نجحت قوات البيشمركة الكردية مدعومة بغارات للطائرات الحربية العراقية مساء اليوم في دخول قضاء سنجار في محافظة نينوى الشمالية بعد 48 ساعة من سيطرة مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية عليها وفرار سكانها من اتباع الديانة الايزيدية الى الجبال المجاورة.


أسامة مهدي من لندن: تمكنت قوات البيشمركة مساء الاثنين من دحر مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" والدخول الى مركز قضاء سنجار (شنكال بالكردية) وناحية سنوني بعد قتل العشرات منهم.

وقال خيري شنكالي نائب مسؤول مركز تنظيمات نينوى للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس السابق جلال طالباني في تصريحات نقلها المكتب الاعلامي للاتحاد ان قوات البيشمركة "قد دخلت مركز قضاء شنكال ومركز ناحية سنوني& وتمكنت من قتل العشرات من الارهابيين".

واضاف ان قوات البيشمركة وصلت الى جبل سنجار من ناحية سنوني وقامت بمحاصرة عناصر داعش كما هاجم ابناء ناحية سنوني وقضاء سنجار الموجودين في جبل& القضاء مجاميع داعش من الجهة الاخرى وتمكنوا من محاصرتهم حيث تدور حالياً& اشتباكات عنيفة للقضاء على جميع مسلحي داعش في المنطقة.

وقال ان العوائل المحاصرة في جبل سنجار بدأت بالنزول من الجبل بعد دحر المسلحين من قبل قوات البيشمركة.

بارزاني: أصدرنا أوامرنا

وجاء الهجوم اثر إصدار مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان اليوم أوامره لقوات البيشمركة بالهجوم والتقدم نحو تحرير المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش مؤكدا ان الايزيديين هم أكراد أصلاء وعلى الجميع حمايتهم.

واشار الى ان& قوات البيشمركة تحرز ومنذ الصباح المزيد من الانتصارات لطرد المجاميع الارهابية.

وطالب بارزاني شعب كردستان والجهات السياسية والمؤسسات الاعلامية الكردستانية بالتعامل مع الوضع بحذر عالٍ وبأعين يقظة وبكل مسؤولية والحفاظ على الوحدة الوطنية والقومية أكثر من أي وقت مضى.

وقال في رسالة إلى شعب كردستان حول الاوضاع والتطورات الاخيرة في المناطق الكردستانية خارج ادارة الاقليم مساء اليوم ان شعب كردستان اعتاد على ثقافة حفظ الاديان والتعدد الديني والتعايش السلمي ولم يعتد على أحد وكان على مدى التاريخ مدافعا عن نفسه لكن الاعداء لم يدعوه في حاله ويحاولون في كل مرة إلحاق الاذى بشعبنا.

وبعد الاحداث الاخيرة في الموصل كان فقط يتخذ موقف الدفاع، لكن الارهابيين بدأوا يتعدون على كردستان ما أدى إلى الاحداث المؤلمة في الايام القليلة الاخيرة لذا قررنا أن نخرج من موقف الدفاع وأن نحارب الارهابيين حتى آخر نفس.

واوضح قائلا: "لقد أصدرنا أمرا لقوات البيشمركة والجهات ذات العلاقة بأن تهاجم الارهابيين وأعداء ارض وشعب كردستان بكل امكاناتها".

واضاف "إن الاحداث الاخيرة في مناطق زمار وسنجار والكارثة التي حلت باخواتنا واخواننا الايزيديين مأسوية، ونطمئن شعب كردستان بأننا لن نتخلى عن أي شبر من تراب كردستان وسنحمي سنجار واخواتنا واخواننا الايزيديين كحدقات أعيننا، ويبقى جبل سنجار حرا شامخا، ويبقى ذلك الجزء العزيز والاصيل من شعبنا شامخا مرفوع الرأس ومن واجب كل فرد منا حمايتهم".

واشار الى "ان الارهاب قضية عالمية ويحتاج إلى مواجهة دولية، وفي التهديدات الارهابية لعدة سنوات كانت كردستان ضحية للتهديدات الارهابية والارهابيين، مع الاسف كنا لوحدنا ولم يقم أحد بمساعدة شعب كردستان في دفاعه عن نفسه ضد الارهاب، مع ذلك اعتمدنا على شعب كردستان وقوات البيشمركة والمؤسسات الامنية في كردستان في الحرب ضد الارهاب، وكنا ملتزمين دوما بمبادئ التحرر وثقافة التعايش والتسامح المتأصلة في كردستان، وهذه نقطة نجاحنا الكبير على أعدائنا والارهابيين والحاقدين".

واضاف "منذ صباح اليوم وأبناؤنا الابطال يهجمون على الارهابيين وهم في تقدم" مطمئنا قوات البيشمركة "بأن شعب كردستان سيقف إلى جانبهم ويدعمهم بكل امكاناته، وعينه على بسالتهم وتضحياتهم البطولية".

غارات جوية هيأت للبيشمركة دخول سنجار

وقد جاء تقدم قوات البيشمركة ونجاحها في دخول سنجار بدعم غارات جوية شنتها طائرات حربية عراقية قصفت خلالها بعنف اهدافا في سنجار واطرافها وقال مصدر امني ان "طائرات حربية عراقية شنت غارات جوية متتالية على مركز قضاء سنجار وعلى مجمعي كرعزير وسيباشيخدر جنوب القضاء.

واضاف ان "الغارات استهدفت تجمعات لتنظيم داعش واوقعت عشرات القتلى والجرحى فضلا عن تدمير اربع عجلات مسلحة في مركز قضاء سنجار فقط".

واكد ان شوارع سنجار بدأت تخلو من عناصر داعش واصبحت حركتهم قليلة بعد القصف الجوي حيث اختبأ المسلحون في اوكار ومنازل عادية تعود لمواطنين سبق ان نزحوا عنها وذلك قبل ان تدخلها قوات البيشمركة.

وفي وقت سابق اليوم امر القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي قيادتي القوة الجوية وطيران الجيش بتقديم الاسناد الجوي لقوات البيشمركة ضد تنظيم "داعش".

وقال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق الاول قاسم عطا ان المالكي امر قيادتي القوة الجوية وطيران الجيش بتقديم الاسناد الجوي لقوات البيشمركة& في حربها ضد تنظيم "داعش".

كما علمت "إيلاف" ان اتصالات تجري حاليا بين السلطات العراقية والكردستانية لتشكيل غرفة عمليات مشتركة يتم خلالها تبادل المعلومات الاستخبارية وتحركات قوات الطرفين في مواجهة تنظيم داعش.

وفي مواجهة سيطرة داعش على مناطق في محافظة نينوى وفرض هيمنته على قضاء سنجار وناحية زمار ومناطق عدة اخرى وانسحاب قوات البيشمركة منها فقد اكد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، اليوم الإثنين اتخاذ اجراءات ضد المقصرين في الدفاع عن أهالي قضاء سنجار وقال في &اجتماعه مع المرجع الديني الإيزيدي بابا شيخ، ان "قوات البيشمركة تحارب منذ شهرين الإرهابيين بإمكانيات متواضعة جدا" مهددا باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المقصرين في الدفاع عن سنجار وحماية سكانها.

واضاف بارزاني أنه "يتم حاليا العمل مع الأطراف العراقية والدولية لإيجاد معالجة سريعة لأوضاع الإيزيديين النازحين في إقليم كردستان والمحاصرين في جبل سنجار".

وشدد بالقول "اننا مصرون على حماية الإيزيديين واستعادة جميع مناطقهم ولن يستطيع أحد ابادتهم".

واضاف أن "الحكومة العراقية والقوى الدولية لم تقدم أية مساعدة للشعب الكردستاني في حربه ضد الإرهاب فضلا عن وجود اعتراضات بأن يوفر الشعب الكردي الأسلحة بنفسه".

وجاءت هذه التطورات في وقت اثيرت مخاوف دولية ومحلية من تصفيات للايزيديين حيث دقت هيئات دولية ومحلية عراقية ناقوس خطر امكانية قيام مسلحي داعش بعمليات تصفية لاتباع الديانة الايزيدية في العراق البالغ عددهم 200 الف نسمة عقب سيطرة التنظيم على مدينة سنجار الشمالية موطنهم الاصلي.

والايزيديون هم مجموعة دينية في الشرق الأوسط. ويعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق.

وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا، إيران ،جورجيا وأرمينيا.

عرقيا ينتمون إلى اصول كردية وينحدرون من اقوام هندو أوروبية رغم أنهم متأثرون بمحيطهم الفسيفسائي المتكون من ثقافات عربية اشورية وسريانية فأزياؤهم الرجالية قريبة من الزي العربي اما ازياؤهم النسائية فسريانية.

ويتكلم الايزديون اللغة الكردية وهي لغة الأم ولكنهم يتحدثون العربية أيضا خصوصا ايزيدية بعشيقة قرب الموصل وصلواتهم وادعيتهم والطقوس والكتب الدينية كلها باللغة الكردية أو مرگه الشيخان حيث موطن امرائهم والتي سميت في كتب التاريخ بـ(مرج الموصل)& وقبلتهم هي لالش حيث الضريح المقدس لـ(الشيخ أدي) بشمال العراق ويعتبر الأمير تحسين بك من كبار الشخصيات الديانة الايزيدية في العراق والعالم.

ويقدر تعدادهم في العالم بحوالي 500,000 نسمة يتواجد أغلبهم في العراق بحوالى 200 الف نسمة و 30 ألفا في سوريا ولم يبق منهم أكثر من 500 نسمة في تركيا بعدما كان عددهم أكثر من 25 ألف نسمة في بدايات الثمانينات حيث هاجر غالبيتهم لأوروبا.

كما توجد أقليات منهم في أرمينيا وجورجيا تعود أصولها لتركيا، وتوجد ايضا أقلية صغيرة من الايزيدية في إيران دون توفر معلومات عن تعدادهم.