يعبّر معارضون وقادة في المعارضة السورية عن خيبة أملهم من أميركا لأنها خذلتهم بعدم تسليحهم كما ينبغي في وجه التنظيمات الإسلامية المتشددة "عدوهم المشترك"، حاملين على داعش بأنها تحيّد النظام من حروبها، وتقاتل بدلًا منه المعارضين الإسلاميين المعتدلين، وتعزو المعارضة إخفاقها إلى فقدان القيادة المركزية عكس داعش وأخواتها.


يواصل تنظيم الدولة الإسلامية توغله في عمق الأراضي السورية غير متأثر بتمدده الواسع في العراق أو الضربات الجوية الأميركية ضد قواته في شمال العراق، بل استعاد في سوريا مناطق انتزعها منه مقاتلو الجيش السوري الحر في وقت سابق. في هذه الأثناء تفصل 8 كليومترات بين جيش النظام السوري وإحكام حصاره للقسم الذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة من مدينة حلب.

ويهدد تقدم الدولة الإسلامية من جهة والنظام السوري من جهة بتوجيه ضربة قاصمة إلى مقاتلي المعارضة السورية. وتأتي هذه التطورات في وقت بدأت الولايات المتحدة تنفذ للمرة الأولى ضربات جوية ضد مسلحي الدولة الإسلامية في العراق، قائلة انها تريد ان تمنع وقوع مجزرة ضد المدنيين العراقيين. لكنها لا تخطط لاستهداف الدولة الاسلامية في سوريا، حيث باتت أخطر جماعة اسلامية متطرفة في العالم، تبرأ منها حتى تنظيم القاعدة.

تهادن النظام
ولاحظ العديد من المراقبين، بينهم مراقبون متعاطفون مع الرئيس بشار الأسد، ان قواته لم تهاجم مسلحي الدولة الاسلامية بقوة هجومها نفسها على مقاتلي المعارضة. ويعزو هؤلاء المراقبون ذلك الى تركيز الدولة الاسلامية على اقامة الخلافة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ومقاتلة فصائل المعارضة الوطنية والاسلامية المعتدلة، بدلًا من توجيه سلاحها ضد قوات النظام.
&
وقال قادة ميدانيون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من حلب ان كماشة الدولة الاسلامية والنظام السوري تهدد بتوجيه ضربات قاتلة الى قواتها. وشهدت الفترة الأخيرة سقوط قرى في شمال حلب، كانت تحت سيطرة الجيش السوري الحر بيد تنظيم الدولة الاسلامية، الذي بدأ هجوما جديدا يهدد بقطع خطوط امداد الجيش الحر. وانضم مقاتلون في صفوف المعارضة الى قوات الدولة الاسلامية لإنقاذ ارواحهم من الذبح أو بدافع اليأس من تأمين اسلحة نوعية تمكنهم من مواصلة القتال على جبهتين.

وتعد قوات المعارضة نفسها لحصار على غرار حصار حمص، الذي دام عامين، دمّر خلالهما المدينة القديمة، قبل ان ينتهي في ايار/مايو الماضي بانسحاب المقاتلين المنهكين بسبب الجوع والعطش. وقال قياديون في المعارضة المسلحة ان نحو 500 الف مدني، غالبيتهم مرضى وجياع، بحيث لا يستطيعون الفرار، ما زالوا في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من حلب.&

أميركا خذلتنا
وأعرب قيادون وناشطون عن شعورهم بالمرارة، لأن الولايات المتحدة لم تنفذ وعودها بدعمهم كحلفاء ضد الدولة الاسلامية والنظام على السواء، فيما يتهم مقاتلون اعتياديون القيادة بالتقصير.&

وعلى امتداد ثلاث سنوات كان قادة الجيش السوري الحر يناشدون المجتمع الدولي زيادة المساعدات العسكرية وفتح ممرات انسانية لحماية المدنيين ضد طيران الأسد، الذي وقع ضحية غاراته وبراميله المتفجرة أكثر من 2000 شخص خلال الأشهر الثلاثة الماضية في حلب وحدها.
&
وقال المتحدث باسم الجيش السوري الحر حسام المرعي في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز "ان اوباما لا يستطيع ان يوقف تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" بضربهم في العراق فقط". واضاف ان ملاذات داعش الأساسية وموارده الرئيسة في سوريا، حيث يسيطر على محافظة الرقة في شمال شرق البلاد، وسيطر أخيرا على محافظة دير الزور المتاخمة.&

وقال المرعي "ان الخناق يشتد على حلب والجميع يتفرج". وحذر من ان سقوط المدينة سيكون خسارة لا تُعوّض "وضربة الى اهدافنا المشتركة في بناء سوريا معتدلة". وذكّر المرعي بإعلان الرئيس اوباما بأن الولايات المتحدة "قادمة للمساعدة" بجسر جوي من الامدادات والضربات الجوية استجابة لاستغاثة الايزيديين العراقيين. وقال "ان ملايين السوريين ينادون، ولا من مجيب". واضاف ان تقدم داعش وحده أدى الى تهجير 8000 سوري يوم الأربعاء الماضي فقط، فيما هجرت هجمات النظام مئات الآلاف.&
&
فقدان القيادة
وتُسمع شكاوى مماثلة من سوريين، حتى في المناطق التي يسيطر عليها النظام من حلب، متساءلين ما فرق ضحايا داعش من المسيحيين والمسلمين في سوريا عن المسيحيين والمسلمين والايزيديين في العراق.

وانتقد المتحدث باسم احد ألوية المعارضة في بلدة ماريا في شمال حلب ابو الحسن قيادة المعارضة قائلا "انهم أخفقوا سياسيا". واضاف لصحيفة نيويورك تايمز "نحن ليست لدينا قيادة مركزية، في حين ان داعش لديه قيادة مركزية وعقيدة".

وكان الاحساس بالحصار الوشيك ومزيد من التراجع محسوسا في محافظة حلب. فان ابو الحسن الذي كان يتحدث لوسائل الاعلام العالمية من بلدة ماريا بثقة وتفاؤل قبل عامين بدأ يحزم امتعته موشكا على خرق العهد الذي قطعه على نفسه بألا يغادر ابدا.&

واعرب ابو الحسن عن استيائه من تبادل الاتهامات بين قادة المعارضة بالمسؤولية عن الخسائر والتراجعات الأخيرة أمام داعش، الذي قال انه كان في بعض الحالات يسيطر على قرى بقوة صغيرة جدا. وأكد ابو الحسن انه لا يستطيع ان يلوم المقاتلين، الذين ينضمون الى داعش، الذي قال مقاتلون انه قطع اخيرا رؤوس مجموعة من مقاتلي فصيل ينتمي الى المعارضة الوطنية.