ينفي الصحافي التونسي زياد الهاني، صاحب الخلفية العسكرية، ما راج حول ترشحه للانتخابات الرئاسية في تونس بدفع من الجيش، وقال إن المنطق يشي بهزيمته أمام "ماكينة" الأحزاب الكبيرة، لكن أولوياته الآن هي أمن التونسيين ومكافحة الارهاب.


مجدي الورفلّي من تونس: قال الصّحافي التّونسي المعروف زياد الهاني، إثر إعلانه ترشّحه للإنتخابات الرّئاسيّة المقبلة،إنّ المشكل الرّئيسي في تونس يتمثّل في الأزمة الأمنيّة وهو ما ركّز عليه في برنامجه الإنتخابي خاصّة في ظل الإنقسامات التي تعيشها وزارة الدّاخليّة في تونس وإختراق المنظومة الإستخباراتيّة وتزويد الإرهابيّين بالمعلومات.

وأكّد الهاني في حوار مع "إيلاف" أنّه كمستقلّ، سيُسحق أمام الآلات الإنتخابيّة للأحزاب خاصّة أنه لا يملك الإمكانيّات البشريّة والماديّة ولكنّ إيمانه بما يحمله لبلده سيكون حافزه للتقدّم للامام.

كما نفى الإعلامي التّونسي أن يكون مرشّح المؤسّسة العسكريّة للرئاسة، وأشار إلى أنه لا علاقة تربطه بالمخابرات العسكريّة في تونس كما يروّج منذ الفترة التي تلت 14 جانفي/يناير 2011 غير تلك التي تجمع أي صحفي بمؤسّسة رسميّة.

وإعتبر الصّحفي الذي عُرف بدفاعه عن حريّة التعّبير، خلال حديثه ل"إيلاف" أن السّاحة السياسيّة الحاليّة لا يوجد فيها غير الإسلاميّين والآلة القديمة وهما الوحيدان القادران على التأثير فيما لا يزال إئتلاف الجبهة الشّعبيّة (تحالف بين أحزاب يساريّة وقوميّة) مجرّد حلم ومشروع آلة سياسيّة.

وفي ما يلي نص الحوار كاملا:

هل ترشّحك للرّئاسة جدّيّ أم رمزي؟

لنضع ترشّحي في إطاره أوّلا، هناك إقرار من الجميع بوجود قلق في صفوف النّاخبين وعزوف على التّسجيل في الإنتخابات المقبلة وهناك عدد كبير أعلنوا أنّهم سيقاطعون الإنتخابات ولن يصوّتوا، وهناك إحساس لدى شريحة كبيرة أن الأحزاب السّياسيّة فشلت في تحقيق مطالبهم ووعودهم دائما زائفة، وبالتّالي لم يعد هناك أي رابط ثقة، خاصّة أنّهم يرون أغلب الأحزاب لا همّ لها سوى السّلطة والكرسي ولا عمل لهم غير الصّراع لبلوغه وآخر ما يعنيهم، إذا عناهم أصلا، هي مصلحة تونس وشعبها.

وبالتّالي كان من الضّروريّ لصحافي مثلي، وكما يعلم الجميع نحن الصّحافيّون أكثر الناس إطّلاعا على مشاكل البلاد ومعرفة بمختلف الدواليب، الظّاهر والمخفي منها، فبدل أن أواجه هذا الوضع من موقعي كإعلامي خاصّة أني مقتنع أن إدارة الشأن العام ليست حكرا على الطّبقة السياسيّة بل من حق وواجب أي مواطن وكل كفاءة وطنيّة ترى في نفسها القدرة على الإضافة، قرّرت الترشّح بمجموعة من التّصوّرات والأهداف التي لو يتم تطبيقها ستخرج البلاد من الأزمة التي تمرّ بها وقرّرت طرحها على التّونسيّين وتحمّل مسؤوليّتي.

برنامج ضد الارهاب

فيما يتلخّص برنامجك ؟

في ظل الوضع الذي تمرّ به البلاد، يتلخّص برنامجي في "حماية أمن التّونسيّين" خاصّة أن أكبر تحدّي تواجهه تونس وشعبها هو التّحدّي الأمني وخطر الإرهاب وبعد تأمين الوطن سنتحدّث حينها على تأمين بقيّة المسارات من تنمية وإقتصاد وحريّات.

وأخترت رئاسة الجمهوريّة بالذّات لأن الدستور ينصّ على أن الرّئيس يمتلك السّلطة الحصريّة لإدارة الملف الأمني بمعنى لو كانت إدارة هذا الملف بيد جهة أخرى خلافا لرئاسة الجمهوريّة لحرصت على بلوغها ولما ترشّحت لرئاسة الجمهوريّة كما أني أرى أنني الأكفأ مقارنة بما هو موجود فخلافا لكل المترشّحين لهذا المنصب أنا الوحيد الذي تلقّى تكوينا عسكريّا وخلافا لكل المترشّحين أنا من له موقع في "المركز التّونسي لدراسات الأمن الشّامل" الذي يهتم بقضايا الإرهاب والتّصدّي لها وربطها بقضايا التّنمية وأنا الوحيد بحكم كوني ضابط إحتياط في مشاة الآليّة وفي حال وقع هجوم سيجدني الجنود بينهم حاملا سلاحي لأرفع معنويّاتهم وأشاركهم القتال ممّا سيجعلهم يحسّون أن الجميع بما فيهم رئيس الجمهوريّة مشروع إستشهاد في سبيل الوطن وليس فقط الدّفع بهم للموت في سبيل الحفاظ على الكرسي والإطّلاع على الوضع عبر التقارير كما هو الحال.

بعيدا عن العسكر

هل زياد الهاني مرشّح المؤسّسة العسكريّة للرّئاسة ؟

لست مرشّح المؤسّسة العسكريّة للرّئاسة بل أنا زياد الهاني مترشّح للرّئاسة تحت شعار "تحيا تونس" ويحمل واجب ومسؤوليّة المؤتمن الأوّل على تونس وأمنها.

لكن كثر الحديث عن علاقتك الوطيدة بالمخابرات العسكريّة، ما تعليقك ؟

الصّحافي النّاجح هو الذي يملك خيوط تواصل مع أكثر ما يمكن من الأطراف لأن الصّحافي يعتمد في تشكيل مواقفه أو المعلومات التي يمدّ بها الرّأي العام على ما يتوفّر له من معطيات وكل ما كانت مصادر المعلومة متعدّدة وقريب من مركز صنع القرار كل ما تكون الصّورة أوضح لدى الإعلامي وبالتالي تكون قدرته على توصيف الواقع أكبر وبعيدة التخمينات.

هنا تحدّثت بصفة عامّة، أنا قصدت علاقتك بالمخابرات العسكريّة بصفة خاصّة ؟

سأكون واضحا، علاقتي بالمؤسّسة العسكريّة إنتهت سنة 1988 عندما أنهيت آداء واجبي في الأكاديميّة العسكريّة وبعد 14 جانفي 2011 وككل الصحافيّين أصبحت لي إمكانيّة التّواصل مع المؤسّسة الامنيّة والعسكريّة خلافا لفترة حكم بن علي وبحكم أنّي محل ثقة عديد الأطراف أصبحت تزوّدني بالمعلومات في إطار خدمة الوطن.

في تقديرك أي حظوظ للمستقلّين في الإنتخابات الرّئاسيّة المقبلة ؟

اذا كنّا سنعتمد التّحليل الكلاسيكي الذي يعتمد على موازين القوى فسأُسحق سحقا ولكن بحساب المبادئ والعقيدة سأذكّر أنّه لولا الإيمان بأن تونس يجب أن تتحرّر من المستعمر رغم الإختلال الكبير في موازين القوى العسكريّة لما إستقلّت البلاد ولما إستقلّت الجزائر ولما تواصلت المقاومة الفلسطينيّة بمعنى ان إرادة القيام بالواجب بغض النّظر عن موازين القوى والنّتيجة هي الحافز والدّافع الذي يحرّكني.

صعوبات

هل ستتمكّن من جمع 10 ألاف توقيع لتزكيتك لتقديم ترشّحك للرّئاسة بصفة رسميّة ؟

نعم انا مطالب بالحصول على 10 ألاف توقيع وسأطرق أبواب كلّ التوّنسيّين في كل المحافظات والأحياء وهذا يتطلّب إمكانيّات بشريّة وماديّة هائلة وانا كما ترى بمفردي ولا أملك غير مرتّبي ولكن هذا لن يمنعني من التّحرّك لبلوغ هدفي، ونحن كصحافيّين لنا مجد القلم وأنا اجمع بين هذا المجد ومجد السّيف وهذا حافز لي للتقدّم بكل ثقة في النّفس وسأطرح برنامجي على التّونسيّين فإذا رأوا فيه الحل لإخراج البلاد من الأزمة التي تمرّ بها فسأنجح وفي حال لم يكن كذلك فقد قمت بواجبي ولم أبقى مكتوف الأيدي.

ما رأيك بمقترح "الرّئيس التوافقي" الذي طرحته حركة النّهضة ؟

هذا مقترح يجسّد مقولة "كلمة حقّ أريد بها باطل" فهذا المقترح أريد به رئيس بعيد عن التّجاذبات السياسيّة وقادر على تجميع كل القوى في حال الخلاف ولا يكون طرفا فيه وهذا مطلوب ولكن إذا كان هذا هو المغزى من الرّئيس التّوافقي فمن المفترض أن يكون من خارج التّجاذبات السياسيّة وبعيدا عن كل الأحزاب لأنّه في حال نشوب خلاف سيصطف وراء حزبه ولا لوم عليه.

طرق مختلفة

هل يعني طرحك لمقاربة أمنيّة جديدة للتّعاطي مع الإرهاب أنّك لا تتّفق مع الطريقة التي أُعتمدت للتّصدّي له ؟

بالتأكيد، فكما يعلم الجميع المؤسّستان المعنيّتان بالأمن والإرهاب هما الدّفاع والدّاخليّة، واليوم لا ويوجد تونسي لم يسمع عن الإنقسامات في وزارة الدّاخليّة وعن ترقيات في مواقع حسّاسّة على أساس الولاء وليس الكفاءة ولا يوجد تونسي لم يسمع بإختراق المنظومة الأمنيّة والإستخباراتيّة وتسريب معلومات للإرهابيّين وهذا ما شكّل في أغلب الأحيان عائقا للتصدّي للهجمات الإرهابيّة، واليوم من الضّروري إيجاد إرادة لإصلاح الوضع وتطوير المؤسّسة الأمنيّة والعسكريّة وإعطاء دور حقيقي لمجلس الأمن القومي ليصبح الهيكل المخوّل التّسمية في المناصب العليا والحسّاسة وخلق ثقافة المناصب للأكفأ وحينها يمكن الإنطلاق فعليّا في مكافحة الإرهاب بصفّ موحّد.

مقتل الجنود مؤخرا في الشعانبي أثار كلاما من قبيل تسريبت معلومات للإرهابيّين، والدّفع بالجنود لموت كان يمكن تلافيه، ما رأيك ؟

نعم، هذه العمليّة أثارت سيلا من الشّكوك وفي تقديري لا يجب الخوض في مثل هذه المواضيع الحسّاسة دون معطيات حقيقيّة والتفوّه بأي كلام يمكن أن تكون له نتائج عكسيّة وبالتّالي الأنسب بعث لجنة مستقلّة، لا تضمّ فقط عسكريّين إنّما كل الأطراف التي لها علاقة بالموضوع، تفتح تحقيقا في الخصوص لتحديد الأخطاء في العمليّة الأخيرة لتلافي حصولها في المستقبل.

ما رأيك في القرارات التي إتّخذتها خليّة الأزمة في قصر الحكومة بعد أحداث الشّعانبي ؟

ما بمكن قوله إنّها قرارات جريئة ومطلوبة ولكن تتطلّب بعض التعديل وأتحدّث أساسا على غلق القنوات الدّينيّة، بغض النّظر عن دورها أو خطابها، لأن أهم مكسب بعد الثّورة هي "الهيئة المستقلّة للإعلام السّمعي البصري" وإتّخاذ خليّة الأزمة قرار الغلق بمفردها مخالف للقانون وفي نفس الوقت فتح الباب أمام عودة الإستبداد وأرجو أن يتمّ تدارك هذه التجاوزات في المستقبل وأن تعرف الحكومة مجال تدخّلها ولا تتجاوزه.

وماذا بخصوص غلق المساجد وإعتبار المؤسّستين العسكريّة والأمنيّة خطّا أحمر ؟

ما تمّ إغلاقه لم تكن جوامع أو مساجد عاديّة إنّما أوكارا للإرهاب والتدريب منذ السّيطرة عليها من طرف المتشدّدين فكان من الضّروري أن تتدخّل الدّولة لتطبيق القانون وحماية المقدّسات.

ومنطق الخطوط الحمراء قد ولّى ولم يبقى خطّ أحمر غير تونس والقول بهذا المنطق إستبطان للتصدّي لكل الأصوات وتكميم الأفواه التي قد تشير إلى الإخلالات في المؤسّستين ونحن نعتبر أن حريّة التعبير خطّ أحمر وكلّ من إقترب من هذا الخط أو السّلك صعقه وأرداه.

إتحاد الصحافيين

بالحديث عن حريّة التعبير، هل تخليت عن مشروع إتّحاد الصّحافيّين الذي طالما دعوت إليه ؟

أبدا، سأبقى متمسّكا بهذا المشروع أينما حللت وطالما حييت فهو مستقبل المهنة ومستقبل الصّحافيّين خاصّة الشبان منهم.

هل تعتقد أن قانون الإرهاب الجديد سيكون عنصرا محدّدا في مقاومة الإرهاب ؟

بالنّسبة لقانون الإرهاب الجديد بقدر ما هو هام بقدر ما هو غير كاف، لأنّ هناك نصوصا قانونيّة تحمي العسكريّين أثناء تدخّلهم في العمليّات الإرهابيّة غير موجودة في القانون الجديد وإن وجدت فهي غامضة وهذا كان سببا في عزوف الأمنيّين والعسكريّين عن التّدخّل في عديد الحالات خوفا من التتبّعات فيما بعد لعدم وجود الحماية القانونيّة.

والمهم الآن هو التّسريع في المصادقة على قانون الإرهاب وبقيّة النّصوص القانونيّة المرتبطة بالإرهاب والأمن ولما لا دمجها في مجلّة وتكون وثيقة في متناول الجميع لمعرفة حدود كلّ طرف وما له وما عليه.

مختلف عن المرزوقي

قلت لو كنت في مكان المرزوقي لحملت السّلاح وتوجّهت للشعانبي، هل تقصد أنّه مقصّر كقائد أعلى للقوّات المسلّحة ؟

كقائد أعلى للقوّات المسلّحة ونظرا للتّكوين العسكري الذي تلقيّته ونظرا لأنّي أجيد إستعمال 13 سلاحا ونظرا لتقدّمي في وقت سابق لوزير الدّفاع بطلب لإعادة إدماجي في الجيش كضابط إحتياط والذي قوبل بالإيجاب، وبالتّالي في حالة أي هجوم لن ألازم قصر قرطاج كالمرزوقي وأتابع التطوّرات والأحداث عبر التّقارير من وراء المكتب في غرفة باردة، بل سأكون في الميدان إلى جانب جنودي ببزّتي العسكريّة وحاملا سلاحي، وليس ببدلة وربطة عنق ومحاطا بحراسة مشدّدة أُلقي خطبا لا تسمن ولا تغني من جوع، ممّا سيقوّي عزيمة الجيش ويكون دافعا لهم لمزيد بذل الجهد في سبيل حماية الوطن من الإرهاب.

يقول محلّلون أنه لا يوجد على الساحة غير الإسلاميّين والتجمعيّين (كوادر حزب بن علي) ونوعيا إئتلاف الجبهة الشعبيّة اليساري، ما رأيكم ؟

الحاسم في العمل السياسي هو "الماكينة" أو "الآلة" والقدرة على الفعل وحاليا في تونس لا يوجد غير آلة الإسلاميّين والآلة التي كانت تمسك بزمام الأمور قبل 14 جانفي بغض النّظر عن إسمها حاليّا وهناك آلة أخرى بصدد التّشكّل وهي إئتلاف الجبهة الشّعبيّة وللأسف نجاح بعض الإجتماعات الشّعبيّة جعل قيادات هذا التّحالف تعتقد أنّها يمكن أن تكون البديل وفي تقديري هذا وهم لا يجب عليهم السّقوط فيه، صحيح أن اليوم هناك حلما وأملا في هذا المشروع ولكن المسافة التي تنتظره لبلوغ مرتبة البديل طويلة وتتطلّب عملا كبيرا.
يعني هناك آلتان وشبه آلة سياسيّة وإنتخابيّة في ما عداهم يبقى محدود التأثير رغم قيمة الأشخاص التي تقود بعض الاطراف السياسيّة ولكن الإنتحابات لها حسابات أخرى.

بالمناسبة هل ستعتمد على مساندة زملائك الصّحفيّين خلال حملتك الإنتخابيّة ؟

أنا أنتظر مساندة كل تونسي وتونسيّة يؤمن بعلم البلاد ولا يريد أن تصبح المدن في تونس ساحات مفخّخة، أنا أنتظر مساندة كل تونسي وتونسيّة لا يريد أن تسقط البلاد في المستنقع الذي سقطت فيه العراق وسوريا وليبيا.
&