة لهم ولكل أبناء العراق".

ومن جهتها، اعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق اليوم عن وفاة 150 طفلاً من نازحي مدينة الموصل بمحافظة نينوى شمال العراق بسبب ارتفاع درجات الحرارة والأمراض المعدية التي أصيبوا بها منذ بدء الأزمة في المدينة الشهر الماضي.

وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي "توفي ما يزيد على 150 طفلاً منذ أزمة الموصل بسبب معاناة النزوح وارتفاع درجات الحرارة واصابتهم بالكوليرا.. وأكد أن الأطفال النازحين يعانون مأساة إنسانية فهناك نقص في الحليب والأغذية والكثير منهم يعيشون في مخيمات لا تتوفر فيها أبسط مقومات الحياة، والآخرون مازالوا دون مأوى". وطالب الغراوي منظمة يونيسف ومنظمة الصحة العالمية بتقديم مساعدات إغاثة عاجلة لأطفال العراق النازحين.

وتشير الإحصائيات التي أعلنت عنها حكومة إقليم كردستان الشمالي والمنظمات الدولية إلى أن عدد النازحين الذين لجأوا إلى محافظات ومدن الإقليم هرباً من المعارك في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" في شمال وغرب البلاد منذ العاشر من حزيران (يونيو) الماضي تقارب المليون.

تصاعد حرب "الكتلة الاكبر"

وفي هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه العراق يتصارع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، رئيس ائتلاف دولة القانون الطامح إلى ولاية ثالثة، مع التحالف الشيعي الذي ينتمي اليه حول تسمية الكتلة البرلمانية الاكبر من بين الائتلافين، والتي يحق لها تشكيل الحكومة المقبلة.

فبعد أن أكد التحالف الشيعي أنه قدم وثيقة إلى البرلمان تتضمن توقيعات قادته وبينهم المالكي تقر بأنه الكتلة الاكبر، فقد نفى المالكي بشده توقيعه طلبًا إلى البرلمان يتضمن اعتبار الشيعي الكتلة الاكبر. وقال المالكي في خطاب إلى رئيس واعضاء المحكمة الاتحادية حمل توقيعه: "اؤكد لكم باعتباري رئيساً لائتلاف دولة القانون بأنني لم أوقع أي طلب إلى رئيس مجلس النواب (رئيس السن)، الذي هو ادار الجلسة الاولى يتضمن اعتبار التحالف هو الكتلة الاكبر وبكل تأكيد انتهت الجلسة الاولى المنعقدة في 1/7/2014 ولم اوقع مثل هذا الطلب".

وأضاف "واذا قدمت ورقة بتاريخ سابق على الجلسة أو في تاريخ انعقادها، فهي غير صحيحة واعتبرها تضليلاً للمحكمة الاتحادية ومحاولة لغمط الحقوق الدستورية والسياقات التي حددها الدستور والمحكمة الاتحادية التي حصرت تشكيل الكتلة الاكبر فقط في الجلسة الاولى لا بعدها".

ومن جانبه، كشف مصدر في التحالف الشيعي أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم رد طلباً قدمه المالكي ينص على اعلان ائتلافه "دولة القانون" بأنه الكتلة الأكبر عدداً في مجلس النواب وله الحق بتشكيل الحكومة المقبلة. واوضح أن "معصوم رد الطلب بتأكيد استلامه كتاباً رسمياً من رئاسة مجلس النواب ينص على اعلان التحالف الشيعي هو الكتلة النيابية الاكبر وانها هي المعتمدة لديه في تشكيل الحكومة المقبلة".

وعلى الصعيد نفسه، فقد تسلم معصوم خطابًا رسمياً من رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ينص على اعلان التحالف الشيعي الكتلة النيابية الأكبر عدداً تمهيداً لتكليفها بتشكيل الحكومة المقبلة. والخطاب
&الذي تسلمه معصوم موقع من رئيس التحالف ابراهيم الجعفري وباقي قادة الكتل المنضوية في التحالف". وكان معصوم والجبوري قد بحثا امس خلال لقاء آخر مستجدات العملية السياسية في العراق وسبل التواصل بين الكتل السياسية من اجل الاسراع بتشكيل الحكومة المقبلة.

وقد أكد عضو البرلمان العراقي والقيادي في كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي إبراهيم بحر العلوم أن رؤساء وقادة كتل التحالف الشيعي كانوا قد وقعوا وثيقة في ما بينهم تنص على اعتبار التحالف هو الكتلة الأكبر في البرلمان وليس أي كتلة أو طرف آخر.وأضاف أن محاولات دولة القانون بزعامة المالكي لوصفها الكتلة الأكبر لن يكتب لها النجاح لا سيما بعد نفي المحكمة الاتحادية ذلك.

وأشار إلى أنّ الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه بين قيادات التحالف الوطني ينص على أنه بمجموع أعضائه هو الكتلة الأكبر، وبالتالي فإن أي تفسيرات أخرى ليست صحيحة وليست ملزمة.. وقال إن هذه الوثيقة لم تقدم إلى رئيس البرلمان ولكنها سوف تقدم إلى رئيس الجمهورية لأنه هو من يكلف مرشح هذه الكتلة لرئاسة الحكومة في غضون المدة الدستورية من تاريخ ترديده القسم وهي 15 يومًا.

وردًا على سؤال بشأن ماذا يمكن أن يحصل في حال أصر المالكي على أنه صاحب الكتلة الأكبر، وأنه من يجب أن يرشح لتشكيل الحكومة المقبلة، قال بحر العلوم إن هناك عدة عوائق في هذا المجال أبرزها رأي المرجعية الواضح والصريح بالتغيير والمقبولية الوطنية وهي ما لم تعد تتوافر في&المالكي يضاف إلى ذلك أن التحالف الشيعي وكذلك الفضاء الوطني عبّر عن رفضه الصريح للولاية الثالثة كمبدأ وليس ضد المالكي بالضرورة.

وأوضح بحر العلوم أن هناك مسألة في غاية الأهمية وبات قادة دولة القانون يدركونها أنه بعد ما قام به أحمد الجلبي حين رشح نفسه مقابل حيدر العبادي لمنصب النائب الأول لرئيس البرلمان قد أثبت بشكل واضح أنه ليس بمقدور دولة القانون وحدها تحقيق الفوز في أي منصب دون مساندة التحالف الشيعي.