أعلن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أن واشنطن تدعم نظامًا فدراليًا في العراق، حيث قتل سبعون شخصًا على الأقل برصاص أطلقه عناصر ميليشيا شيعية على مصلين في مسجد سني في شمال شرق بغداد. واعتبرت واشنطن قتل الصحافي الأميركي جيمس فولي "هجومًا إرهابيًا" على الولايات المتحدة، مصعدة بذلك المواجهة مع تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يسيطر على منطقة واسعة في العراق.


واشنطن: قال مساعد مستشار الأمن القومي بن رودس "حين ترون شخصًا يقتل بهذا الشكل الفظيع، فهذا الأمر يشكل هجومًا إرهابيًا على بلادنا"، مؤكدًا أن "مناقشات مكثفة تجري لما هو ضروري للرد على هذا التهديد".

ومنذ الثامن من آب/أغسطس، شنت الولايات المتحدة أكثر من تسعين غارة جوية على شمال العراق، مستهدفة مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية، وخصوصًا حول سد الموصل الاستراتيجي، الذي استعادته القوات الكردية والعراقية الأحد. من جهته، أدان مجلس الأمن الدولي الجمعة "القتل الجبان والشائن" للصحافي الأميركي. وقال أعضاء المجلس الـ15 في بيان صدر بالإجماع إنهم "يدينون بقوة القتل الجبان والشائن لجيمس فولي" بيد الدولة الإسلامية.

رد على استهداف
وفي محافظة ديالى، التي تعتبر عراقًا مصغرًا، لكونها تضم خليطًا من القوميات والأديان والمذاهب التي تعيش في أرض الرافدين، قال ضباط في الجيش والشرطة العراقيين إن مسلحين في ميليشيا شيعية أطلقوا الجمعة النار على مصلين في مسجد سني، ما أدى إلى مقتل سبعين شخصًا. ووقع الهجوم على مسجد مصعب بن عمير في إحدى قرى منطقة حمرين التابعة لمحافظة ديالى على أثر مقتل مسلحين شيعة في مواجهات في المنطقة عينها. وقالت مصادر أخرى إن السبب يعود إلى استهداف عناصر ميليشيا شيعية بقنبلة.

ويمكن أن يؤجّج هذا الحادث التوتر الطائفي، ويزيد من غضب الأقلية العربية السنية على الحكومة التي تهيمن عليها الغالبية العربية الشيعية، في الوقت الذي تحتاج فيه السلطات تعاون هذه الأقلية في التصدي لمسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف. وشن هذا التنظيم في التاسع من حزيران/يونيو هجومًا كاسحًا على مناطق شمال بغداد وغربها وشرقها، وسيطر على مناطق في خمس محافظات، بينها ديالى.

وأدانت الولايات المتحدة الهجوم "العبثي والبغيض" على المسجد السني، ودعت جميع القادة العراقيين إلى التصدي معًا للتطرف الإسلامي. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية في بيان على "الحاجة الملحّة للقادة العراقيين من كل الاتجاهات السياسية إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل المساهمة في توحيد البلاد ضد كل المجموعات العنيفة المتطرفة".

وأضاف البيان "ندعو جميع القادة العراقيين إلى تشكيل حكومة جديدة وفقًا للمهل الدستورية والوقوف ضد كل المجموعات العنيفة المتطرفة". ومساء الجمعة، أعلنت الوزارة عن محادثات هاتفية بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره العراقي هوشيار زيباري، اتفقا خلالها على "وجوب التقدم سريعًا نحو تشكيل حكومة" في بغداد.

تهديد مشترك
وقد أعرب زيباري عن "تعازيه الحارة لمقتل الصحافي الأميركي جيمس فولي بوحشية من قبل الدولة الإسلامية"، بينما قدم كيري "تعازيه لمقتل العديد من العراقيين من كل الطوائف ومن كل الإتنيات في الهجمات الوحشية التي تشنها الدولة الإسلامية".

وقد أكدا أن "العراق والولايات المتحدة والمنطقة والأسرة الدولية يجب أن يقفوا جنبًا إلى جنب من أجل مواجهة هذا التهديد"، حسب بيان الخارجية الأميركية. وكانت الحكومة العراقية توجهت بعد اندحار القوات النظامية العراقية أمام هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية"، إلى الميليشيات الشيعية، التي كانت حاربتها، طلبًا لدعم قواتها. وبعد ساعات، أكد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة أن الولايات المتحدة تدعم نظامًا فدراليًا في العراق، ودعا إلى وحدة البلاد التي تعاني انقساما كبيرا.

وفي مقال نشر في صحيفة واشنطن بوست، يقترح بايدن، الذي يؤيد منذ فترة طويلة، خطة تقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي للشيعة والسنة والأكراد، "نظام فدرالي فعال" كوسيلة لتجاوز الانقسامات في العراق. وكتب نائب الرئيس الأميركي إن خطة من هذا النزع "ستؤمّن تقاسمًا عادلًا للعائدات بين كل الأقاليم، وتسمح بإقامة بنى أمنية متمركزة محليًا، مثل حرس وطني لحماية السكان في المدن، ومنع تمدد الدولة الإسلامية، وفي الوقت نفسه (تضمن) حماية وحدة وسلامة أراضي العراق".

الكربلائي: لفك حصار آمرلي
وشنت قوات الجيش العراقي والبيشمركة الكردية عملية مشتركة فجر الجمعة لاستعادة السيطرة على ناحيتي جلولاء والسعدية في محافظة ديالى (شمال شرق بغداد) اللتين تمكن مسلحو الدولة الإسلامية من فرض سيطرتهم عليهما في مطلع الشهر الجاري. والعملية المشتركة بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة هي الثانية بعد سد الموصل، الذي استعادته من الدولة الإسلامية الأحد الماضي.

وتمكنت قوة مشتركة من البيشمركة وقوات مكافحة الإرهاب الاتحادية بغطاء جوي أميركي من تحرير سد الموصل العملاق من سيطرة عناصر الدولة الإسلامية بعد معارك استمرت يومين.

من جهة ثانية دعا الشيخ عبد المهدي الكربلائي وكيل المرجع الكبير آية الله علي السيستاني الجمعة إلى التحرك لفك الحصار، الذي يفرضه مقاتلو الدولة الإسلامية على ناحية آمرلي التركمانية، التي تقع على بعد 75 كلم جنوب كركوك. وصمدت هذه البلدة الواقعة على بعد 160 كلم شمال بغداد أمام محاولات الدولة الإسلامية لاحتلالها منذ شهرين، على الرغم من قطع المياه والطعام وتطويقها من جميع المنافذ.