أكد عدد من المحللين السعوديين، أن زيارة أمير عبد اللهيان مساعد وزير الخارجية الإيراني للسعودية، قد تأتي في سياق إعادة تشكيل العلاقات الخارجية في المنطقة، لاسيما في مواجهة الخطر الإرهابي المتمدد في المنطقة، فضلا عن فشل تجربة إيران في الانفراد بالعراق وحدها، الى جانب تنامي الدور السعودي واستعادة توازنه وبالتالي قدرته على إدارة الكثير من الملفات بشكل مختلف، وهو ما جعل إيران تقدم على هذه الخطوة.


الرياض: ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية، أن عبد اللهيان غادر طهران يوم الاثنين 25 أغسطس، متوجها إلي الرياض لإجراء محادثات ثنائية بين البلدين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، و تعتبر زيارة عبداللهيان هي الأولى لمسؤول إيراني منذ انتخاب حسن روحاني رئيسا لإيران عام 2013 ، فيما لم تصدر وكالة الأنباء السعودية الرسمية حتى وقت متأخر من مساء الاثنين، أي أخبار عن وصول اللهيان للرياض، إلا أن مراقبين أشاروا إلى أنّ المسؤول الإيراني قد يصل السعودية يوم الثلاثاء 26 آب (أغسطس).

هذا وتتباين كل من الرياض وطهران بشكل حاد في كثير من القضايا الإقليمية لكنهما رحبا هذا الشهر بتعيين رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

فشل في العراق

الكاتب السياسي السعودي، جاسر الجاسر، أوضح أن زيارة عبد&اللهيان تأتي في إطار التحولات الكثيرة التي تشهدها المنطقة، ما جعل إيران تفكر في إعادة تشكيل علاقتها بالمنطقة لاسيما بعد ان فشلت في الانفراد بالعراق وعدم قدرتها على السيطرة حيث ولًدت سياسات المالكي احتقانًا طائفيا حول العراق من ذراع لإيران إلى خنجر يهدد أمنها.

وأشار الجاسر في حديثه لـ "إيلاف" إلى أنّ زيارة مساعد وزير الخارجية الإيراني تعتبر حلقة من لغة جديدة بدأت تتشكل، خاصة بعد تزايد تهديدات الجماعات الارهابية في العراق والتي باتت تشكل خطرا على المنطقة بأسرها، مشيرا إلى ان هذه الزيارة لن يكون لديها اعلان او بيان و انما عبارة عن خطوة تشاورية داخلية قد تمهد لخطوات اخرى.

ذات مسارين

د. محمد صقر السلمي، الخبير في الشؤون الإيرانية، أوضح أن "زيارة عبد&اللهيان يمكن قراءتها في مسارين، الاول انها قد تكون بداية لفتح قنوات حوار مع المملكة، لاسيما بعد تعيين السفير الإيراني حسين صادقي الأسبوع الماضي، والذي كان سفيرا لطهران ابان فترة رئاسة محمد خاتمي، بحيث يمكن ان تكون الزيارة لبحث نقاط الاختلاف والتي ستكون جميعها على الطاولة، بعد جدولتها بدءا من الاولى فالاولى، او البدء في الخلافات الأقل".

وأشار الصقر في حديثه لـ "إيلاف"، إلى أن المسار الثاني يكمن في وجود تطورات سربتها بعض وسائل الاعلام الإيرانية، وهي ما حفزت إيران للقيام بهذة الزيارة المفاجئة، ورفض الصقر الافصاح عن مضامين هذه التسريبات بحجة عدم استباق الاحداث، الا انه اكد ان زيارة اللهيان تأتي بلا شك لتمهيد وتنسيق زيارة وزير الخارجية الإيراني.

لنسمع ما عندكم!

من جانبه، أكد الكاتب والمحلل السياسي جمال خاشقجي، أن محور زيارة المسؤول الإيراني سوف تتركز غالبا على الوضع في العراق وتهديدات الدولة الاسلامية، مشيرا في حديثه لـ "إيلاف"، إلى ان "هناك قضايا خلافية كثيرة بين السعودية وإيران، ولكن ماهي القضية الجديدة والملحة والخطيرة التي تقلق البلدين؟ بالتاكيد هي العراق وما يحدث فيه من تمدد لنفوذ الجماعات الارهابية".

إلا أن خاشقجي بدا متشائما وغير متفائل من هذه الزيارة وما قد تحققه من مكاسب، بسبب المساحة الهائلة من عدم الثقة القائمة بين البلدين، لاسيما - بحسب خاشقجي - ان إيران تتصرف بانانية وتتعامل بخبث سياسي، مضيفا "انا اعتقد ان السعودية ستتعامل مع الإيرانيين بطريقة لنسمع ماعندكم، و انا غير متفائل بان يتطور هذا اللقاء الى تعاون مشترك، فإيران مازالت تمول وتدعم وتؤيد زعزعة الامن السلمي في العراق وكان اخرها ما جرى من مذبحة في مدينة ديالي العراقية، وختم خاشقجي حديثه بالقول "إيران لديها عادات تحتاج الى وقت للتخلص منها، حتى يمكن ان تقبل كشريك في المنطقة".

تجدر الاشارة، إلى أن زيارة حسين أمير عبداللهيان إلى السعودية، تاتي في وقت تشهد فيه المنطقة تشكلاُ جديداً لمواجهة الارهاب، حيث استضافت المملكة هذا الاسبوع الاجتماع الخماسي في جدة، والذي شاركت فيه، إضافة إلى السعودية، كلٍ من الإمارات وقطر ومصر والأردن، و جرى فيه التباحث في حل الأزمة السورية وفي مواجهة الخطر الارهابي المتمدد في المنطقة، وهو ما يفسر زيارة عبداللهيان السريعة والمفاجئة والتي تأتي للوقوف مبكرا على الموقف السعودي وعلى ما يجب أن تكون عليه الأمور في المرحلة المقبلة، بحسب مراقبين.