أعلنت مجالس محافظات الوسط والجنوب في العراق عن تعطيل الدوام الرسمي، اليوم الخميس، بسبب الإرتفاع الحاد في درجات الحرارة التي تجاوزت نصف رحلة الغليان، مما جعل البلد يعيش حالة أشبه بمنع التجوال خاصة في فترة الظهيرة.

بغداد:&تعيش بغداد شبه حظر تجوال في نهاراتها يبدأ مع ساعات الصباح الأولى، ويكون كاملاً مع ساعات الظهيرة الصيفية الساخنة جدًا، حيث تخلو الطرقات من المارة وتقل اعداد السيارات في الشوارع وتغلق اغلب المحال التجارية ابوابها.

&ويكاد العابر لا يرى إلا المدن، وقد خلت من أهلها لولا أصوات مبردات الهواء والمكيفات أو مولدات الكهرباء بضجيجها العالي، فيما الاسفلت يتحول الى كتل من لهب يتصاعد مشتعلاً، وترتفع معه الاحاديث عن القيض ودرجات الحرارة التي ترتفع بشكل هستيري مع تعليقات مليئة بالسخرية من (اقتراب الشمس من العراق) الى حد ملامسة أرضه وتأثير المنخفض الموسمي الحراري الذي يؤثر على العراق.
&
واشارت مجالس المحافظات الى أن سبب تعطيل الدوام الرسمي جاء للتقليل من معاناة الموظفين في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.&
&
الحر اللاهب وذكاء الوالي
&
ويتندر العراقيون بحكاية قديمة عن الحر اللاهب في شهر آب، فيقولون: "أن والي البصرة العثماني جلس على اريكته في باحة قصره متذمرًا من شدة الحر فقال لخواصه ما هذا الحر؟ فأجابه أحدهم موﻻنا هذا الحر حتى تنضج عذوق النخيل ويصبح رطبًا شهيًا.
&
وﻷن الوالي وهو ابن تركيا باردة الجو وذكي جدًا، وأراد أن يضع حدًا لهذه الحرارة حبًا برعيته واشفاقًا عليهم، قال لخاصته اقطعوا عذوق النخل!.
&
منخفض جوي حراري&
&
ومن جهتها، قالت هيئة الانواء الجوية إن درجة الحرارة في بغداد ستصل (الخميس) الى 50 درجة مئوية. موضحة أن اجواء البلاد خلال اليومين المقبلين ستشهد استمرارًا بارتفاع درجات الحرارة، لتصل الصغرى في بغداد الى 31 درجة مئوية والعظمى 50 مئوية .
&
واضافت، في بيان، "أن درجة الحرارة تصل الى 50 مئوية في محافظات كربلاء والبصرة وديالى وبابل وواسط، اضافة الى بغداد، مع بقاء درجات الحرارة بين 46 و49 مئوية في المحافظات الاخرى.
&
واشارت معاونة رئيس قسم التنبؤ الجوي فخرية عبد الكريم الى أن سبب ارتفاع درجات الحرارة، هو تأثر البلاد بالمنخفض الجوي الحراري وتعمقه خلال هذه الايام.
&
الطابوقة ... جمرة&
&
ويؤكد محمد ناجي، الذي يعمل في قطاع البناء، أنه قرر أن يعمل منذ الصباح الباكر إلى حد العاشرة صباحاً، وقال: "الحرارة غير معقولة ابدًا ولا يمكن أن نحتملها ونحن في الظل. فكيف ونحن نعمل تحت الشمس مباشرة حيث طبيعة عملنا هذه، فالطابوقة تتحول الى قطعة من جمر بعد الساعة 12 ظهرًا.
&
واضاف: "قررت منذ شهر تموز/ يوليو ومع سخونة الجو أن اعمل منذ الساعة السادسة صباحًا إلى الساعة العاشرة أو اكثر بقليل لأن اشعة الشمس اللاهبة لا ينفع شيء في تفاديها، لا قبعة ولا أي غطاء آخر للرأس فقد سبق في العام الماضي أن تعرضت الى ضربة شمس".
&
تذوب في الحر
&
من جهتها، اكدت شيرين عباس،، موظفة في بغداد، أنها تشعر أنها تذوب في الحر، لذلك تكثر اجازاتها، وقالت: "هذا ليس حرًا... بل موت حقيقي، نخلص من تموز يطلع لنا آب، ويستمر الصيف الى أن يأخذ يحرقنا حرقًا، فأنا اشعر بنفسي اذوب فتجدني جالسة في فم مكيف الهواء، واذا انطفأت الكهرباء تظل روحي (تلوب) تبحث عن نسمات، فالحر هذه السنة لا يرحم".
&
واضافت: "كنا نتمنى أن تعطينا الدولة عطلة مع ارتفاع درجات الحرارة التي وصلت الى الخمسين أسوة بالمحافظات الجنوبية ولكن لا فائدة!".
&
السيارة تنور&
&
أما عبد الكريم صمد، سائق سيارة اجرة، فقد اشار الى أن السيارة تتحول الى تنور وقت الظهيرة، وقال ساخرًا: "هذا الصيف مدمر بالحرارة، ولم اعرف أن الشمس تحب العراقيين الى هذه الدرجة التي تقترب منهم جدًا". واشار الى أنه يعمل فقط في الصباح الباكر وفي الليل .. ويقول : "لا ينفع مع الحر شيء ثم أن الشوارع خالية من الناس الا في اوقات انتهاء الدوام وانا لا اجازف بالخروج لأن السيارة تتحول الى تنور وانا لا اصدق أن درجة الحرارة لم تتجاوز الخمسين".
&
&واضاف: "الله يكون في عون الذين يحصلون على ارزاقهم من العمل في الشارع والذين يجلسون على الارصفة فحرارة الجو لا تحتمل".&
&
أبواب جهنم
&
اما وجيه محمد حسن فقال: "ان هذه الايام يسمونها (طباخات التمر)، وهي في الحقيقة طباخات البشر، وشهر آب اللهاب لا تنفع معه اجهزة تبريد هواء ولا مراوح أو مكيفات، لان الرطوبة ترتفع ويصبح الجو خانقًا فلا نوم في الليل ولا راحة في النهار وكأنّ بابًا من ابواب جهنم فتح علينا".
&
واضاف: "انا موظف واشعر بالتعب من الحر، فالمصلحة التي اعمل فيها تنطفئ فيها الكهرباء كثيرًا ونظل جالسين والعرق يسح من اجسامنا، نحن نطالب الحكومة بعطلة حتى ولو يوم الخميس فقط، لان الحرارة وصلت الى اكثر من 50 مئوية!".
&