أكد الملك المغربي محمد السادس أن المسار التنموي لعدد من الدول الصاعدة يتميّز بظهور أعراض سلبية، تتمثل في توسيع الفوارق بين الطبقات الاجتماعية، مبرزًا حرصه على تلازم التنمية الاقتصادية مع النهوض بأوضاع المواطن المغربي.


متابعة إيلاف: في خطاب وجهه الملك المغربي محمد السادس، الأربعاء، إلى الأمة المغربية، بمناسبة الذكرى الواحدة والستين لثورة الملك والشعب، قال: "اننا لا نريد مغربًا بسرعتين: أغنياء يستفيدون من ثمار النمو ويزدادون غنى، وفقراء خارج مسار التنمية يزدادون فقرًا وحرمانًا".

اضاف الملك المغربي: "في هذا الإطار تندرج برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي عبّرت عدة دول عن رغبتها في الاستفادة من تجربتها، وكذلك الجانب الاجتماعي للمخططات القطاعية، التي تعطي أهمية خاصة للتنمية المحلية والبشرية، ولقد أردنا أن نبين ونؤكد ما هو معروف عن المغاربة، من جد وتفانٍ في العمل، وقد أثبتوا فعلًا قدرتهم على العطاء والإبداع، كلما توفرت لهم الوسائل اللازمة والظروف الملائمة للقيام بأي عمل، كيفما كان نوعه، صغيرًا أو كبيرًا، فكريًا أو يدويًا، رغم آفة البطالة".

الانفتاح عزز المكانة

وقال محمد السادس في خطابه إن المغاربة شعب طموح، يتطلع دائمًا لبلوغ أعلى الدرجات التي وصلت إليها الدول المتقدمة، "وهذا الطموح ليس مجرد حلم، ولا يأتي من فراغ، وإنما يستند إلى الواقع، وما حققه المغرب من منجزات ملموسة، في مساره الديمقراطي والتنموي"، مفيدًا بأنه لا يمكن لأي دولة أن تنتقل بين عشية وضحاها من مرتبة إلى أخرى، وإنما باستثمار التطورات الإيجابية التي راكمتها عبر تاريخها، مضيفًا أن الاقتصاد الوطني عرف تحولًا عميقًا في بنيته، وتنوعًا كبيرًا في مجالاته الإنتاجية، وحقق نسبة نمو مرتفعة وقارة، وتمكن من الحفاظ على التوازنات الكبرى، رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية.

وقال: "ليس هناك نموذج محدد للدول الصاعدة، حيث أن كل بلد يواصل مساره التنموي الخاص، بحسب موارده البشرية والاقتصادية والطبيعية، ورصيده الحضاري، وبحسب العوائق والصعوبات التي تواجهه، "فالمغرب إذا كان يحتاج لبعض الجهود فقط، لمواصلة السير بخطى واثقة، للانضمام إلى الدول الصاعدة، فإن سياسة الانفتاح الاقتصادي قد عززت مكانته كمحور للمبادلات الدولية".

السنوات القادمة حاسمة

وأكد محمد السادس أن المغرب تمكن خلال 15 سنة أخيرة من ترسيخ مساره الديمقراطي، وتوطيد دعائم نموذج تنموي مندمج ومستدام، يقوم على المزاوجة بين المشاريع الهيكلية والنهوض بالتنمية البشرية والمستدامة.

وأوضح الملك المغربي أن توفير الموارد البشرية المؤهلة يعد أساس الرفع من التنافسية، للاستجابة لمتطلبات التنمية، وسوق الشغل، ومواكبة التطور والتنوع، الذي يعرفه الاقتصاد الوطني، مضيفًا أن الحكامة الجيدة هي عماد نجاح أي إصلاح، والدعامة الأساسية لتحقيق أي استراتيجية لأهدافها. كما ذكر بأن المكاسب والمنجزات التي تم تحقيقها لا ينبغي أن تكون دافعًا للارتياح الذاتي، "بل يجب أن تشكل حافزًا قويًا على مضاعفة الجهود والتعبئة الدائمة، والسنوات القادمة ستكون حاسمة لتحصين المكاسب، وتقويم الاختلالات، وتحفيز النمو والاستثمار".

يخلف موعده

وشدد الملك على أن الاقتصاد المغربي إما أن يكون صاعدًا بفضل مؤهلاته، وتضافر جهود مكوناته، وإما يخلف موعده مع التاريخ. وقال إن الاقتصاد يسجل تأخرًا ملحوظًا، بسبب تشتت وضعف النسيج الصناعي ومنافسة القطاع غير المنظم، "وهذا الوضع يتطلب تطوير مجموعات ومقاولات قوية، تعزز مناعة الاقتصاد الوطني، سواء لمواجهة المنافسة الدولية أو من أجل تطوير شراكات مع المقاولات الصغرى للنهوض بالتنمية، على المستوى الوطني".

وأضاف متسائلًا: "إلى أي حد يمكن لنظام الحكامة، في القطاعات الإنتاجية المغربية، أن يساهم في تأهيل وتطوير الاقتصاد الوطني؟"، داعيًا إلى تعزيز الدور الاستراتيجي للدولة في الضبط والتنظيم، والإقدام على الإصلاحات الكبرى، لاسيما منها أنظمة التقاعد والقطاع الضريبي والسهر على مواصلة تطبيق مبادئ الحكامة الجيدة، في جميع القطاعات.