يحق للرؤساء والزعماء التمتع بإجازة تعيدهم إلى نشاطهم، إلا أن الصحافة لا تتركهم في حالهم، بل تنغص عليهم إجازاتهم السنوية، أينما قضوها.


إعداد عبدالاله مجيد: نصح الرئيس الاميركي باراك أوباما مرة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي كان حديث العهد في وظيفته، بأن عليه أن يتعلم اقتطاع ما يكفي من الوقت للراحة والاستجمام، كي يعود إلى مشاكله بطاقة ذهنية وجسدية متجددة. وكان أوباما محقًا في نصيحته بطبيعة الحال. فالإجازات الصيفية توفر فرصة ذهبية للهروب من أعباء العمل وقضاء وقت ممتع مع الزوجة والأطفال.

في مرمى السهام

لكن وسائل الاعلام والناخبين الذين يشكلون جمهورها الأساسي لا يحبون غياب القادة عن الساحة وابتعادهم عن رقابة الرأي العام.

ومن يكسبون رزقهم بعرق جبينهم أو بالجلوس مقيدين إلى فأرة الكومبيوتر وأعينهم مسمرة إلى شاشته ينظرون بريبة إلى مسؤول منتخب، يستمتع بحمام شمس على الشاطئ. ويبقى السياسيون مرمى لسهام النقد، سواء أكانوا يستمتعون بالاجازة مثل كاميرون وقبله توني بلير أو يبقون متوترين حتى في الإجازة مثل غوردن براون وقبله مارغريت ثاتشر.

وينتشر قادة الحكومة البريطانية والمعارضة الآن في انحاء اوروبا من اليونان إلى اسبانيا.

لكلّ رئيس بقعته

لدى زعماء اوروبا الغربية على الأقل جوازات سفر، كان رئيس الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلسكوني والرئيسان الفرنسيان السابقان نيكولا ساركوزي وجاك شيراك يستخدمونها للسفر إلى مناطق ساحرة في اجازات باذخة.

ويشاطرهم هذا الشغف بالمنتجعات الفاخرة توني بلير، الذي كانت منطقة توسكاني الايطالية بقعته المفضلة لقضاء الاجازة، في حين تفضل المستشارة الالمانية انغيلا ميركل قضاء الإجازة بالمشي في الجبال مع زوجها الذي لا يراه أحد.

على النقيض من هؤلاء، لا يجرؤ الرؤساء الاميركيون على قضاء الاجازة خارج الولايات المتحدة، وكثيرًا ما يحذرهم معاونوهم من قضائها في أماكن نخبوية يرتادها الأثرياء، خوفًا من انتقادات الصحافة والناخبين.

وشكا الرئيس السابق بيل كلنتون ذات مرة كيف يستطيع أن يمارس صيد السمك إذا كان لا يستطيع أن يرمي سنارة في النهر أثناء الاجازة. لكن كلنتون كانت لديه هوايات اخرى يستطيع أن يمارسها بين جدران غرفة مضادة للصوت، كما لاحظت صحيفة الغارديان. وكان جورج بوش الابن يحب قضاء الاجازة في مزرعته في تكساس.&&

أرض أميركية

وتوصل أوباما إلى طريقة لقضاء الاجازة في الخارج من دون أن يغادر الولايات المتحدة. فهو يأخذ العائلة إلى جزيرة هاواي البعيدة، متعللًا بأنها أرض أميركية. لكن هذا لم يحصنه من الزوابع الاعلامية، كما حدث عندما عاد من هاواي وبقيت زوجته ميشيل، فضجت وسائل الاعلام الاميركية بالتكهنات عن سبب بقائها وعدم مرافقته إلى البيت الأبيض.

وحين قرر أوباما البقاء وقضاء الاجازة في جزيرة قبالة ساحل ماساشوسيتس، أُجبر على قطع الاجازة والتوقف عن لعب الغولف هوايته المفضلة للعودة إلى البيت الأبيض بسبب الاضطرابات التي اندلعت في فرغسون في ولاية ميسوري، عقب مقتل الشاب الأسود مايكل براون برصاص الشرطة.

ويشكو الناخبون من أن اجازات ممثليهم طويلة. في بريطانيا مثلًا، طالبت صحف بينها فايننشيال تايمز بعودة النواب من إجازاتهم ودعوة مجلس العموم إلى الانعقاد قبل انتهاء عطلته الفصلية لبحث الأزمة العراقية والأزمة الاوكرانية.

أزمات أغسطس

وكثيرا ما يفسد آب (اغسطس) اجازات السياسيين اينما كانوا. فالأزمة المالية اندلعت في هذا الشهر وكذلك أزمة السويس عام 1956. وفي آب (اغسطس) 1990، غزا صدام حسين الكويت، وقبله اجتاحت القوات الروسية تشيكوسلوفاكا في العام 1968. وأُقيم جدار برلين في آب (اغسطس) 1961 في حين وقع هتلر وستالين معاهدتهما في آب (اغسطس) 1939. وزحفت جيوش القيصر الالماني غربا في آب (اغسطس) 1914.

أمنية لم تتحقق

ويتذكر كاميرون بكل وضوح أن اعضاء مجلس العموم قطعوا اجازاتهم للتصويت ضد التدخل في سوريا في آب (اغسطس) 2013. ولهذا السبب لا يريد أن يفسد عليهم اجازاتهم اليوم.&لكن يبدو أن أمنية رئيس الوزراء البريطاني لم تدم طويلًا اذا اضطر كاميرون لقطع عطلته ليترأس سلسلة من الاجتماعات الطارئة بعد الاعلان عن قطع مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية" رأس صحافي أميركي.

وكتب كاميرون على حسابه على موقع تويتر "اذا كان هذا صحيحا، فان قتل جيمس فولي عمل فظيع ومنحرف. سأترأس اليوم اجتماعات حول الوضع في العراق وسوريا". (التفاصيل)

واوضحت رئاسة الحكومة البريطانية ان رئيس الوزراء عاد من كورنويل صباحا، مشيرة الى ان الاجتماع الذي يحضره وزير الخارجية ومسؤولون من وزارة الداخلية سيكون فرصة لاستعراض "التهديد الذي يشكله ارهابيو الدولة الاسلامية".