&
محمود العوضي &من كان:&قطعت دولة الإمارات منذ تأسيسها خطوات عملاقة في احترام الجاليات المقيمة، وسط اعتراف واضح وصريح بدور هذه الجاليات على الصعد كافة، سواء إقتصادياً أو تعليمياً أو إعلامياً.
ويدرك أبناء الإمارات هذه الحقيقة جيداً، وهم لا يترددون في الإعتراف بأن الشخصية الإماراتية التي تتمتع بالتوازن والإنفتاح على العالم وسعة الأفق، إنما تشكلت بفضل هذا المزيج المتناغم من الهوية الوطنية والتأثير الإيجابي لأكثر من 200 جنسية يعيشون ويعملون على أرض الإمارات.
إلا أن الحقيقة سالفة الذكر لا تعني أن تغيب الهوية الوطنية والبعد المحلي والجانب السياسي كذلك عن المؤسسات الإعلامية والصحف الناطقة بالانكليزية والتي تنشر في الإمارات، صحيح أن جريدة "الخليج تايمز" وهي أول صحيفة ناطقة بالإنكليزية في الإمارات، حيث صدرت في عام إبريل عام 1978 تحظى بشعبية كبيرة في الأوساط الهندية والباكستانية والإنكليزية من المقيمين في دبي وفي الإمارات بشكل عام، إلا أن الجريدة مستمرة في الإبتعاد عن البعد المحلي الإماراتي بصورة واضحة، وبوتيرة متسارعة في السنوات الأخيرة.
&
تجربة واقعية&
ما سبق ذكره ليس تخميناً يقوم على قراءة العدد اليومي للخليج تايمز، بل هناك تجربة مهمة لشاب إماراتي وهو مصطفى الزرعوني، والذي اقتحم العمل في الجريدة، وحصل على منصب مدير تحرير الشؤون المحلية، بعد تجربة كبيرة في صحف أخرى حصل فيها على خبرات جيدة، وخاصة في صحيفة البيان، كما أنه عضو مجلس إدارة جمعية الصحافيين في 3 دورات، ويشغل الآن مركز أمين صندوقها، كما ترأس لجنة التدريب والأنشطة والتطوير ولجنة التصوير واللجنة الرياضية، وله مقالات في صحيفتي البيان والرؤية .&
يقول الزرعوني "تلقيت عرضاً للعمل مديراً لتحرير الشؤون المحلية في الخليج تايمز، وبعد تشاور انضممت للمؤسسة، وكان لدي هاجس فرض الصبغة المحلية في الأخبار، ولكنني واجهت صعوبات كبيرة، حيث تسيطر على الجريدة تحريراً ومالياً وإدارياً عناصر من الجاليتين الهندية والباكستانية، ممن يحاولون الانعزال عن الواقع الاماراتي، حيث لا يتفهمون الجانب المحلي جيداً كما أنهم على صعيد الأخبار السياسية ليس لديهم استعداد كامل لتفهم وجهة النظر الإماراتية والخليجية في كثير من القضايا، فما تبثه وكالات الأنباء يحظى بقدسية خاصة بالنسبة لهم في مثل هذه الجوانب، مما أنهم يحرصون على متابعة أخبار دولهم أكثر من إهتمامهم بشؤون المنطقة، وهذا ما ينعكس على المحتوى التحريري لجريدة إماراتية في نهاية المطاف".
المثير للدهشة أن الخليج تايمز التي توزع ما يقرب من 150 ألف نسخة ورقية، وتحظى بالتوزيع الخارجي في دول الخليج، فضلاً عن متابعة موقعها الإلكتروني من جانب قاعدة كبيرة، وكذلك قوتها من الناحية الإعلانية في ظل عراقة ملحقها الاعلاني، إلا أنها بلا رئيس تحرير منذ فترة طويلة، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام حول الطريقة التي تدار بها.

استقرار ولكن !
الزرعوني بدوره يرى أن الصحافة مستقرة في الإمارات،&ولكنه في الوقت ذاته يقول "البحر الهادئ لا يصنع بحارا ناجحاً، ومع أن &دعما كبيرا من قبل القيادة الاماراتية، فهي تعي أهمية حرية الصحافة وقد أعطتها صلاحيات كبيرة إلا ان الجهات التنفيذية مرتبكة نوعاً ما من دون مبادرات شخصية وتحاول السيطرة على الصحف لعدم تعرضها لأي انتقاد ويستخدمون وسائل ضغط على الصحافيين ويحاول البعض منهم ان يكون لديه علاقة شخصية مع القائمين عليها، وفي الغالب هناك نقص في الصحافيين الميدانيين وخاصة على الصعيد السياسي، &وهو ما يجعل بعض الصحف ومنها الخليج تايمز إعادة نشر ما تم سبق نشره، واللجوء إلى قضايا مثيرة تنشرها مواقع التواصل الإجتماعي، سواء تويتر أو فيس بوك أو غيرها بهدف جذب قراء الموقع الإلكتروني".
&
عائلة كلداري
يذكر أن الخليج تايمز هي أول صحيفة إماراتية ناطقة بالانكليزية، وقد صدرت عام &1978 &بواسطة عبد الرحيم وعبد اللطيف &كلداري، وهما من عائلة عريقة اقتصادياً في إمارة دبي &ولها إسهامات في دعم خور دبي في منتصف الستينيات وبناء الفنادق والبنية التحتية في عصر الراحل الشيخ راشد بن سعيد ال مكتوم حاكم دبي، وفي مقابل عراقة إسهامات عائلة كلداري، فقد كان لهم مثل غيرهم من العائلات والكيانات الإقتصادية الخاصة في دبي نصيب من الدعم الحكومي "من جانب حكومة دبي"، وخاصة في الأزمات الاقتصادية، حيث يملك الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي رؤية خاصة في هذا الجانب، تقوم على إبقاء هذه الكيانات الاقتصادية "الخاصة" قوية، لأن ذلك في يصب في مصلحة دبي والإمارات في نهاية المطاف.
المتابعون للخليج تايمز، يمكنهم رؤية مستوى الصحيفة المتذبذب على مدار 36 عاماً، & وهذا أمر طبيعي في عالم الصحافة، وقد تناوب على رئاسة تحريرها نحو 8 رؤساء تحرير، إلا أنها قضت فترات متفاوتة بلا رؤساء فعليين للتحرير، كما هو الوضع حالياً، &ومن بين الذين تقلدوا رئاسة تحريرها &من محمد المر رئيس مجلس الوطني الحالي عام 1984 وهو الاماراتي الوحيد والبقية كانوا من الجنسيتين الهندية والباكستانية . وفي العام 2005 تم تعيين نبيل المزروعي مديراً ادارياً للتحرير كما هو مسجل في المجلس الوطني حينها كان هناك رئيس تحرير هندي وتم الاستغناء عن خدماته عام 2010، &ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن يتولى مقاليد الأمور مدير تحرير تنفيذي من الجنسية الهندية، تجاوز من العمر 62 عاماً.
عائلة كلداري التي أسست الصحيفة في السبعينات من القرن الماضي، كانت شاهداً على مراحل الصعود والهبوط التي في الصحيفة، ولكن فترة ما بعد عام 2003 شهدت ومع ترأس محمد كلداري لها&عمل الجريدة العريقة بمنطق الذارع الاعلامي للعائلة، وتهاجم بعض الجهات والأشخاص بدافع شخصي، وهو ما لا يتفق مع أبجديات وأخلاقيات الصحافة والإعلام، وفي ما بعد وعلى إثر أزمة مالية دخلت حكومة دبي لتحصل على أسهم في الصحيفة، وتصبح شريكاً في ملكيتها.
&
أين المجلس والوزارة ؟
بعيداً عن الشأن المتعلق بملكية الصحيفة، وبالعودة إلى الجانب المتعلق بالتحرير، ثمة سؤال يطرحه الزرعوني، ويحاول الاجابة عليه، "أين المجلس الوطني للإعلام ووزارة الخارجية مما يحدث؟" عن ذلك يقول "دور المجلس الوطني للإعلام معروف ومدون قانوناً، ولكن يجب أن يكون أكثر فعالية وتأثيراً، &خاصة أنه لا يتدخل في المحتوى الذي ينشر، ويقوم المجلس بالتنسيق بين رؤساء التحرير والوزراء في حال طلب أحد الوزراء الاجتماع بهم، وبالنسبة إلى وزارة الخارجية فالتنسيق معها قليل جداً فليس هناك تواصل مستمر ومباشر معها حيث ان الإعلام في الوزارة لا يبادر في التواصل مع الصحف ولا يرغب بعلاقة مباشرة وفعالة مع الجهات الصحافية .&
ويختتم الزرعوني متحدثاً عما إذا كان يحلم برئاسة تحرير الصحيفة يوماً ما لكي يحصل على الصلاحيات الكاملة التي تجعله يعثر على الإمارات في الجريدة، فقال &"رئاسة التحرير مسؤولية كبيرة، &وخاصة في الوقت الحالي الذي يحمل في طياته تغيير نمط إعلامي كان سائداً في الدولة لفترات طويلة، &حيث إن أغلب الصحف تتطور بصورة لافتة، ولكن بعضها لا يواكب المتغيرات في المنطقة حيث نحتاج صحفاً تحاكي التحرك الفكري المتسارع وخاصة على المستوى السياسي، أما عن هذا الأداء والفكر النمطي التقليدي فلن يجدي نفعاً، &ويبدو أن بقاء الخليج تايمز بلا رئيس تحرير فعلي، سوف يكون له آثار سلبية على واقعها ومستقبلها، وكل ما نسعى إليه أن نجد الهوية الاماراتية حاضرة على صفحات الجريدة، حتى وإن كان القارئ من الجاليات المقيمة".
&