رغم ردة الفعل الكبيرة التي أثارها ذبح صحافي أميركي على أيدي (داعش)، فإن مراقبين يستبعدون أن يعمد الرئيس باراك أوباما لتوسيع الدور العسكري الأميركي في العراق أو سوريا.&

نصر المجالي: يرى مسؤولون أميركيون أنه لا توجد خطط لتغيير كبير في الحملة الأميركية على مقاتلي الدولة الإسلامية الذين استولوا على ثلث العراق أو توسيع نطاق العمليات العسكرية لتشمل سوريا، التي قويت فيها شوكة التنظيم خلال الحرب الأهلية.
وكان أوباما وصف تنظيم الدولة الإسلامية بأنه "سرطان" بفكر مفلس في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء تحدث فيه عن ردة فعله تجاه مقتل الصحافي جيمس فولي.
ونقلت (رويترز) عن مسؤول أميركي اشترط عدم نشر اسمه قوله: "من منظور عسكري، لا أعتقد أن ذلك سيغير من الأمر شيئا. فلم يكن الهدف العسكري قط إضعاف الدولة الإسلامية في العراق والشام"، مستخدما الاسم السابق للتنظيم. وأضاف "كان الهدف حماية أفراد أميركيين ومنشآت أميركية."
ويؤكد قرار أوباما التغاضي عن توجيه رد عسكري مباشر على قتل فولي، وعزوف البيت الأبيض عن التورط أكثر من ذلك في العراق وسوريا.
ولكن بعد فترة وجيزة من حديث أوباما، قالت وزارة الدفاع إن طائرات أميركية وجهت 14 ضربة جوية لأهداف في محيط سد الموصل ودمرت أو أتلفت سيارات (هامفي) وشاحنات ومتفجرات تخص المتشددين.
&
خيارات أوباما
وعلى صعيد متصل، تحدث تقرير نشرته صحيفة (الغارديان) البريطانية، الخميس، عن خيارات اوباما المحدودة لمواجهة الدولة الاسلامية، ويتحدث التقرير كذلك عن الصعوبات التي تواجه الادارة الاميركية وتحد من خياراتها في مواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية".
وتقول الصحيفة إنه من غير المعتقد أن ادارة الرئيس اوباما، تفكر في اتخاذ خطوات عسكرية اكثر شراسة ضد "الدولة الاسلامية" على خلفية قتل الصحافي جيمس فولي.
ويضيف التقرير أنه على الرغم من ان وزير الخارجية الاميركي جون كيري اكد أن "الدولة الاسلامية" يجب ان تدمر، إلا أن مسؤولًا اميركيًا آخر، أكد أن التسجيل المثير للذعر لقطع رأس فولي لم يغير سياسة الولايات المتحدة بخصوص عمليات قصف مواقع "الدولة الاسلامية" التي سيطرت على شمال وغرب العراق مؤخرا.
&
طور التوسع&
ويؤكد تقرير الغارديان أن "الدولة الاسلامية" في طور التوسع حتى اللحظة وتسيطر على المحافظات السنية في العراق ما يجعل امكانية تفكيكها عن طريق الغارات الجوية التي تشنها واشنطن امرا مستبعدا.
ويعتبر التقرير أن افضل الخيارات للإدارة الأميركية حتى الآن، هي القوات المسلحة الكردية "البيشمركة"، بالاضافة الى محاولة تفكيك العلاقات بين "الدولة الاسلامية" وسنة العراق وهو افضل سيناريو يمكن لواشنطن من خلاله ان تسحب البساط من تحت قدمي "الدولة الاسلامية" التي غيرت خريطة الشرق الاوسط.
ويقول التقرير إنه مع بعض الإحباط لدى بعض المسؤولين الإميركيين، الا انهم يؤكدون ان الخيارات امام ادارة اوباما بهذا الصدد ستبقى محدودة، رغم الغضب الشديد الذي ينتاب المجتمع الاميركي بعد اذاعة شريط قتل فولي.
وينقل التقرير عن أحد المسؤولين السابقين في وزارة الدفاع الاميركية خلال فترة حكم اوباما قوله على حسابه في موقع تويتر "إن واشنطن يجب ان تسعى من خلال تحالف دولي لمواجهة الدولة الاسلامية في اطار تقليص مكاسبها التي ربحتها في اراضي العراق وسوريا وبالتالي تقليص خطرها على الدول الغربية".
&
سبل المواجهة
من جهتها، خصصت صحيفة (انديبندانت) اللندنية صفحات كاملة من عددها لتغطية التطورات في العراق، وسبل مواجهة الدولة الاسلامية، منها الصفحة الاولى والتي نشرت فيها خريطة للعراق وسوريا وضحت عليها أماكن سيطرة "الدولة الاسلامية" ومواقع استهداف الغارات الاميركية والمواقع التي تسيطر عليها القوات الكردية "البيشمركة" وعنونت الجريدة لذلك كالتالي "اين نذهب من هذه النقطة؟".
وتقول الصحيفة في صدد التغطية التي نشرت فيها مقالا عن "الدولة الاسلامية" لروبرت فيسك تحت عنوان "كثيرون يعرفون الدولة الاسلامية وقلة تعرف من هم".
وتتابع الصحيفة قائلة "ضحية اميركية، قاتل بريطاني، وشرق اوسط يتغير بينما العالم الغربي متحد بشكل غاضب، وفي هذه الاثناء، يقطع رئيس الوزراء دافيد كاميرون عطلته ويعود الى لندن لمباحثات طارئة مع الرئيس الاميركي، قبل ان ينضم الى قافلة المنددين بقتل الصحافي جيمس فولي، وكل ذلك يؤكد امرًا واحدًا وهو أن قيام دولة الخلافة الاسلامية "المتشددة" مشكلة لا يمكن لبريطانيا ان تتجاهلها".
ويقول روبرت فيسك في مقاله إن مقتل فولي والتهديد بقتل اميركي آخر، لن يغير سياسة اوباما او كاميرون في مواجهة "الدولة الاسلامية"، فالاثنان سيواصلان ما بدأه فعلا من استخدام هذه القتلة البشعة، للتأكيد على ان "الدولة الاسلامية" ليست فقط بشعة ولكن لتأكيد ان قصف مواقعها اكثر اهمية من اي شيء آخر لتركيع هذا التنظيم.
ويضيف فيسك قائلا إن "الولايات المتحدة وبريطانيا تستخدمان ردة فعل "الدولة الاسلامية" العنيفة على قصف مواقعها كمبرر لاستمرار القصف".
&
محدودية القدرات&
ويشار إلى أنه منذ بدأت الانتفاضة على حكم الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2011 شدد البيت الأبيض على محدودية قدرات الولايات المتحدة في توجيه الأحداث في الشرق الأوسط، رغم انتقادات وجهت لرده الضعيف على إزهاق الأرواح.
وخلال ثلاث سنوات تجنب الرئيس الأميركي استخدام القوة العسكرية حتى بعد اتهام الأسد باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين. بل إن المسؤولين الأميركيين حاولوا التوسط في صفقة دبلوماسية بهدف التخلص من مخزونات سوريا من الأسلحة الكيميائية وحققوا نجاحا في هذا الصدد.
وفي العراق حيث أنهى أوباما حربا، قتل فيها ألوف الجنود الأميركيين، وكانت محور السياسة الخارجية الأميركية على مدى ما يقرب من عقد لم يأمر البيت الأبيض بتوجيه ضربات جوية إلا بعد أن هدد الجهاديون بغداد نفسها.
ومنذ الثامن من آب (أغسطس) بدأت الطائرات دون طيار والمقاتلات الأميركية مهاجمة العربات المدرعة وقطع المدفعية وغيرها من الأهداف لدى المقاتلين الجهاديين. ويقول مسؤولون أميركيون إن الهدف هو حماية منشآت أميركية في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراقي والمدنيين في المنطقة وليس تدمير الدولة الإسلامية نفسها.
وقال مسؤول أميركي ثان "استراتيجيتنا هي (مساعدة العراقيين على) دفعهم للانسحاب من الاراضي التي كسبوها."
&
تزايد التهديدات
ومع تزايد الضربات الأميركية تزايدت تهديدات الدولة الإسلامية للولايات المتحدة. ويوم الإثنين توعد التنظيم بإغراق الأميركيين في الدماء. وفي اليوم التالي وقبل نشر فيديو مقتل فولي، حذرت رسالة أخرى من الجهاد ضد أميركا "الصليبية".
ورغم وجود مخاوف منذ سنوات عديدة من أن يشن جهاديون يحملون جوازات سفر أوروبية أو أميركية هجمات في الغرب فقد تحاشت الولايات المتحدة التدخل بشكل واضح في العراق وتركت للقوات العراقية التصدي للمتشددين وهو موقف أيدته استطلاعات الرأي العام عموما.
فعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع لرويترز/إيبسوس في يونيو حزيران أن 55 في المئة ممن شملهم الاستطلاع سيعترضون إذا تدخلت حكومة أوباما عسكريا في العراق. وأوضح الاستطلاع أن 20 في المئة فقط من الأميركيين يؤيدون التدخل العسكري.

تأثير مقتل فولي&
ولم يتضح ما إذا كان مقتل فولي سيؤدي إلى تحول الرأي العام، لكن يبدو أن تأييد العمل العسكري يتزايد. فقد أظهر استطلاع نشرت نتائجه هذا الأسبوع قبل نشر فيديو مقتل فولي أن أغلب الأميركيين يقرون الضربات الجوية التي تشنها الطائرات الأميركية في العراق، وأن عددا متزايدًا يرى أن الولايات المتحدة تقع على عاتقها مسؤولية التصرف في هذا الصدد.
وفي حين أن فرص توسيع الدور الأميركي تبدو ضئيلة في الوقت الحالي، فإن احتمالات انزلاق الولايات المتحدة في الصراع في سوريا والعراق تتزايد مع تزايد خطر الدولة الإسلامية.&
فربما يجبر ذلك المسؤولين الأميركيين على إحياء الخيارات التي قدمها القادة العسكريون في السابق مثل توجيه ضربات جوية في سوريا. وربما تشمل الخيارات الأخرى استخدام الطائرات دون طيار في مهاجمة مناطق في شرق سوريا، لا يسيطر عليها الأسد مثلما يحدث في بعض مناطق باكستان واليمن.
وتعليقا على ما هو متوقع كرد فعل اميركي، قال جيمس جيفري الدبلوماسي المخضرم الذي كان سفيرا لأميركا في العراق من 2010 إلى 2012 "أوباما ينجر إلى ذلك. فرفضه ببساطة لا يمكن الدفاع عنه."
وفي الختام، قال مسؤول أميركي اشترط عدم نشر اسمه "من منظور عسكري لا أعتقد أن ذلك سيغير من الأمر شيئا. فلم يكن الهدف العسكري قط إضعاف الدولة الإسلامية في العراق والشام" مستخدما الاسم السابق للتنظيم".
&