&

انتقل أكراد العراق من مرحلة حراسة إقليمهم، الذي كان يتمتع بهدوء نسبي، إلى الجبهات الأمامية لخوض معارك دامية مع تنظيم "الدولة الإسلامية"، للدفاع عن مناطق شاسعة وسط نقص في التدريب والمعدات. ورغم أن قوات البيشمركة لديها الآن دعم جوي ومعلومات استخباراتية وأسلحة أفضل من السابق إلا أنها ليست مؤهلة بعد للتعامل مع قوات داعش بمفردها.


كبّل تحرك هذه القوات، التي عرفت بنضالها وتمردها، اللذين استمرا عقودًا للحصول على الحكم الذاتي، النقص في المعدات، والجيل الجديد من المجندين، الذين يفتقرون إلى الخبرة في المعركة مقارنة بأسلافهم.

غير متكافئة
وقال مايكل نايتس، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "التدريب محدود جدًا، وفقًا للمعايير الغربية، والتسليح غير متساوٍ، فبعض الوحدات لديها دروع ومركبات ضد الرصاص وأسلحة ثقيلة، ولكن وحدات أخرى، وخصوصًا تلك التي تضم متطوعين، عليهم أن يحضروا حتى عتادهم الخاص".
&
وتواجه قوات البيشمركة عدوًا شرسًا في المعركة، يستخدم مسلحين متشددين خبروا القتال في الحرب الأهلية في سوريا، واستولوا على مساحات شاسعة في خمس محافظات في شمال غرب العراق منذ حزيران/يونيو، قبل أن يوسعوا هجومهم باتجاه مناطق شمال بغداد في مطلع آب/أغسطس الجاري.
&
وتخلى عدد كبير من عناصر الجيش العراقي ببساطة عن أسلحتهم ومعداتهم، وفرّوا في بداية الهجوم، الذي شنه تنظيم الدولة الإسلامية، ما وفّر لهم أسلحة جديدة، وسمح لهم بالتقدم أكثر.

وقال اللواء في قوات البيشمركة كمال سردار إن "عناصر الدولة الإسلامية مدرّبون بشكل جيد، ولديهم أسلحة كثيرة، استولوا عليها من الجيش العراقي". وأضاف "كما إنهم يملكون عنصر المفاجأة، في حين نقاتل نحن بما نملك من عدة". ويقول أنتوني كوردسمان من معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية حول قوات البيشمركة "لديهم الآن دعم جوي، مع معلومات استخباراتية، ومساعدة بالتجهيزات والأسلحة، فهم بحالة أفضل بكثير من السابق". لكنه استدرك قائلًا، إن قوات البيشمركة "ليست القوات المؤهلة للتعامل مع قوات الدولة الإسلامية بمفردها".

أسوأ من صدّام
وفي مؤشر إلى مدى قسوة تنظيم الدولة الإسلامية بنظر الأكراد، قال ضابط آخر في قوات البيشمركة، وهو اللواء عبد الرحمن الكويري، إن "جماعة الدولة الإسلامية، أسوأ من نظام صدام". ويأتي هذا التأكيد من ضابط ينتمي إلى القومية الكردية التي استهدفت بحملات إبادة جماعية من قبل نظام صدام حسين في ثمانينات القرن الماضي.

والبيشمركة التي تعني بالعربية "من يضحون بأنفسهم"، اشتهروا بكونهم مقاتلين أشداء في حرب العصابات، وخاضوا معارك ضد قوات صدام حسين لسنوات عدة، لكن الجيل الحالي جديد، ولم يسبق له خوض حرب العصابات.
&
ويقول كوردسمان "كان البيشمركة القدامى على مستوى أعلى من الاستعداد، مما هم عليه الآن"، مضيفًا أن "البيشمركة واجهوا القوات الاتحادية العراقية في السابق، ودفعوها إلى التراجع عن حدودهم الإقليمية، لكن لم يصل الأمر إلى حد القتال". وأضاف نايتس أن "البيشمركة كسبوا سمعتهم على أنهم مقاتلو عصابات من خبرتهم السابقة، ولا جدال في ذلك". وتابع: "لكن هذه السمعة أُسيء إسقاطها على الجيل الجديد من غير المقاتلين، وتم الافتراض خطأ بأن لديهم خبرات قادة حرب العصابات السابقين".
&
وقال إن "القضية الأخرى تتمثل في أن هناك مناطق شاسعة يتحتم على البشمركة الدفاع عنها". وسمح انسحاب الجيش العراقي الاتحادي للقوات الكردية بالتقدم باتجاه مناطق واسعة في شمال البلاد، طالما كانوا يسعون إلى ضمها إلى إقليمهم، لكن بغداد تعارض ذلك. وبينما أصبح هذا التقدم خطوة في تحقيق حلم طالما راودهم تحقيقه، لكنه وضع على كاهلهم مسؤولية أكبر للدفاع عن هذه المناطق التي فقدوا السيطرة عليها في أول اختبار.

تمويل أكثر
وقال كوردسمان "في السابق، الشيء الوحيد الذي كان يوكل إليهم هو السيطرة على نقاط المرور مع المناطق التابعة للحكومة الاتحادية". وأضاف: "لكن السيطرة على أراضٍ حدودية ممتدة مع الدولة الإسلامية مهمة صعبة جدًا، والوضع التكتيكي أكثر صعوبة".

بدوره، قال جون ديرك، وهو محلل سياسي يعمل لمصلحة مجموعة "أي كي أي" للاستشارات "يحتاج الأكراد من أجل هزيمة تنظيم الدولة الأسلامية مزيدًا من الجنود والمعدات والتدريب، وكذلك مزيدًا من الأموال لدفع مصاريف كل ذلك". وأصبح الأكراد في موقف أقوى مما كانوا عليه بعد حصولهم على دعم دولي بعد تفاقم الأمور وتزايد القلق الدولي حيال التهديد الذي يمثله تنظيم "الدولة الإسلامية".

لكن المساعدة الدولية للأكراد أثارت بعض الاستياء لدى القوات العراقية الأخرى التي تقاتل الإسلاميين المتطرفين في مناطق أخرى من العراق، والتي طلبت هي الأخرى مساعدة الغرب.