اعتذر الكثير من العراقيين عن تقديم وتلقي التهاني والتبريكات لمناسبة حلول عيد الفطر المبارك نظرًا للظروف العصيبة التي يمر بها بلدهم.


عبد الجبار العتابي من بغداد: اكد مواطنون عراقيون أن الوضع المؤسف الذي يعيشه وطنهم، لا يدعو الى الفرح، فيما اكتفى عديدون بالدعاء لله أن يجعله عيد محبة ووئام وسلام وأن يعيش العراقيون في أمنٍ وأمان مغادرين صور الخوف والموت والدمار.

واكد عراقيون تضامنهم مع ابناء شعبهم الذين يعانون من عذابات التهجير القسري والظلم الكبير الذي وقع عليهم في العديد من محافظات العراق ومنهم المسيحيون الذين هجروا من ديارهم، مشيرين الى ذلك بقولهم (لطالما الغى اخواننا المسيحيون أعيادهم احتراماً لشعائرنا... وعلينا أن نبادلهم المشاعر ذاتها)، فيما ردد آخرون قول رسام الكاريكاتير الفلسطيني الراحل ناجي العلي: "نحن الموقعين أدناه ليست لنا أية علاقة بالمدعو "عيد سعيد" لا من قريب ولا من بعيد والله على ما نقول شهيد".

وتساءلوا: "لماذا العيد وعندنا شهداء .. وعندنا مهجرون.. وعدنا سبايا.. وعندنا دمعة طفل .. وعندنا حرب في صدور الامهات؟"

لا شعور بالفرح

أعرب فرحان جاسم كاسب، عن تعاطفه مع ما يعانيه المهجرون وتألمه لمقتل الابرياء.

واكد انه لا يشعر بفرحة العيد: "لا اريد ان اتبادل التهاني مع يقيني أنه عيد الله، لأن الاوضاع لا تدعو لأن نفرح واهلنا في العديد من المحافظات يموتون ويتعذبون... العيد عندي أن ادعو الله أن يزيح الغمة من هذه الامة ويعم السلام على العراق ويعود المهجرون الى بيوتهم".

عيد لا طعم له

أما السيدة سنية محمد وهي ربة بيت، فأكدت أن العيد لا طعم له والناس الابرياء تقتل، وقالت: "نحن العراقيين قلب واحد وروح واحدة رغم الاعداء ولا يمكن أن نفرح بالعيد، وهناك من يبحث عن الامن والامان والماء ولقمة الخبز له ولأطفاله، كيف يهنأ قلبي بالعيد، وانا اشاهد في التلفزيون آلاف الناس في حزن وفي تشرد وحرمان لأبسط الاشياء".

واضافت: "العيد أن يعود هؤلاء الناس الى بيوتهم وأن يشعروا بالامان والراحة والا فالعيد سيظل مؤجلاً الى ذلك الحين".

عذرًا أيها العيد

حسين رشيد، موظف في وزارة الثقافة، أكد أنه اعتذر عن تلقي التهاني بالعيد، وقال: "أي عيد هذا الذي نفرح به، إنه يجعلنا نقول بحسرة وألم :عيد بأية حال عدت ياعيد... لأن هناك مليوناً و500 الف مهجّر ونازح، ولأن من كان وراء تهجيرهم ومعاناتهم سيصلي العيد ويتبادل التهاني وينعم بأموال من هجر ومن نزح.

أضاف : "اقول للعيد الذي ما كان هذه السنة سعيدًا.. عذرًا منك يا عيد، وعذراً من اصدقائي ممن اعتادوا على تهنئة العيد بالفيسبوك أو بالموبايل، فالعيد الذي ننتظره هو يوم تطهير العراق من الارهاب والوحوش والقتلة والمجرمين واعداء الشعب العراقي من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه، ونبذ الطائفية، وتصافح جميع الطوائف والمذاهب".

محنة وطن وشعب

من جانبه، قال المواطن علاء فائق: "كيف استطيع أن أحتفل بهذا العيد القادم إلينا، ونحن نعيش محنة وطن ومحنة شعب بأكمله. هذه هي المرة الثانية في حياتي التي أجبر بأن أضع عيد الفطر جانبًا".

واضاف: "لن أحتفل بعيد الفطر.. لأقف وأعلن بأني مسلم "ن" نصارى... نعم نحن نصارى الحق ضد الباطل وقوى العنف المتطرف الظالمة. نحن نصارى الحب و السلام والأخاء بين الناس مهما أختلفت دياناتهم أو قومياتهم أو معتقداتهم".

وختم بالقول: "سأكتفي بتقبيل خدّي حفيدي وحفيدتي لأن في ضحكتهما أجد الامل لغدٍ سعيد، سيكون لقائي بهما هي فرحتي الوحيدة بهذا العيد... عيد 2014".

اعتذار عن التهنئة

إلى ذلك، اعتذر الكاتب الصحافي جرجيس كوليزادة عن تقديم وقبول التهاني، وقال: "بسبب ما يتعرض له العراق من هجمات شرسة من تدمير وتفجير لمراقد الانبياء والاولياء الصالحين وتدمير للحسينيات، وتخريب للارث الديني والحضاري للبلاد، وما يقع من نزوح لاخواننا السنة ومن تهجير لاخواننا المسيحيين، وما يحصل من تفجيرات ضد اخواننا الشيعة، وما يوجه من اتهامات باطلة ضد شعبنا الكردي وضد الاقليم، نعتذر عن تقديم وقبول التهاني بمناسبة عيد الفطر المبارك".

واضاف: "لكنني بهذه المناسبة ادعو من الله تبارك وتعالى أن يحفظ الجميع، ويا رب قل للنار كوني بردا وسلاما على كل العراقيين".

وقال الكاتب حامد المالكي: اعتذر عن التهنئة بمناسبة العيد، اعتذر، كنت في قمة الغباء والبطرنة، نعم، لا عيد لنا، ابداً... ابدًا... كل عام ونحن في ورطة... والورطة تكبر وتكبر، ليتها تأتي دفعة واحدة لتنتهي ونخلص، والله لست متشائمًا، ربما انا الآن في قمة هدوئي، هدوئي الذي يشبه انساناً ميتاً... اعتذر ..مرة أخرى".

اما الكاتبة سلوى زكو فقالت: "كنت اريد ان اقول لكم عيدكم مبارك لكن يقف في حلقي مشهد مهجر تجاوز الخمسين يبكي بحرقة امام كاميرا التلفزيون لأنه لا يجد سقفًا يحمي عائلته ولا ما ينفقه على حاجاتها اليومية ولا يعرف مصيره غدًا... دمتم بأمان ودامت السقوف فوق رؤوسكم".
&
تأجيل مظاهر الفرح

أما الشاعر عبد الزهرة زكي فقد تمنى أن يتم تأجيل كل مظاهر العيد.

وقال: "في أكثر من مرة، رفض مسيحيو العراق اقامة مشاعر الفرح بأعياد الميلاد ورأس السنة، وذلك تقديرًا منهم لمشاعر مسلمين عراقيين بمناسبات دينية كانت قد تزامنت مع أعيادهم".

واضاف:" في محنة مسيحيي الموصل، وهي محنة لكل العراقيين، إلى جنب محن العوائل المهجرة وعائلات ضحايا الارهاب والعنف، ولسقوط الموصل بأيدي الدواعش لا بد للجهات الدينية الإسلامية العراقية سنيّة وشيعية من دعوات لتأجيل كل مظاهر الفرح والاحتفال بالعيد المقبل، ومن المفترض بالمواطنين أنفسهم أن يتنبهوا لهذا وأن يمتنعوا عن الاحتفال بالعيد حتى من دون حاجة لتوجيهات دينية".