كشف استطلاع للرأي أن 57 في المئة من الشيعة في الضاحية الجنوبية لبيروت لا يثقون بأمين عام حزب الله حسن نصر الله، بينما أيّد 95% من المستطلعين تدخل الحزب العسكري في سوريا. ويرد أحد الناشطين هذا التأييد إلى "صناعة الخوف التي تكثفت أخيرًا فأثمرت هذه النتيجة".


دانا إبراهيم من بيروت: يشير استطلاع للرأي أجرته منظمة "هيا بنا" اللبنانية غير الحكومية في شباط (فبراير) الماضي، ونشرت نتائجه يوم أمس إلى أن 95 في المئة من الشيعة في الضاحية يؤيدون تدخل حزب الله في سوريا، لكن نصفهم لا يعتبرون الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله زعيمهم.

وخلصت "هيا بنا"، التي نشرت دراسة يوم الإثنين بعنوان "اقتراع الضاحية"، إلى أن "لحظة تلاشي المجتمع الشيعي بدأت بالانحسار مقابل بدء تلاشي تنظيم حزب الله". وتفسر نتيجة الاستطلاع الحملات الإعلامية والإعلانية، التي أطلقتها الماكينة الإعلامية لحزب الله أخيرًا، والتي تهدف إلى تلميع صورة نظام بشار الأسد، وبالتالي صورة نصر الله.

تلميع وترميم
في السياق، تأتي المقابلة الصحافية المطولة، التي أجرتها صحيفة "الأخبار" اللبنانية، المحسوبة على حزب الله، لتخدم ما يبدو أنه هدف أساسي لدى حزب الله اليوم: تلميع الصورة وإعادة رصّ الصفوف، التي يبدو أنها بدأت تشهد انقسامًا.

ويكشف استطلاع "هيا بنا" أن 53 في المئة من المستطلعين يعتبرون نصر الله زعيمهم، فيما يتبع 18 في المئة فقط رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ويقول 23.5 في المئة إنهم لا يثقون بأحد من الزعماء الشيعة. ويُعرّف رئيس الجمعية والناشط الشيعي لقمان سليم، المعروف بمواقفه المعارضة لحزب الله، يُعرِّف "هيا بنا" على أنها "مبادرة لبنانية مدنية مكرّسة لتقديم منصة للأصوات المعتدلة، وهي ملتزمة مقاومة الخوف والتعصب". ولا ينكر سليم في تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" أن الجمعية تتلقى تمويلًا أميركيًا وأوروبيًا "وأي تمويل آخر يسمح به القانون اللبناني".

أميركا في الضاحية
&برزت في السنوات الماضية الشراكة التي أقامتها الجمعية مع السفارة الأميركية في بيروت لتعليم نساء الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبناني اللغة الإنجليزية في ما وصف وقتها بـ"اختراق السفارة معاقل حزب الله". ويستمر المشروع بتعليم اللغة الإنجليزية لكل نسوة لبنان الراغبات في ذلك.

ويشير سليم إلى أن ما خرج به الاستطلاع لجهة أن 57 في المئة من شيعة الضاحية لا يثقون بنصر الله، يؤكد أن "مبدأ الإجماع لدى الطائفة الشيعية بدأ يتلاشى، وبأن نحو نصف الشيعة لا يثقون بأن السياسات التي يعتمدها حزب الله سياسات ناجحة".

يرد سليم تأييد 95 في المئة من المستطلعين تدخل حزب الله العسكري في سوريا إلى "نجاح الحزب بزرع الخوف في نفوس بيئته، فصناعة الخوف التي تكثفت في الفترة الماضية أثمرت هذه النتيجة". ويقول: "خطاب حزب الله التبريري لقتاله في سوريا للدفاع عن المقدسات ومحاربة الإرهابيين والدفاع عن خط المقاومة، جعل الخوف نجم الساحة الشيعية، لكن ذلك لا يعني بالضرورة الموافقة العمياء على سياسة الحزب".

صلات بالضحايا
وأقرّ 75 في المئة من المستطلعين ضمن "اقتراع الضاحية" بأنهم يعرفون عنصرًا واحدًا من حزب الله على الأقل قتل في المعارك السورية، فيما اعتبر 83 في المئة أنهم باتوا أكثر أمانًا بعد مشاركة الحزب في القتال هناك. وتشير المعلومات إلى أن نحو 500 عنصر من حزب الله قتلوا في سوريا منذ إعلان نصر الله مشاركة عناصره في القتال هناك في عام 2012.

يفضّل 58.5 في المئة من المستطلعين أن يبقى الرئيس السوري بشار الأسد قائدًا لسوريا في أي حل مقبل للأزمة السورية، ويتوقع 56 في المئة أن تنتهي الأزمة هناك قريبًا.
ويعتبر 41.2 في المئة من سكان الضاحية أن وظيفة سلاح حزب الله باتت الدفاع عن لبنان وحماية حدوده. ووحدهم 31.7 في المئة من المستطلعين ما زالوا يؤمنون بأن وظيفة سلاح الحزب مواجهة إسرائيل وتحرير فلسطين.

وتؤكد المقابلة الأخيرة مع أمين عام حزب الله هذه النتيجة، ففي الحوار سُئل نصر الله: "هل تبلّغتم من الفلسطينيين طلبًا بالتدخل المباشر؟". فأجاب: "الأخ موسى (أبو مرزوق) تحدث في هذا الموضوع. لم يتحدث أحد معنا من بقية الفصائل، وأعتقد أن الكل يتفهم"!.

سأله المحاور: "هل يعبّر كلامه (أي أبو مرزوق) عن موقف حماس الحقيقي؟". فردّ نصر الله: "إذا كان هذا مطلبًا جديًا فإنه يناقش ضمن الدوائر المغلقة، لا في وسائل الإعلام". "خطوط الاتصال قائمة والتواصل دائم. كان يمكنه هو أو أحد قيادات حماس أن يطلب مناقشة الأمر. أما طرحه في الإعلام، ففي رأيي يثير تساؤلات، ولم أجده مناسبًا"!.

علاقة سيئة مع السنة
لا يقتصر استطلاع الرأي، الذي أجرته "هيا بنا"، على موضوع مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، بل يطال الملفات السياسية الداخلية الأخرى وعددًا من الملفات الحياتية.

وكنتيجة حتمية لتأزم العلاقة السنية - الشيعية في لبنان والمنطقة ككل، وصف 58.8 في المئة من سكان الضاحية علاقتهم بالطرف السني، شريكهم في الوطن بـ"السيئة"، فيما وصفها 25.8 في المئة بـ"الجيدة". واعتبر 62 في المئة من المستطلعين أن علاقتهم بالطرف الفلسطيني "سيئة"، فيما وصف 76 في المئة علاقتهم بالشريك المسيحي بـ"الجيدة".

وأعلن 75 في المئة من المستطلعين أنهم يرغبون في المشاركة في الانتخابات النيابية، وبالتالي يرفضون تمديد ولاية البرلمان الحالي للمرة الثانية، علمًا أن حزب الله لم يعلن بعد موقفه النهائي من الموضوع. وبنسبة لافتة، وصف 83 في المئة من المستطلعين أداء الجيش اللبناني بـ"الممتاز"، وهو ما يفسّر، بحسب سليم، «حذر الجماعات السنية من تعاطيها مع المؤسسة العسكرية".

ويخطط 21.2 في المئة من سكان الضاحية للهجرة خلال السنوات الـ5 المقبلة، فيما يؤكد 70 في المئة أنهم لا يفكرون بمغادرة منطقتهم، ووحدهم 22.8 في المئة منهم يرغبون في الانتقال للسكن في شقق أكبر. ويُجمع 73.7 في المئة على أن وضعهم المعيشي في العام الماضي كان أفضل مما هو حاليًا.

الغلبة للانتماء الطائفي
ويفتخر 47 في المئة من المستطلعين بكونهم لبنانيين، بخلاف 45.8 في المئة أعلنوا افتخارهم بانتمائهم إلى الطائفة الشيعية، وقد ارتفعت هذه النسبة بعدما كانت 36 في المئة فقط في السنوات الماضية.

ولم تؤثر التفجيرات التي هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت في العام الماضي على 70.7 في المئة من المستطلعين، الذين اعتبروا أنهم يعيشون في أمان في منطقتهم، وقد قال 52.6 في المئة منهم إن حزب الله هو من يحفظ أمن المنطقة، فيما خالفهم 44.9 في المئة الرأي، فاعتبروا أن الأجهزة الأمنية اللبنانية هي التي تحمي الضاحية.
&