عبّرت غالبية ساحقة من قرّاء "إيلاف"&المشاركين في الاستفتاء الأسبوعي حول التطهير العرقي في العراق، عن مخاوف حقيقية من توسع رقعة جرائم الانتقام المتبادل لتشمل جميع مكونات الشعب بعد ما شهدته الموصل من عمليات انتقام ضد المسيحيين، وبما يدق ناقوس خطر تفتت البلاد أو تشظيها في انقسامات طائفية أو عرقية.


لندن: طرحت "إيلاف" في استفتائها الاسبوعي سؤالاً على قرّائها يقول "هل تعتقد أن طرد المسيحيين من الموصل مقدمة لتطهير عرقي ومذهبي أوسع في العراق؟" حيث شارك في الاجابة عليه 4192 قارئًا بين مؤيد لإمكانية توسع عمليات التطهير هذه وبين رافض لهذه الفكرة.

غالبية متخوفة

ومن بين المشاركين في الاستفتاء، فقد عبّرت غالبية ساحقة عن مخاوف حقيقية من أن يكون التطهير العرقي الذي تعرض له المسيحيون في مدينة الموصل العراقية الشمالية مؤخرًا على يد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" مؤخراً مقدمة لعمليات تصفية أخرى تطال مكونات من غيرهم.

فقد عبّر 3467 قارئاً بلغت نسبتهم 83 من العدد الاجمالي للمشاركين في الاستفتاء الذين بلغ عددهم 4192 قارئًا عن خشية من عمليات تطهير عرقي أوسع. ومن المؤكد أن مواقف الغالبية هذه نابعة من مواقف وتوجهات "داعش" ازاء الاعراق العراقية وخاصة من غير المسلمين الذين خيّرهم التنظيم بين الاسلام أو الجزية أو القتل، وكذلك من عمليات الانتقام المتبادلة بين مليشيات عراقية طائفية هدفها القتل على الهوية وهو امر اتسع في الفترة الاخيرة، وبدأت تعاني منه مناطق عدة من البلاد.

وفيما تم الكشف قبل ايام عن وضع مليشيات شيعية قوائم بأسماء سنة لتصفيتهم، فإن تنظيم داعش يقوم بقتل الشيعة وتفجير مناطقهم بمزاعم أنهم روافض وكفار ثم امتدت عملياته إلى مكونات العراق الأخرى الكردية والمسيحية واخيرًا الايزيدية.

واليوم الاثنين فجر عناصر داعش مزارين عائدين للطائفة الايزيدية في قضاء سنجار الشمالي، وقتلوا 70 ايزيديًا رفضوا اعلان اسلامهم، بحسب شهود عيان، اكدوا تفجير مزار ئامادين ومزار لامريين في اسفل جبل سنجار وسط القضاء، ويحاولون ايضاً تفجير المزارات التابعة للطائفة الايزيدية في اعلى جبل سنجار بعد انذارهم للاهالي القريبة من المزارات بالاخلاء من اجل تفجيرها.

وأضاف الشهود أن عناصر داعش من المتواجدين في قضاء سنجار (100 كم شمال غرب الموصل) ارتكبوا جرائم قتل للشباب الايزيديين بعد رفضهم اعلان اسلامهم. واشار الشهود إلى أنّ نحو 70 شاباً ايزيدياً قتلوا في مجمع "سيبا "بعد احتجازهم من قبل العناصر المسلحة، وسط قضاء سنجار، في الوقت الذي اقتحم فيه&المسلحون المباني والمصارف والجمعيات الحكومية وسرقوا الاموال واغلب احتياجات الاهالي في القضاء.

وفي هذا الاطار، يقول سفير الولايات المتحدة السابق لدى العراق 2007 – 2009 رايان كروكر إن العراق بات مرشحًا للانقسام الطائفي والمذهبي إلى ثلاثة كيانات منذ أن استطاعت قوات "داعش" السيطرة على مساحات شاسعة من أراضي العراق في الشهر الماضي، فى سابقة هي الأولى من نوعها منذ عام 2003.

وأضاف كروكر أن العراق منقسم عمليًا إلى ما وصفه بـ 'شيعة ستان' في الجنوب و'جهادستان' في الوسط، و 'كردستان' في الشمال العراقي. وشدد على أن 'الخيار الأفضل للغرب هو الإبقاء على العراق موحدًا تحت سيطرة حكم مركزي قادر على بسط نفوذه فى جميع مناطقه، كما يتعين على الساسة العراقيين أن يتخلوا عن قاعدة المحاصصة الطائفية عند تشكيل حكومة العراق الجديدة بعد أن أدت المحاصصة العرقية والطائفية إلى انقسام البلاد.

ومن جهتها، فقد دقت هيئات دولية ومحلية عراقية ناقوس خطر امكانية قيام مسلحي الدولة الاسلامية بعمليات تصفية لاتباع الديانة الايزيدية في العراق البالغ عددهم 200 الف نسمة، عقب سيطرة التنظيم على مدينة سنجار الشمالية موطنهم الاصلي.

وقال الممثل الخاص للامم المتحدة في العراق نيكولاي ميلادينوف إن زهاء 200 الف من المدنيين اغلبهم من الإيزيديين قد فروا إلى جبل سنجار وأن الحالة الإنسانية لهؤلاء المدنيين متردية وأنهم بحاجة ماسة إلى المواد الأساسية بما في ذلك الغذاء والماء والدواء&
&
وأقلية مطمئنة

وعلى العكس من مخاوف أبدتها غالبية القرّاء المشاركين في الاستفتاء من تصاعد عمليات التطهير العرقي في البلاد، فقد رأت أقلية أنها مطمئنة من عدم امكانية توسع هذه العمليات في البلاد. فقد شارك في إبداء هذا الموقف 725 قارئًا بلغت نسبتهم 17 بالمئة من مجموع المشاركين في الاستفتاء البالغ 4192 قارئًا.

ومن الواضح أن موقف هذه الاقلية من القرّاء يتأتى من التصريحات والمواقف الرسمية التطمينية بالقدرة على الحد أو الوقوف بوجه أي محاولات لتوسيع عمليات التطهير العرقي في المناطق التي يسيطر عليها "داعش" إلى مدن وبلدات اخرى.

وفي هذا المجال، يقول رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تصريح صحافي إن "ما تقوم به عصابات داعش الاجرامية يدعونا إلى مطالبة جميع دول العالم ودول المنطقة إلى الالتفات إلى هذه العصابات وما قامت به مؤخراً من عملية استهداف للمسيحيين وللاقليات الأخرى واخيرًا حتى للكرد في محافظة نينوى بضرورة الخروج منها".

وقال إن "ما تعرض له الاخوة المسيحيون يعتبر خروجًا على الارادة التي عشناها سويًا نحن العراقيين، مسلمين ومسيحيين، عربًا وكرداً وتركمانًا وصابئة ويزيديين وشبكاً، عشنا مواطنين تحكمنا الهوية الوطنية لكن هؤلاء استهدفوهم ويريدون من خلال ذلك تنفيذ اجندات متخلفة اجرامية تخلق ازمة للعراق مع دول العالم، لذلك نقول، المسيحيون اخوة لنا، وهم في كنف الدولة التي هم جزء اساسي منها وتاريخي في هذه المنطقة، لن نتخلى عنهم، لن نسمح لهؤلاء أن يستهدفوهم ولا أن&يستهدفوا بقية الاقليات والقوميات الصغيرة، انما سنقف بنفس المستوى والدرجة والموقف منهم في أي مكان ومع أي جهة من ابناء الشعب العراقي، اتمنى على الاخوة المسيحيين أن يكونوا في منتهى الموقف الصلب الصامد، وهكذا ما عهدناهم رغم محاولات التهجير واخلاء العراق منهم، كانت لهم مواقف ومواقف قوية في التمسك بالارض والتمسك بالهوية الوطنية، وأن تستمر هذه، وان نكون يدًا واحدة ان شاء الله لمواجهة هذا التحدي، وايقاف هذا النمط من السلوك المنحرف الذي عليه داعش".

كما أكدت الولايات المتحدة الاميركية اليوم دعمها "لقوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة في محاربتها لداعش، "مشيرة إلى أن"اعتداء هذا التنظيم على المناطق الحدودية لاقليم كردستان، والتركيز على المدن والقرى المأهولة بالأقليات، يبينان مرة أخرى أن هذا التنظيم الإرهابي يشكل تهديدًا خطراً لجميع العراقيين والمنطقة بأسرها و المجتمع الدولي".
&
ويبدو أن كل هذه المواقف والتأكيدات بالوقوف بوجه داعش ومواصلة مسلحين ومليشيات عمليات الانتقام على الهوية في البلاد قد بعثت برسائل تطمين اعتقدت بها هذه الاقلية من القرّاء المشاركين في الاستفتاء.