في تسارع خطير للأحداث، وجدت العاصمة اليمنية، صنعاء، نفسها تحت حصار فعلي للحوثيين، الذين أمرهم زعيمهم عبدالملك الحوثي بالتوجه إلى العاصمة تصعيدًا لثورة جديدة.


نصر المجالي: طالب الحوثي باستقالة الحكومة بسبب ارتفاع أسعار الوقود، في وقت أكد فيه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الاستعداد لمواجهة الموقف، مشيدًا بالقبائل التي قال إنها تمثل طوقًا أمنيًا حول العاصمة.

وقال محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي الشيعية، التي تحمل اسم (أنصار الله)، إن العديد من القبائل توافدت إلى صنعاء، ونصبت الخيام في ساحة التغيير في صنعاء، للمطالبة بإسقاط الحكومة ورفض رفع الدعم عن المشتقات النفطية.

كما اعتبر عضو المجلس السياسي للجماعة علي العماد المسيرات والاعتصامات التي بدأت على مداخل صنعاء بمثابة "إنذار أخير" قبل انتهاء مهلة الجمعة لتحقيق مطالبهم.
وعززت تحركات الحوثيين المخاوف من سعيهم إلى توسيع رقعة نفوذهم إلى صنعاء بعدما نجحوا في السيطرة على مناطق شمالية عدة، وفي تحقيق تقدم على حساب آل الأحمر زعماء قبائل حاشد، وعلى التجمع اليمني للإصلاح، وهو حزب إسلامي سني مقرب من الإخوان المسلمين.

رسالة السفراء
وكان عشرة سفراء معتمدين في اليمن ارسلوا رسالة إلى زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، وحملت الرسالة تواقيع رئيس بعثة مجلس التعاون الخليجي وسفراء الكويت وعُمان وفرنسا وبريطانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والسعودية والإمارات والصين، دعوه فيها إلى الالتزام بالمبادرة الخليجية وخريطة الطريق المتفق عليها.

وأكد السفراء دعم بلادهم للرئيس اليمني، وتوجهوا إلى الحوثي بالقول: "ندعوكم إلى احترام القانون وحفظ النظام، ولن تُقبل أي أفعال تهدف إلى التحريض أو إثارة الاضطرابات والعنف، وسوف تتم إدانتها بشدة من قبل المجتمع الدولي. وأعاد السفراء التذكير كذلك بدعوة مجلس الأمن الصادرة بتاريخ 11 يوليو (تموز) التي تطالب الحوثيين بالانسحاب والتخلي عن المناطق التي تم الاستيلاء عليها عن طريق القوة وتسليم السلاح والذخيرة المسلوبة من المنشآت العسكرية إلى سلطات الدولة".

وسرعان ما جاء الرد على الرسالة الدولية بتصريح لمحمد عبدالسلام، الناطق باسم الحوثي، اتهم فيها الدول العشر بأنها "تعترض طريق الشعب، ولم تستفد من الدروس الماضية"، معتبرًا أن تلك الدولة "صادرت ثورة فبراير 2011 وفرضت حكومة على الشعب".

ورفض عبدالسلام دعوات السفراء جماعته من أجل الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها بالقوة قائلًا إن الحوثيين طردوا منها من وصفهم بـ"داعش والقاعدة" على حد قوله، متهمًا الموقعين على البيان الدولي بـ"التآمر" عبر توجيه الرسالة إلى عبدالملك الحوثي، بهدف إحداث فصل بينه وبين "الشعب اليمني"، على حد تعبيره.

اللجنة الأمنية
وكانت اللجنة الأمنية العليا وصفت الحصار المضروب من قبل الحوثيين حول العاصمة بالقول إن "مجاميع من جماعة الحوثي المسلحة قامت بالتواجد المكثف وبأسلحتها المختلفة في منطقة المساجد غرب العاصمة صنعاء، ومنطقة حزيز جنوب العاصمة ومنطقة الرحبة جوار مطار صنعاء ومناطق أخرى، محدثة فزعًا وخوفًا في نفوس المواطنين ومرتادي الطريق، ومارست أعمال النصب للعديد من الخيام على جانبي الطريق.. كما استحدثت المجاميع المسلحة نقاطًا للتفتيش".

ولفتت اللجنة إلى أن وحدات مسلحة من جماعة الحوثي "اعتلت المرتفعات الواقعة على جانبي الطريق.. كما استخدمت المجاميع المسلحة الجرافات والمعدات لإعداد المتاريس والخنادق.. وقد قام رجال الأمن بمنع العديد من الأطقم المسلحة التي حاولت الدخول إلى العاصمة صنعاء".

اجتماعات هادي
ويشار إلى أن الرئيس عبد ربه منصور هادي كان عقد اجتماعًا استثنائيًا مع كبار المسؤولين أدان خلاله ما وصفه بـ"التصرفات الخارجة عن النظام والقانون والمتمردة على مخرجات الحوار الوطني الشامل من قبل جماعة الحوثي".

ودعا هادي إلى "لقاء وطني عاجل" يضم كل الفعاليات الحزبية والسياسية والأهلية في صنعاء "من أجل تدارس الأوضاع الطارئة"، مؤكدًا أن الحكومة ستتخذ "إجراءات حازمة وقانونية وفقًا لما يستجد". وسبق ذلك استنفر هادي قادة القبائل في صنعاء ومحيطها في اجتماع له معهم، وتوجّه إليهم فيه بالقول إنهم "يمثلون الطوق الأمني للعاصمة صنعاء عاصمة دولة الوحدة اليمنية"، في إشارة إلى دور مرتقب للقبائل بالدفاع عن العاصمة في حال تعرّضها لهجوم.

وأعاد هادي إلى أذهان قادة القبائل، مذكرًا إياهم& بدورهم في "إفشال حصار الملكيين لصنعاء في أواخر الستينيات". وفيما اعتبرت رسالة إلى الحوثيين المتهمين بالسعي إلى إعادة الحكم الملكي، الذي كان قائمًا في شمال اليمن حتى ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، أكد هادي أن "الثوابت الوطنية"، وفي مقدمتها النظام الجمهوري، "خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها".
&