تتواصل الجهود المصرية من أجل وقف إطلاق النار في غزة حيث سيعقد إجتماع خلال اليومين المقبلين في القاهرة، للفصائل الفلسطينية، لعرض مطالبها لنقلها إلى الجانب الإسرائيلي، في مفاوضات غير مباشرة بين الجانبين، تهدف إلى وقف الحرب ورفع الحصار عن القطاع. وعلمت "إيلاف" أن خلافات الفصائل الفلسطينية حول أجندة المطالب، وإحتجاج فصائل أخرى على تجاهل دعوتها للإجتماع، وراء تأجيله. فيما طالب قيادي بمنظمة التحرير الفلسطينية بضرورة ضبط استخدام سلاح حركة الجهاد و حركةحماس لتجنيب الفلسطينين المزيد من المذابح.


القاهرة: تحاول مصر إحتواء الخلافات التي طرأت بين الفصائل الفلسطينية، التي كان مقرراً لها عقد إجتماع في القاهرة، أمس الأربعاء، 30 تموز (يوليو) الجاري، من أجل الإتفاق على مطالب المقاومة لعرضها على الجانب الإسرائيلي، بهدف التوصل إلى قرار لإيقاف إطلاق النار، وبدء مفاوضات مباشرة بين الطرفين.

وحصلت "إيلاف" على معلومات تشير إلى أن الفصائل الفلسطينية لم تستطع الإتفاق على أجندة مطالب موحدة، قبل الذهاب إلى القاهرة. وتشترط حماس ضرورة إيقاف الاعتداء الإسرائيلي على غزة، ورفع الحصار عن القطاع، وفتح معبر رفح، قبل البدء في مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة.

بينما تتبنى حركة الجهاد ضرورة فتح قنوات إتصال مع مصر أولاً، وعرض هذه المطالب، ثم البدء في التفاوض. وتحاول مصر بالتعاون مع السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس التقريب بين الفصائل تمهيدًا لعقد الإجتماع في القاهرة، خلال اليومين المقبلين.

شرخ

وقال السفير سعيد كمال، الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين بالجامعة العربية سابقاً، لـ"إيلاف" إن عدم دعوة ممثلين عن الجبهة الشعبية للتحرير والجبهة الديمقراطية للإجتماع أحدث شرخاً بين الفصائل، مشيراً إلى أنه بعد دعوة حركة الجهاد كان يجب على عباس توجيه الدعوة إلى هاتين الحركتين أيضاً، ولو رفضت أي منهما تلبية الدعوة يتم إعلان ذلك.

وأضاف أن حركة حماس سيكون لها ممثلين بالإجتماع، مشيراً إلى أن الممثلين لن يكون بينهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي، بسبب مواقفه وتصريحاته المضادة للجيش المصري، وقال: "أظن أن هذا الموقف ليس جديداً، حسبما سمعت وقرأت".

وأوضح أن هذا الإجتماع من الأهمية بمكان، بحيث يضع إسرائيل في موقف حرج، بما يفرض عليها إيقاف العدوان والمذابح التي ترتكبها بحق مواطنين أبرياء لا حول لهم ولا قوة. ووصف العدوان على قطاع بـ"الحرب القذرة"، مشيراً إلى أن الحضور الفلسطيني للقاهرة مهم، على أرضية المبادرة المصرية، من أجل تحقيق تفاهمات وتوافقات توقف تلك الحرب.

مطالب إسرائيل

ولفت إلى أن إسرائيل لا يمكن أن توافق أية تدخلات من أية جهة، بما فيها الجانب المصري، إلا بعد تحقيق بعض أهدافها، ومنها سد الأنفاق، التي تصل إلى الأراضي المحتلة في إسرائيل. وأشار إلى أن إسرائيل لديها مطلبين آخرين، هما تسليم الأسلحة وتدمير منصات إطلاق الصواريخ.

وتابع كمال: أعتقد أن مسألة إغلاق الأنفاق سوف توافق حماس عليها، مقابل رفع الحصار، وفتج معبر رفح حسب المعايير المتفق عليها دولياً في سنة 2005.

ضبط استخدام السلاح

ولفت إلى أنه: ليس من السهل على حماس والجهاد تسليم أسلحتهم، ولكن لابد من ضبط السلاح، وهذا يحتاج إلى أن يكونوا أعضاء في حكومة المصالحة، وألا ينفردوا بأي موقف يضع الشعب الفلسطيني في موقف لا يحسد عليه الآن"، متسائلاً: "يعني إيه يتم خطف ثلاثة إسرائيليين ويقتلوا، ويتم حرق فلسطيني بريء من قبل المستوطنين، وإشعال الحرب؟ لابد من ضبط السلاح وضبط استخدامه، حتى لا تحدث مذابح أخرى للفاسطينين، نحن منذ العام 1948 ونحن نعيش في مذابح، كفانا مذابح".

وذكر أن الفلسطينين تعرضوا لـ 480 مذبحة منذ العام 1948، نتيجة الجهاد الفلسطيني المقدس، الذي كان يرعاها عبد القادر الحسيني، والحاج أمين الحسيني وهو مفتي فلسطين، مما جعل الفلسطينين إخواني يزحفوا لاجيئن إلى الأردن وسوريا ولبنان ومصر، وازداد اللجوء مؤخراً في قطاع غزة، وأن تركت لهم الحبل على الغارب، سوف يهربوا إلى رفح وسيناء، وهذا ليس في مصلحة الشعب الفلسطيني، رغم أنهم مضطرين، لأن الناس مذبوحين".

وأردف قائلاً: الآن صار هناك خمسة ملايين لاجىء فلسطيني في الدول العربية وغيرها". ولفت إلى أنه في حالة إيجاد تسوية، فإنه سيتم رفع الحصار عن القطاع، مشيراً إلى أن "مسألة رفع الحصار متصلة بالدرجة الأولى بمصر"، وقال: "إذا مصر فتحت معبر رفح والناس تتنقل وانتعشت حركة البيع والشراء، وصارت الأمور كما رسمها الرئيس الفلسطيني الراحل عرفات، سوف تسير الأمور بشكل طبيعي".

مصلحة سيادية

وإلتمس كمال العذر لمصر في إغلاق معبر رفح، وقال: "المعبر مغلق، بسبب الخروج عن الإتفاق الدولي بين منظمة التحرير والولايات المتحدة وإسرائيل وبرعاية الجانب المصري"، مشيراً إلى أن الضبط الأمني على المعبر مصلحة سيادية، لكن أن يكون هناك طرف يحاول الابتزاز في سبيل الخروج والدخول إلى غزة، ولكن بأعتبار مصر دولة كبرى، لا يمكن أن تترك الحبل على الغارب، بحيث يتم تهريب بضائع وأسلحة ومخدرات، ليس من قبل حماس ومن قبل آخرين".

وتوقع أن توافق حماس على ضبط الحدود مع مصر، من أجل إنهاء العدوان، بعد سقوط أكثر من ألف قتيل، وتدمير المنازل. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، أجرى اتصالات مكثفة ومشاورات مع قيادة حركتي حماس والجهاد، وأعلن "الاستعداد لوقف فوري لإطلاق النار وهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة"، وذلك أمس الأول الثلاثاء 29 تموز (يوليو) الجاري. وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها: القيادة الفلسطينية تتعاطى إيجابيا مع اقتراح من الأمم المتحدة بتمديد هذه الهدنة لمدة 72 ساعة.

وأضاف: دعت القيادة كل الجهات العربية والدولية إلى مساندة هذا الموقف، محملة إسرائيل كل المسؤولية عن تبعات رفض هذا المقترح بعد أن وافقت عليه جميع القوى والفصائل الفلسطينية. وقررت القيادة -وبالتوافق مع حركتي حماس والجهاد- أن يتوجه وفد فلسطيني موحد تحت مظلة منظمة التحرير ويضم الجميع إلى القاهرة لبحث كل ما يتصل بالمرحلة المقبلة، معتبرة ذلك دليلا على وحدة الموقف والصف الوطني الفلسطيني.

وفي السياق ذاته، عقد وزير الخارجية المصري سامح شكري، إجتماعاً صباح الخميس مع قيادات قطاع دول الجوار بوزارة الخارجية لمتابعة تطورات الأوضاع على الساحة الفلسطينية فى ظل تواصل الاعتداءات الإسرائيلية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبد العاطي إن الاجتماع استعرض الموقف بالنسبة لمنفذ رفح والتنسيق القائم مع الأجهزة المصرية المعنية واستمرار فتح المنفذ لاستقبال الجرحى والحالات الإنسانية من قطاع غزة إلى داخل مصر ودخول المساعدات الطبية والدوائية والغذائية من مصر إلى قطاع غزة انطلاقا من مسئولياتها التاريخية تجاه الأشقاء الفلسطينيين.

وأضاف أن الإجتماع تناول القواعد والتسهيلات التى توافقت عليها الأجهزة المصرية لدخول القوافل الطبية والمساعدات الإنسانية من دول العالم إلى قطاع غزة، وأهمية الالتزام بتلك القواعد منعًا لتأخير دخول أى مساعدات أجنبية.

ولفت إلى أن الاجتماع استعرض الاتصالات المكثفة والمتواصلة التى تجريها مصر مع الأطراف المعنية والأطراف العربية والدولية بهدف العمل على سرعة التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار تجنبًا لسفك دماء الأبرياء.