فيما وصل إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق الشمالي 130 خبيرًا أميركيًا لمساعدة النازحين، فقد حذر بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم من إبادة جماعية بطيئة يتعرّض لها مسيحيو العراق، ودعا إلى فتح أبواب الهجرة أمامهم، ووجّه نداء إلى المجتمع الدولي للعمل على تحرير سهل نينوى الشمالي موطن المسيحيين من سيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية "داعش".


أسامة مهدي: ناشد بطريرك بابل للكلدان في العراق والعالم لويس روفائيل الأول ساكو، في نداء اليوم حصلت على نصه "إيلاف"، داعيًا الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية الى العمل على تحرير مناطق سهل نينوى من مسلحي داعش وتأمين الحماية الدولية للمنطقة. واضاف "يؤلمني أن اقول ليفتح باب الهجرة لمن يشاء، وما لم يتغيّر هذا الواقع، فإننا جميعاً أمام وقوع مأساة ابادة بطيئة لمكوّن أصيل بكامله، وخسارة بلداتنا وتاريخنا وارثنا الثقافي".

واكد ان نحو مائة ألف مسيحي كانوا ضحية ما وصفه بالزلزال البشري للهجمة الارهابية التي شهدتها مناطق في شمال العراق، موضحًا أن عشرات الآلاف من المسيحيين قد فروا من 13 بلدة في سهل نينوى، وتبعثروا في مدن وقرى عديدة، ويعيش الكثير منهم حالياً في وضع تعيس في الاماكن العامة في مدن اقليم كردستان من دون أن تظهر في الافق بوادر نجدة فاعلة.

لتأمين حماية دولية
واضاف ساكو في نداء الى المجتمع الدولي اليوم الاربعاء أن مسيحيي العراق هم الآن امام ضخامة الحدث وخطورته "وإذ نلمس أن الجهد الأممي لإنقاذ هذه العائلات شبه غائب نرى أنه من واجبنا الإنساني أن نلفت انتباه الأسرة الدولية إلى عدم امكانية التعويل حاليًا على الحكومة المركزية". واشار الى أن المراقبين انتبهوا إلى نوع الحراك السياسي المتواضع منذ العدوان على الموصل قبل شهرين ونيف وما يستغرقه من وقت مهدور والمخاض العسير في تشكيل الحكومة المركزية وحتى يشتد عودها تحتاج وقتًا آخر لاستعادة هيبتها وفرض النظام والامن على عموم البلد".

واوضح قائلاً: "اننا لم نألُ جهداً في مناشدة السياسيين والمراجع الدينية ورغم التعاطف الأخوي نبقى نواجه هذا العجز المحبط أمام تفاقم الظروف التي تعيشها هذه العائلات". وناشد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقادة الجامعة العربية "التكاتف ضد شبح الارهاب والتحرك السريع لتحرير بلدات سهل نينوى من الارهابيين لتتمكن هذه العائلات من العودة الى بيوتها واستعادة ممتلكاتها والمحافظة على خصوصيتها الدينية والثقافية والتراثية من خلال تأمين حماية دولية فاعلة الى حين استقرار المنطقة وتتمكن الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان من فرض القانون".

بالتزامن مع ذلك، أعلن وزير الدفاع الأميكي تشاك هيغل ارسال 130 مستشاراً عسكرياً اميركيًا إلى إقليم كردستان العراق للتخطيط والمساعدة على اجلاء النازحين المحاصرين في جبل سنجار.

وقال هيغل في كلمة له امام حشد من جنود المشاة البحرية في قاعدة كامب بندلتون العسكرية في كاليفورنيا إن الغرض من ارسال المستشارين الى اربيل هو "من اجل تقويم عميق لما يمكن أن نفعله من اجل مواصلة مساعدة العراقيين". وشدد هيغل على أن هذه القوات لا تشارك في عمليات قتالية على الارض. وقال "نحن لن نعود الى العراق للمشاركة في أي من المهام القتالية التي كنا نقوم بها سابقاً".

مهمة قصيرة
من جهته، أوضح مسؤول كبير في البنتاغون أن العسكريين المبعوثين هم من مشاة البحرية وقوات المهام الخاصة الذين سيتولون تقييم الوضع الإنساني، مشيرًا الى أن "مهمتهم قد تستمر لأقل من اسبوع".

وأضاف أن الحكومة الأميركية ستواصل البحث عن طرق لدعم العراقيين الذين تضرروا من الصراع المستمر في سنجار والعمل على منع إمكانية حدوث إبادة جماعية. من جانبه، اعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاربعاء ان الولايات المتحدة تدرس بشكل "عاجل" كيفية اجلاء المدنيين الذين يطوّقهم جهاديو "الدولة الاسلامية" في جبال شمال العراق.

&ودعا خبراء في الامم المتحدة& في مجال حقوق الانسان في رسالة الى المجتمع الدولي الى تحرك عاجل لمنع حصول "ابادة" بحق الايزيديين في العراق على ايدي المقاتلين المتطرفين. واكدت المفوضية العليا للاجئين أن 35 الف شخص هربوا من منطقة سنجار ولجأوا خلال الـ72 ساعة الاخيرة الى محافظة دهوك في اقليم كردستان العراق مرورًا بسوريا، موضحة أن الوافدين الجدد يعانون من الاعياء الشديد والاجتفاف.

نزوح جماعي
وباشرت الولايات المتحدة في الاسبوع الماضي شن ضربات جوية على مواقع للمقاتلين المتطرفين، وهي تقود مجهوداً دوليًا متزايدًا لتسليم مساعدات انسانية الى الاشخاص المحاصرين في منطقة كردستان. وبعدما سيطر المتطرفون الاسلاميون، وعلى رأسهم جهاديو الدولة الاسلامية، في العاشر من حزيران (يونيو) الماضي على مناطق واسعة من العراق، بينها مدينة الموصل هاجموا هذا الشهر اقليات من المسيحيين والايزيديين والتركمان والشبك في غرب الموصل وشمالها وشرقها، متسببين بحركة نزوح جماعي، كما هاجموا مدينة سنجار، وهجروا الآلاف معظمهم من الايزيديين، الذين لجأوا الى جبل سنجار، حيث يحاصرهم المتطرفون ويعانون من الجوع والعطش والحر.&
&
يذكر أن اعداد المسيحيين في العراق قد بدأت بالتناقص بعد عام 2003 بسبب الهجرة التي تلجأ اليها أعداد كبيرة منهم نتيجة الوضع الامني، واستهدافهم المباشر من قبل جماعات مسلحة.

ويقول ديوان الوقف المسيحي إن اكثر من نصف مليون مسيحي تركوا العراق منذ عام 2003، وهذا الرقم يقترب من نصف عدد المسيحيين الذين كانوا يعيشون في العراق قبل ذلك العام. واشار الى أن عدد المسيحيين في العراق حاليًا يتراوح ما بين 400 ألف و500 الف، في حين كان عددهم قبل سقوط نظام صدام&قرابة مليون و200 الف، حيث ان الاوضاع الامنية واستهدافهم المباشر من قبل الميليشيات والجماعات المتطرفة دفعاهم الى الهجرة بهذا العدد، سواء الى دول الجوار أو الولايات المتحدة واوروبا.
&