بعد سنوات من الدعوات إلى مقاطعة إسرائيل في العالم، بدأت حملة مقاطعة البضائع الإسرائيلية تكتسب زخمًا في الضفة الغربية المحتلة، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، التي أوقعت أكثر من ألفي قتيل، وذلك عبر وضع ملصقات على السلع الإسرائيلية الصنع والتنويه بأن من يشتريها يساهم في الحرب على غزة.


أفرغ العديد من المحال التجارية رفوفه من البضائع الإسرائيلية، إثر دعوات إلى المقاطعة بعد الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع المحاصر. ووفقًا لأرقام صادرة من مكتب الإحصاء الإسرائيلي، بلغت قيمة الصادرات إلى الأراضي الفلسطينية في الربع الأول من العام 2014 نحو 816 مليون دولار.

توعية
وفي محال مختلفة في مدن الضفة الغربية، يحرص ناشطون من حملة المقاطعة على وضع ملصقات لتمييز البضائع المصنوعة في إسرائيل، ويكتبون عليها "قاطعوا إسرائيل" أو "لعلمك: أنت تتبرع بشرائك هذا المنتج بـ16 بالمئة للجيش الإسرائيلي"، في محاولة لردع الفلسطينيين عن شرائها.

إضافة إلى ذلك، بدأت حملات إذاعية وتلفزيونية والكترونية للتشجيع على مقاطعة البضائع الإسرائيلية واستبدالها بمنتوجات محلية فلسطينية. ويقول الشاب رياض حمد، وهو مصمم حملة "إدعم احتلالك" لمقاطعة البضائع الإسرائيلية، إن "العدوان على غزة دفعني إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية بشكل كامل".

يضيف "نحن نريد توعية الناس على الخسائر التي تلحق بالاقتصاد الفلسطيني نتيجة شراء المنتجات الإسرائيلية، لدينا نسبة بطالة عالية، واقتصادنا دمّر تمامًا، وعلينا العمل بشكل أكثر من أجل الاقتصاد الفلسطيني، وأن نواصل المقاطعة، حتى لو تم التوصل إلى تهدئة" طويلة الأمد.

وأكد أنه "من غير المعقول أن تضيق إسرائيل علينا الخناق، وتمنع الفلسطينيين من العمل في إسرائيل، بينما تجبرنا على شراء منتجاتها، فهذا نوع من الظلم والعبودية في القرن الواحد والعشرين".

عبودية
بدوره، يقول عمر البرغوثي، وهو ناشط فلسطيني في مجال حقوق الإنسان وعضو مؤسس في حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل"، لوكالة فرانس برس، في رد مكتوب "أطلقت المجزرة التي ارتكبها نظام الاحتلال والفصل العنصري الاستيطاني الإسرائيلي في غزة حملات شعبية غير مسبوقة لمقاطعة الشركات والمؤسسات الإسرائيلية".

وبحسب البرغوثي، فإن حركة المقاطعة تقوم حاليًا "بالعمل مع الشركاء وقادة مبادرات المقاطعة في الضفة الغربية لتنسيق الجهود والاستراتيجيات من أجل مواصلة المقاطعة حتى بعد انتهاء المرحلة الجارية من الإبادة التدريجية التي تقوم بها إسرائيل في غزة". وبدأت بعض الشركات الفلسطينية بتوسيع خطوط إنتاجها بسبب زيادة الإقبال والطلب عليها خاصة شركات الألبان.

الحذر ضاعف إنتاجنا
وقام مصنع بينار للألبان في رام الله بزيادة عدد موظفيه، وجلب معدات جديدة، إضافة إلى زيادة ساعات عمل الموظفين، من أجل تلبية الطلب المتزايد. ويقول مدير المصنع منتصر بدارنة لوكالة فرانس برس "يسيطر المنتجون الإسرائيليون على 60 بالمئة من سوق الألبان في الأراضي الفلسطينية، الضفة الغربية وغزة". وأضاف: "لقد لاحظنا زيادة في الإنتاج في الشهر الماضي بسبب المقاطعة. أعتقد أن الناس الآن أكثر حذرًا بشأن شراء البضائع الإسرائيلية"، مشيرًا إلى أن هناك زيادة بنسبة "30 بالمئة إلى 40 بالمئة في إنتاجنا".

ورأى بدارنة أن هناك "التزامًا شخصيًا من قبل الفلسطينيين بعدم شراء البضائع الإسرائيلية، لأن الصور من غزة أعطتنا دافعًا لعدم شراء البضائع الإسرائيلية". لكن قلل خبراء إسرائيليون من إمكانية تأثير هذه الحملات أو دوامها، موضحين أن الاقتصاد الفلسطيني يعتمد كثيرًا على المنتجات الإسرائيلية.

رومانسية لن تدوم
وقال آفي نوديلمان، وهو المدير السابق للغرفة التجارية الصناعية الإسرائيلية الفلسطينية: "هذا يذكرني بالانتفاضة الأولى، حيث كانت هناك مقاطعة للبضائع الإسرائيلية، وقالوا في حينها +إزرعوا خضركم+"، مشيرًا إلى أن الفكرة "رومانسية للغاية، ولكنها لن تدوم".

وأضاف "هذا رد فعل لما يحدث في غزة، ومن الصعب جدًا معرفة كيف سيتطور"، موضحًا أن "الكثير من الناس يقاطعون الآن في المحال التجارية، لأنهم لا يريدون أن يراهم الناس وهم يشترون البضائع الإسرائيلية".

كما قلل من أثر حملة المقاطعة على الاقتصاد الإسرائيلي قائلًا "إذا لم يقوموا بشراء المنتجات الإسرائيلية، فإن الضرر الذي سيلحق بالاقتصاد الإسرائيلي لن يكون كبيرًا، فإن السوق الفلسطينية سوق صغيرة بالنسبة إلى إسرائيل".


&