يستمر العنف في حصد الضحايا يوميا في سوريا، المقاتلين منهم والمدنيين وبينهم العديد من الاطفال، في وقت تكاد الاحداث الدامية المتتالية في منطقة الشرق الاوسط تغطي على النزاع الذي يزداد تعقيدا وتشعبا. فقد قتل منذ يوم امس حتى فجر الاثنين حوالى اربعين مدنيا بينهم 12 طفلا في قصف وتفجير متبادل بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة في مناطق مختلفة من سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

وتسبب النزاع السوري المستمر منذ اكثر من ثلاث سنوات بمقتل اكثر من 170 الف شخص وتهجير اكثر من تسعة ملايين سوري من منازلهم. ويعجز المجتمع الدولي عن ايجاد حل للازمة التي تعددت الجبهات فيها. اذ بات النظام يقاتل على جبهة مقاتلي المعارضة وتنظيم "الدولة الاسلامية"، بينما يتقاتل الاطراف الذين يقاتلون النظام بين بعضهم.

ويزداد يوما بعد يوم نفوذ "الدولة الاسلامية"، التي برزت العام 2013، وباتت تسيطر على مساحات واسعة في شمال سوريا وشرقها مع امتداد في الاراضي العراقية (شمال وغرب). واعلنت في نهاية حزيران/يونيو اقامة "الخلافة الاسلامية" انطلاقا من هذه الاراضي التي فترض عليها قانونها المتشدد، وتؤكد رغبتها في التوسع. بين ضحايا الساعات الاخيرة، افاد المرصد عن مقتل تسعة اشخاص بينهم ثلاثة أطفال امس "جراء إلقاء الطيران المروحي برميلين متفجرين على مناطق في حي الشعار في حلب".

في المقابل، اشار الى مقتل ستة مواطنين آخرين بينهم ثلاثة اطفال وسيدة "جراء سقوط قذائف اطلقتها الكتائب المقاتلة على مناطق في حي الجابرية الخاضع لسيطرة قوات النظام في حلب ليلا". وتتقاسم قوات النظام ومجموعات المعارضة المسلحة السيطرة على مدينة حلب التي تشهد اشتباكات شبه يومية بين الطرفين منذ صيف 2012.

في ريف دمشق، افاد المرصد عن "مقتل ثلاثة اطفال جراء سقوط قذائف أطلقها مقاتلون على مناطق في قرية بيت تيما". بينما قتل الاطفال الآخرون في قصف لقوات النظام في مناطق متفرقة. ويقول مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "يوميا، يقتل في سوريا بين سبعين الى مئة مدني، ولم يعد احد يهتم".

بين قتلى الاحد ايضا امرأة حامل في شهرها التاسع قتلت في انفجار في حي الارمن، الذي تقطنه غالبية علوية في مدينة حمص (وسط)، وقتل معها اثنان من اطفالها. ويقول عبد الرحمن ان الاطباء نجحوا في اخراج الجنين، الذي توفي بعد وقت قصير".

اليوم الاثنين، قتل زوجان في قصف جوي على مدينة انخل في ولاية درعا (جنوب)، وكانت المرأة حاملا في شهرها التاسع. وتساقطت اليوم، بحسب المرصد، قذائف على مناطق عدة في مدينة دمشق، مصدرها مواقع مقاتلي المعارضة، في اليوم الاول من عيد الفطر. وقد طال بعضها حي المهاجرين في شمال دمشق من دون ان توقع اصابات.

في هذا الحي، شارك الرئيس السوري بشار الاسد في صلاة العيد. وبث التلفزيون صورا للاسد وهو يدخل الجامع الواقع على مقربة من مكان سكنه، وكان في استقباله مفتي الجمهورية محمد بدر الدين حسون ووزير الاوقاف محمد عبد الستار السيد. وبعد اداء الصلاة، القى الشيخ محمد شريف الصوان خطبة العيد التي اكد فيها سقوط "المؤامرة" التي استهدفت البلاد، بفضل "ارادة الشعب وتصميم قائده".

على جبهة القوات النظامية مع تنظيم "الدولة الاسلامية"، افاد المرصد عن "وصول العشرات من عناصر قوات النظام إلى مطار الطبقة العسكري في محافظة الرقة (شمال)"، كانوا فقدوا اثر انسحابهم من مقر الفرقة 17 شمال مدينة الرقة وسيطرة "داعش" على الفرقة. واشار المرصد الى انهم كانوا "متوارين في قرى" في المنطقة. ويسيطر تنظيم "الدولة الاسلامية" على كل محافظة الرقة تقريبا. ويبقى للنظام فيها موقعان بارزان هما مطار الطبقة العسكري ومقر الفوج 93 شمال المدينة. وكان تنظيم "الدولة" سيطر الاسبوع الماضي على مقر الفرقة 17 وقتل في المعارك فيها وذبحا بعد اسرهم 85 عنصرا من قوات النظام.

وباتت الاعدامات وعرض الجثث امام العامة ممارسة شائعة لدى التنظيم. ويقول خبراء انه يسعى بذلك الى تشديد قبضته على المناطق التي يسيطر عليها عبر اسلوب التخويف.
في هذا الاطار، أعدم تنظيم "داعش" صباح اليوم رجلا في مدينة الباب في ريف حلب "عن طريق النحر بآلة حادة، بحسب ما افاد المرصد السوري في بريد الكتروني. واشار المرصد الى ان المدينة شهدت سابقا "حالات إعدام رمياً بالرصاص"، لكنها المرة الاولى التي ينفذ فيها الاعدام نحرا.

ووجه التنظيم تهمة الى الرجل بـ"الإفساد في الأرض"، وبأنه "يأخذ أموال الناس عندما يستوقفهم على الحاجز الذي يتواجد فيها بعد أن يتهمهم بالكفر". وعلقت جثته في المدينة حيث ستبقى ثلاثة أيام " ليعتبر الجميع"، بحسب ما نقل المرصد عن مصادر التنظيم.

&